عزيزيالقاريء استلمت عبر البريد الاليكتروني بعض المتابعات والتعقيبات سيتم نشرها تباعا إن شاء الله. هذه الكلمات جاءت في صدر الكتاب الذي صدر مواكبا للعرض المفاجأة للفنان مصطفي عبدالمعطي »تقوم التجربة الابداعية عند الفنان مصطفي عبدالمعطي علي شمولية الرؤية المترامية الابعاد بأبجدية تجريبية شديدة الخصوصية هندسية المقاصد، يخرج فيها العمل الفني من مصنف الحدود الحاسمة بين التصوير والنحت، توالت التجارب مرورا بالتنقيب في الاشارات والرموز الرياضية والفلكية والسحرية، بحثا عن أبجدية ميتافيزيقية وتوازي مع التصوير سلاسة في فن الرسم كفن مكتمل، له اصول واحكام، وتدور تجربة الفنان في الذاكرة الفرعونية وطبيعة مخلصة الي اقصي حدود وتفاعلت تجربته وتفاقمت لتصل الي اطلاق العنان للبعد الثالث، ليتسيد الموقف، ولا مناص في ان يتحول هذا التجسد، الي اعمال نحتية، تفاجئنا بملكة فاعلة، كمن يمارس النحت منذ امد بعيد وهو يثبت بهذا أن ذاكرته البصرية تحمل مساحة عريضة من المخزون الثقافي والفني. ان تجربة النحت عند الفنان مصطفي عبدالمعطي هي إرث له أصول ارابيسكية وفرعونية وشعبية، وهي مقدرة تعبر عن اقتداره ووصوله الي اعلي درجات الموهبة التي تعطي للفنان بلا حساب ما تمليه ارادته. ان الفنان مصطفي عبدالمعطي من فناني مصر القلائل، الذين يملكون تفوق القدرة النادرة، التي تتيح له أن يوضع في مصاف الفنانين العالميين« توقيع الفنان فاروق وهبة، كلمة بليغة عن اعمال الفنان، من الصعوبة اختزال تجربة الفنان مصطفي عبدالمعطي التي تجاوزت الخمسين عاما في مقال ولكن سأحاول اقتناص المحتوي البنائي لمفردات الفنان بصفتي صديقا له منذ عام 1973 عندما كنت بأسبانيا للدراسة وفي ليلة طرق باب الشقة بمدريد وفتحت ووجدته يعرفني بنفسه، ومن هذه اللحظة امتدت علاقتنا اكثر من صداقة لذا استطيع ان أتلمس عالم مصطفي الفضائي الذي شكله علي أسطح مرتفعة في تجانس وتوافق فريد.. وتميزت مصفوفات العناصر بأنها آتية من مخزون ثقافي ممتد من الحضارة المصرية ليس فقط في الاشكال ولكن في الثبات والرسوخ والشموخ وهي صفات الفن المصري القديم، وامتدت تجربة الفنان ذات البعدين علي المسطحات الورقية والقماش عقودا متصلة في حالة متواترة بين المد والجزر في المعالجات الفنية الرائعة وبين عمق الصياغات التي برع في انشائها وخلق متوالية لونية متباينة ومتآلفة في نفس الوقت باقتدار، وتمكن الفنان من ادواته وجلاء افكاره أدي بالفنان الي إحداث حالة من العمق اللا نهائي وتحويل العناصر الي تجسيد محسوس ليؤكد هذا العمق في فراغ مسطح وعميق في نفس الوقت وهذه هي المعادلة البصرية الصعبة التي تحققت في اعمال الفنان عبر عقود متصلة، والمتابع لمعرضه قبل الاخير وكان »رسما« بالاسود علي فضائيات بيضاء يكتشف في نفس اللحظة انها اعمال نحتية عملاقة تأتي من فضاءات اعماله الملونة، لذا جاءت المفاجأة التي مهد لها بهذا المعرض السابق ليحولها الي أعمال نحتية ذات الابعاد الثلاثة وجميعها مسبوكة من خامة البرونز النبيلة، جمع الفنان خلاصة رحلته الطويلة اشكالا ومضامين في هذا العرض النادر، كونه مفردات شاهدناها علي مدي عقود ملونة ومرسومة.. هي نفسها نشاهدها مجسمة. من الصعوبة يأتي هذا التحول لانه آت من تجربة مسطحة البعدين لها قوانينها ومعايير بنائها وناتجها الجمالي، يقول الفنان »انها محاولة لتجسيد البعد الانساني في الحياة المعاصرة.. نهر الفن تهنيء الفنان علي هذه المفاجأة الابداعية غير المسبوقة في الحركة الفنية المصرية والعربية.