ما أشبه الليلة بالبارحة ليلة سقوط بغداد بليلة الاندلس الاولي سقطت بغطرسة حاكمها والثانية تسربت من بين يدي ملوكها مملكة تلو الأخري. وما جعلني أربط الحدثين ببعضهما إلا ما سمعته عن الاحتفالية التي اقيمت بميدان سفنكس لاحياء ذكري سقوط الاندلس وهنا ادركت اننا ما زلنا في غيبوبة نبكي علي حالنا او علي ما سقط في القرون الماضية فحالنا اصبح يرثي له فالغرور مسلك الجميع والمغالاة والتشدد في أمور الدين من فتاوي عن جهل وتعصب جعلت الجميع يضع يده علي قلبه اذا كان هذا هو حال من يتحدث باسم الدين فماذا عمن يجهل امره ففي كل يوم تخرج علينا الفتاوي الدينية التي تقلب الدنيا رأسا علي عقب ووصل بنا الامر اننا اخذنا نتباهي بالسباب واللعان وقد يذهب بنا الامر للتكفير. افيقوا قبل فوات الاوان وليتذكر من تولي أمرنا انه ما ازدادت قوي الدولة إلا بتوحد ابنائها وما ضعفت إلا بالاختلاف والفرقة فليصمت الجميع ويعلو صوت العقل بأننا لسنا فرقاء بل اخوة في وطن واحد نخشي عليه من الضياع. وهنا كان لزاما علينا ونحن نتذكر او نحتفل ان نعتبر بدروس الماضي فالتاريخ قاس ولا يرحم أحدا فها هي بغداد تسقط بجهل حاكمها بقوة عدو أعد له العدة وجاء من كل بقاع الأرض للقضاء عليه. فماذا ينفع الصمود او التصريحات بقوة وبسالة شعب لا يعرف عنه شيء جهل امره فقد انهكه في حروب خرج منها صفر اليدين فتسرب اليأس اليه فما عاد يعنيه ضياع وطن وقتل حاكمه علي يد أعدائه كل ما يعنيه من الامر هو لقمة العيش. اما الاندلس التي نحن بصدد ذكراها فليعلم الجميع انها ما فتحت إلا بسماحة الاسلام المغلفة بالقوة وما اضاعها إلا الترف والجهل بالدين وموالاة الاعداء فأخذت ممالكه تتساقط كأوراق الشجر وها هي آخر ورقة تسقط بيد ملك غرناطة بتحالفها مع أعدائه ليسقط آخر الممالك وهي اشبيلية وقبل ان تسقط بأربعين عاما يفتح الله علينا بفتح القسطنطينية فكان لغروب شمس الاسلام علي أوروبا من ناحية الغرب يزامنها شروق عليها من ناحية الشرق فاستبدل الله الذين باعوا بالمجاهدين الذين فتحوا وليعلم الجميع »لينصرن الله من ينصره« وان أمة الاسلام لن تموت.