جاء معرض الفنان طه حسين الأخير يحمل إشارات متعددة نذكر بعضها.. الفنان طه حسين بأعماله المتوالية يؤكد دائماً الإصرار علي البحث والتعمق في بناء أركان شخصيته ورؤيته الفنية وهذا مد مستمر منذ عقود.. وأصبحت مفرداته التشكيلية ومعالجاته التشكيلية أعمدة بناء لرؤيته وأسلوبه المتفرد.. وهذه صفة من صفات الأصالة الإبداعية، وتكشف عن قدرات فنان كبير وأستاذ لأجيال متعددة، وجدير بالإشارة أيضاً شمولية الفنان متجولاً بين التصوير ذات البعدين، والرسم، والجرافيك، والخزف والنحت الخزفي، أمثال القليل من الفنانين في العالم، فهي موهبة ذات أبعاد جينية خاصة لا يمتلكها أي فنان، ولم تأت الذات الفنية للفنان من فراغ، فالفن الإسلامي بأبعاده البنائية الهندسية والجمالية يعد أحد المرجعيات الهامة بالإضافة إلي علاقته الوطيدة بمتابعة ما يجري في العالم.. وهنا نكتشف أيضاً عمق ثقافته وقدرته الإبداعية التي عمقت رؤيته الذاتية في الفن دون أن يكون مقلداً أو مقتبساً.. وأشير إلي هذه القيم حتي يتأمل شباب اليوم مسيرة فنان يعد أحد أعمدة الفن المصري المعاصر، ويقول عنه »بيرنت دامكة«: ».. فما تراه لأول وهلة من ارتداد بلا دافع وراؤه، أو قفزة إلي مجال عمل آخر إنما هو درب من استجواب النفس، يأتي بنتائج كثيرة، مثيرة تنصب في الخبرات ذات مغزي وأحياناً ما ننسي أن كل مرحلة من مراحل إبداع طه حسين، إنما تتفاعل مع تطور الفن المصري المعاصر، وهي بذلك تقدم حلولاً تحتل مكانتها علي الصعيد العالمي«. وأقام الفنان طه حسين أكثر من ستين معرضاً بمصر وبعض دول العالم، بالإضافة إلي المشاركات المحلية والعربية والعالمية الكثيرة، وحائز علي جائزة الدولة التقديرية وجائزة النيل، بالإضافة إلي جوائز محلية ودولية نذكر بعضها »جائزة تقديرية عام 8691 »سان فيرمير«، جائزة بينالي القاهرة الدولي في التصوير عام 5891، جائزة التصوير ببينالي »نيودلهي«، جائزة الجرافيك بالمجر«. ومن أهم المقتنيات »متحف الفن المصري الحديث، متحف فولكونج أسن بألمانيا، متحف أويلاكا هاوس ميونيخ، بالإضافة إلي مقتنيات خاصة ببعض الدول ومصر« ويقول عنه الناقد صلاح بيصار: »وقد استوعب الفنان طه حسين بقدرة فائقة ورؤية حديثة قوانين الفنون البصرية عن طريق تجاربه المتعددة بروح المغامرة والبحث والاستكشاف وتأصيل أبعاد إنتاجه واستلهام تراثه الحضاري العريق، ثم انتقل إلي الأعداد والأرقام العربية يبني منها تشكيلاته وإيقاعاته البسيطة العميقة معبراً عن حركات ديناميكية تحدها تقسيمات.. تبدو متلازمة مع قدرته الزخرفية وتكراره للعنصر الواحد بأشكال متماثلة يتخللها تكبير وتصغير لنفس العنصر..« فضاء المسطح عند الفنان يحمل رؤية فوقية أحياناً كأن المتلقي عليه أن يصعد إلي ما فوق الرؤية.. مصفوفة من المفردات كالشبكية أو النسيج المتماسك والمفرغ يتخلل هذه الشبكية شخوصه أو مفرداته الإنسانية كأنها جين يكبر ويصغر ويمتد في هذا الفراغ الذي يتحول إلي معزوفة تجذب المتأمل وتدغدغ مشاعره ليسايرها ويعيش ويتحول المشاهد إلي مستكشف يحوم بين فضاء مفعم بالجمال وعميق الإحساس والغموض الساحر أحياناً، ويبدو للوهلة الأولي تلقائية الفنان ولكن التعمق في الرؤية ومحاولة الكشف عن هندسة الفنان في بناء الفكرة علي المسطح نجد أن الفنان يمتلك قاعدة داخلة حكيمة البناء وتمكن من جغرافية أرض اللوحة أو ما يسمي بالهندسة الكونية.. خبرات ومرجعيات دمغتها في الذاكرة البصرية تجاربه المتعددة وثقافته الموسوعة وإيمانه بإبداعه الفني وهذه هي الإرادة الإبداعية.