لا أحد يقر الاعتداء علي حرمة الأشخاص سواء بالضرب أو الإهانة أو أي صورة من صور الإيذاء البدني أو المعنوي، وإذا كان النيل من كرامة مواطن جريمة، فإن النيل من كرامة وطن أشد جرما. كلنا يدين حادث السحل للمواطن الذي شاهدناه بالأمس القريب، ولكن في ذات الوقت نرفض بشدة أحداث العنف التي جرت ولا تزال علي أرض الوطن، وإن االذي يثير العجب اولئك الذين يتباكون علي سحل مواطن، ويتاجرون بحادث فردي لازالت ظروفه غامضة، ولا يتباكون علي وطن يحرق ويتمزق علي أيدي مجموعة لا تدرك ذ او تدرك ذ خطورة ما تقدم عليه من أعمال عنف وتخريب خارجة علي القانون، مدعين أنهم يستكملون مسيرة الثورة ذ والثورة منهم براء ذ وكانوا من قبل قد استغلوا انفجار الغضب عقب الحكم بالإعدام علي 21 متهما في احداث بورسعيد وتداعيات الفوضي في أنحاء مصرللضغط علي الرئيس مرسي من خلال الدعوة إلي استمرار الاعتصام حتي تتم الاستجابة لطلباتهم التعجيزية. فهل الثورة التي أبهرتنا والعالم بسلميتها قد دعتهم إلي توفير غطاء سياسي لحرق منشآت عامة وخاصة، والترويع والتدمير، وقطع الطرق والكباري، والإعتداء علي المحاكم ودواوين المحافظات، وبعدها يخرج علينا من يحمل المسئولية كاملة علي رئيس الجمهورية، وداعيا إلي مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس المنتخب. علي الجميع أن يتيقن أنه إذا أسقط الرئيس بغير الصندوق فلن يدوم لمصربعد ذلك رئيس أكثر من شهور وربما أيام، ثم أين إذن الشرعية التي يطالبون بها؟! كم هي متناقضة أقوالهم مع أفعالهم... يقولون أنهم يريدون استكمال مسيرة الثورة، ثم تري أطرافا منهم يدعون إلي ثورة أخري مبررين أنهم يسعون لتصحيح الثورة الأولي، وهل تصحيح الثورة يكون بالانقلاب علي الشرعية، يشتركون في التوقيع علي وثيقة الأزهر التي تدعو إلي نبذ العنف، ثم يدعون لمظاهرات يقولون أنها سلمية، ولكن الواقع يشهد بخلاف ذلك ذ حتي ولو صدقت نواياهم بالرغبة في سلمية مايدعون إليه والمطالبة بالتغييرمن أجل مصلحة البلاد، نقول لهم بأن درء المفسدة مقدم علي جلب المصلحة، وأي مفسدة أكبرمن إراقة الدماء. إنهم يركزون كل أهدافهم في تصيد الأخطاء، وشحن الشعب لإسقاط الآخر- فقد اعترف العديد منهم صراحة بأن هدفهم إسقاط نظام الإخوان - والتحريض في الفضائيات علي التمرد كما حدث في رفض حظر التجوال وقانون الطوارئ- الذي ما أراد الرئيس به إلا حماية البلاد من البلطجية - مبررين للشعب بأن الرئيس كان قد سبقهم في كسر القوانين وعدم احترام القضاء والشرعية حينما أقدم علي عزل النائب العام السابق بالرغم من أن عزله كان مطلبا ثوريا - ولم يستح البعض منهم من المجاهرة بمواصلة أعمال العنف والتخريب والحرق والتدمير حتي يتحقق لهم ما يريدون، ويطالب البعض الآخرمن خلال إحدي الفضائيات بعدم معاقبة الذين استخدموا المولوتوف والشماريخ أمام الاتحادية بدعوي أنهم غاضبون وليسوا مجرمين، إنها دعوة صريحة للفوضي والخروج علي الشرعية، فإما أن يفرضوا رأيهم علي الأغلبية، أو يدعون إلي الفوضي !! وكأنما ينفذون وعد المخلوع الذي قال : أنا ومن بعدي الفوضي !! وهنا أتساءل : لماذا لايفكر أولئك بشئ من الواقعية لاسيما وأننا مقبلون علي مرحلة انتخابية يحتاجون فيها لكسب ثقة المواطن ؟ ماذا قدموا لهذا الشعب ؟!إن نداء العقل والواجب يدعوهم إلي الالتحام بهذا الشعب والعمل بجدية لتقديم خدمات ملموسة للمواطن الذين يزعمون أنهم يتحدثون باسمه، عليهم أن يقدموا العقول علي الحناجر، والفعل علي القول،ومصلحة الوطن علي المصالح الشخصية.. والمسئولية يتحملها الجميع، فالرئيس مطالب بإعطاء ضمانات لحوار جاد يتم الالتزام بنتائجه، وليته أيضا يشكل لجانا تضم كفاءات وخبرات مصرية تعني بالملف الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتعليم والعشوائيات وغيرها من المشكلات التي يعاني منها المواطن الذي طال صبره وقارب علي النفاذ. إذا أدرك الجميع أن الثائر الحق هو من يثور علي الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد كما أشار فضيلة الإمام الراحل شيخنا الشعراوي وكأنه كان يتنبأ بما ستؤول إليه أحوالنا - عندها فقط يبرهنون علي أنهم ثوارا أحرارا، ويريدون بحق إكمال المشوار.