صورة الواقع الحالي علي الساحة السياسية، لا تبعث علي الانشراح، ولا تدعو للتفاؤل، ولا تسر البال أو تريح الخاطر، لأي متابع لما يجري فيها من أحداث ووقائع مشتعلة أحيانا، ومتفجرة أحيانا أخري، في ظل ما تراه وتلمسه من تصاعد في حالة الاحتقان الحادة، بين القوي والتيارات السياسية المتواجدة والفاعلة علي هذه الساحة. وتكفي نظرة واحدة وسريعة علي هذا الواقع، كي ندرك استفحال الازمة القائمة بين طرفي المعادلة السياسية، المؤيدين والمعارضين للسلطة، واتساع هوة الخلاف بينهما، حول كل القضايا الرئيسية، والأمور الجوهرية موضع النقاش ومحل البحث، خاصة تلك التي تتصل اتصالا مباشرا ووثيقا بتوجه الدولة ومسارها الوطني في المرحلة المقبلة. وما الخلاف الحالي، حول المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، أو مقاطعة هذه الانتخابات، الا استطراد طبيعي للخلافات التي سبقتها حول جميع الامور والقضايا الاخري، ابتداء من الإعلان الدستوري، ثم الدستور بصفة عامة، وايضا قانوني الانتخابات وممارسة الحقوق السياسية، وصولا الي الموقف تجاه المشاركة أو المقاطعة للانتخابات. وتستطيع القول انه رغم المخاطر القائمة بقرار المقاطعة للانتخابات البرلمانية، الذي اتخذته الاحزاب المشتركة في جبهة الانقاذ بصفة اجماعية، وبالرغم من الخسائر المحتملة من وراء هذا القرار،..، إلا انه لم يكن مفاجأة كاملة أو غير متوقعة. حيث ان المتابعة الدقيقة لما كان يجري داخل هذه الجبهة تكشف بوضوح ان هذا الاحتمال كان مطروحا، بجوار احتمال المشاركة وعدم المقاطعة، وترددت انباء عن ميل بعض الرموز والاحزاب المتواجدة بالجبهة لخوض الانتخابات، ولكنهم تراجعوا عن ذلك والتزموا بقرار المقاطعة حفاظا علي وحدة الصف بالجبهة. وكانت وجهة نظر هؤلاء تري، ان الظروف مهيأة الآن لاحراز نتيجة جيدة في الانتخابات، بالاضافة الي عدم تحبيزهم ترك الساحة خالية امام المنافسين للانفراد بالساحة وحصد مقاعد البرلمان وحدهم. »هذا جزء من الصورة للواقع الحالي، ولكن هناك اجزاء أخري تشكل مجمل الصورة،... وهذا حديث آخر«.