الساعة تقترب من الثالثة والنصف صباحاً عندما لامست عجلات طائرة مصر للطيران مطار أربيل الدولي.. هذا المكان المجهول الذي يقع شمال العراق... بكل ما به من مشاكل ومتناقضات وتحذيرات ... المكان لا يدل انه تابع لهذا النمط من الحياة التي تعلن انفجاراتها كل يوم والناس من أول باب الطائرة تعلو الابتسامة الودودة وجوههم وعبارات الترحيب بالطائرة المصرية نسمعها باللغات الحية كلها وبالطبع باللغة الكردية التي حاولنا أن نفهم مفرداتها إلا أننا فشلنا والجميل أن الناس هنا تعتز تماماً بلغتهم الكردية وعندما يستشعر الحرج ينقلب في الحديث معك إلي العربية أو الانجليزية.. من أول يوم وصلني فيه تقرير القنصل التجاري المصري بأربيل النشيط جداً عمرو هزاع والذي شرح في تقرير واف امكانية التواصل التجاري والاستثماري مع اقليم مستقل ذاتياً من اقاليم الدولة العراقية والذي لا يمت بصلة لكل ما عرفناه عن الشعب العراقي وكان القرار أن نتفاوض لإقامة معرض للمنتجات المصرية بهذا الإقليم المتعطش لكل ما هو مصري والمرحب جداَ بكل ما يحمل اسم مصر من منتجات أو بشر أو حتي هواء مصري.. الناس هنا تتنفس سلاما وتعشق الهدوء وترحب بالغريب دون خوف وطبيعة الارض والجو تساعد علي ذلك فعندما اعلنت المضيفة عن درجة الحرارة التي بلغت 3 درجات اندهشنا لان حرارة اللقاء من البعثة المصرية والاخوة الاكراد غطت علي كل شعور بالبرد... هذا الشعب الكردي الذي عاني علي مر عقود من التنكيل والاضطهاد والقتل بكل الوسائل المشروعة وغيرها... هذا الشعب لم تقع حادثة ارهابية واحدة بفعل كردي.. ولم يقع علي ارض كردستان أي حادثة ارهابية من 5002 وهو شعب له من الحكم الذاتي والسيادة علي ارضه ما يمكنه من تنمية الموارد والتجارة بشكل مستقل مما جعله قبلة لكل باحث عن الاستثمار السليم والمجدي فكل انواع الاستثمار موجودة الصناعي والزراعي والبشري... ولكن من الواضح ان هذه المعلومات لا ترضي الحكومات المصرية او لا تنتبه لها فما تابعته من جهود رجال القنصلية المصرية والتمثيل التجاري لا يعبر بأي حال عن حجم التواجد المصري بكردستان فكما قال قنصل مصر في اربيل سليمان عثمان ان المسئولين عن الاقامة بحكومة كردستان سعداء بان الرقم المصري وصل إلي 0651 اقامة منحت للمصريين ... والغريب ان الحكومة الكردية طلبت من حكومة مصر تسكين 02 ألف فلاح في سهول كردستان الخصيبة و التي تكفي لسد الفجوة الغذائية لسنوات الا ان الحكومة المصرية لم تستجب وفضلت بقاء الشباب علي المقاهي متمتعين بلقب عاطل بعد ان نجح التمثيل القنصلي والتجاري المصري في الغاء نظام الكفيل للعمالة المصرية واصبح المشروع المصري هو ما يكفل العاملين به في هذا الاقليم العزيز. الشعب الكردي يشبه الشعب المصري في كثير من العادات و التقاليد والتشكيل الطبقي الاجتماعي وهذا منح الناس هنا روحا ودودة تجاه كل ما هو مصري ... ولكن سائق التاكسي الذي أقلنا في احدي الرحلات شكي من أن الكردي ممنوع من دخول مصر كسائح ولابد أن يكون رجل اعمال أو تاجرا... وعندما سألت الزملاء في القنصلية أجابوا بنعم فلا تأشيرات سياحية تصدر من قنصلية أربيل وهذا قرار من النظام السابق الذي كان ينظر لكل ما هو قادم من العراق بشكل من الريبة والشك.. وهذا جعل الاكراد وهو شعب يحب الترحال يتوجه إلي الدول المجاورة لقضاء الاجازات دون ان يكون لمصر حظ في هذا الشعب المسالم... قرار يحتاج إلي تعديل وشعب يحتاج ان نفهمه ونتعاون معه ولعل قرار دار أخبار اليوم برعاية الاسبوع المصري في اربيل يكون الخطوة الاولي لكي يعرف المصريون ان هناك شعبا يسعي ان يلتحم مع المصريين ويتلهفون لكل ما يحمل علامة صنع في مصر أو مرسوم عليه علم مصر... يارب اهد حكومتنا إلي ما فيه صالح مصر والعرب.