افتتاح مساجد جديدة وقافلة دعوية بالمنيا لخدمة الأهالي وتعليم الأطفال (صور)    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    تفاصيل إطلاق أول مستشفى افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي كاملا: جميع العاملين روبوتات    محمود فوزي: الدولة لا تقبل ترك مواطني الإيجار القديم دون مأوى    إنذار ب تسونامي بعد زلزال مدمر بقوة 7.5 ريختر في ممر دريك جنوب تشيلي    الإغاثة الطبية في غزة: القطاع يشهد أوضاعا انسانية صعبة مع استمرار القصف    مروعة للغاية.. الحكومة البريطانية تعلق على كارثة المجاعة في غزة    هجوم أوكراني على خط أنابيب نفط روسي يثير غضب المجر وسلوفاكيا    ريال مدريد يخطط للتعاقد مع صفقة جديدة من البريميرليج    انقلاب سيارة محملة بالعنب على الطريق الدائرى اتجاه قليوب    الداخلية تحبط جلب شحنة أقراص مخدرة داخل طرد بريدى    إقبال جماهيري على معرض السويس الثالث للكتاب- صور    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    خطيب الجامع الأزهر يحذر من زراعة اليأس والإحباط في القلوب: خطر كبير يواجه الأمة    الصحة: تقديم 57 مليون خدمة طبية مجانية ضمن حملة «100 يوم صحة» في 37 يومًا    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    الداخلية تكشف كواليس سرقة سيارة مُحملة بحقائب سفر بالسلام    تنفيذ 83 ألف حكم قضائي وضبط 400 قضية مواد مخدرة خلال 24 ساعة    أسرة كاملة تسقط في الترعة.. إصابة 6 أشخاص بحادث انقلاب ببني سويف    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    أفضل فريق لخاصية "وايلد كارد" في فانتازي الدوري الإنجليزي    10 لقطات مبهرة تكشف أسرار الكنوز الغارقة بالإسكندرية (صور)    إيقاعات وألوان وحرف.. قصور الثقافة تفتح أبواب الإبداع أمام مواهب بورسعيد في برنامج مصر جميلة    قانون الرياضة الجديد ينظم تأسيس شركات الخدمات الرياضية بمشاركة الهيئة بنسبة 51%.. تفاصيل    الأردن يدين تصريحات إسرائيلية مؤيدة للاستيطان ويجدد دعوته لوقف الانتهاكات    فورين بوليسي: منطقة "دونباس" مفتاح الحرب والسلام في أوكرانيا    تشكيل بايرن ميونيخ ضد لايبزيج في الدوري الألماني    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية رسميا بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    حريق محدود يؤجل امتحانات مركز تقييم القدرات.. و«التنظيم والإدارة» يحدد مواعيد بديلة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    من أوائل الثانوية بمحافظة شمال سيناء.. وفاة الطالبة شروق المسلمانى    وزير الري: التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في إدارة المياه والتنبؤ بمخاطر المناخ    الاقتصاد المصرى يتعافى    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نخرج من دائرة الاهمال؟!
نشر في الأخبار يوم 12 - 12 - 2012

لاشك أن الأحداث السياسية الجارية أصبحت ركيزة اهتمام كل مصري هذه الأيام ويشعر الجميع بالقلق والانزعاج، آملين أن تنتهي تلك الأحداث إلي ما فيه خير الوطن وبما يحقق آمال الشعب في نظام دستوري وقانوني يحمي حقوق الشعب من حريات وعدالة وأمن، ولو أني لا اتطرق للأوضاع السياسية ولكن أرغب في مشاركتكم سريعا بما يدور في نفسي وتقديري لانطباعاتي لتلك الأحداث وما بها من نواح إيجابية حيث استيقظت مصر بالفعل ولن تنام مرة ثانية أبداً.
هذا الحراك إن دل علي شيء إنما يدل علي حيوية المجتمع ومساهمة الشعب الايجابية للمشاركة في تحديد مستقبل بلده ومستقبل أولاده، إن الحراك يعني الحياة كما يعد أيضا دليلا للوعي الكبير لدي الشعب العظيم الذي سيكون وسيظل دائما هو، وهو فقط، عنصر الأمان، وإني علي ثقة أن الشعب المصري سوف يحافظ علي وطنه وسلامته لما له من تاريخ طويل أثبتت الأيام قيمته وعراقته.
ولكن الموضوع الذي كنت أرغب أن أتحدث فيه باستفاضة له علاقة بالمأساة الكبيرة التي أدمت قلوبنا وهي حادثة ضاع فيها أرواح أكثر من 50 طفلاً في حادث القطار والأتوبيس الذي شهده الوجه القبلي ولا أريد أن يعبر هذا الحادث بدون دراسة للعبر المستفادة منه حتي يمكننا الوصول إلي سياسات إصلاحية بما فيه خير لهذا الوطن وبما يجنب المواطن مثل تلك الكوارث في المستقبل بإذن الله.
القضية في رأيي لها أعماق وجوانب كثيرة، لها علاقة بمفاهيم وثقافات لم تتغير بعد وقد حان الوقت لضرورة التغيير، فالثورة قامت علي كاهل الشباب، فالشباب يريدون ويتطلعون إلي إصلاح جاد للوطن وهو ما لم يحدث إلي الآن ومن الواضح انهم يتقدمون في فكرهم وتصوراتهم للوطن عنا جميعا.
نحن في حاجة إلي إصلاح عميق من الجذور يبدأ بتغيير ثقافة إدارة الدولة وإدارة الموارد البشرية الكائنة بالجهاز الإداري بالدولة.
وأن يمتد هذا الإصلاح إلي المفاهيم والأفكار التي تحكم إدارة تلك المؤسسات التي فقدت تماما كفاءتها وقدرتها علي حماية المواطن وحقوقه وحياته. كما حدث في حادثة القطار والعبارة وحوادث أخري.
وأؤكد أن الفكر البيروقراطي التقليدي في إدارة تلك المؤسسات وضعف الكوادر التي تعمل بها وانعدام كفاءتها ومستويات تعلمها وتدريبها قد جعل كل أوجه الدولة معرضة للكوارث في أي لحظة وذلك في ضوء الافتقار للإدارة العلمية الحديثة وغياب الخبرات المطلوبة، ومن ثم الابتعاد عن الاستفادة من تجارب بلاد كثيرة سبقتنا علي طريق النمو والنهضة وتمتعت بأنظمة مستقرة لسنوات طويلة دون التعرض لحالات من الاضطراب والقلاقل والحوادث.
إن هذا السلوك الذي يسوده الإهمال والتراخي وانعدام الإحساس بالمسئولية والواجب تجاه العمل.. علينا أن نبحث كيف يمكننا التعامل مع أصحابه للتغيير منهم حتي ننهض بتلك المؤسسات مرة أخري لتقوم بدورها الرئيسي كركيزة انطلاق للتنمية الاقتصادية والتقدم والنهضة وهذا بالطبع ينطبق علي جميع مرافق الدولة وهيئاتها من بنية تحتية وتعليم وصحة ونقل وغيرها، ولاشك أن هذا الوضع يمتد أيضا ليطول والأجهزة المعنية برقابة الالتزام وفقا للنظم والضوابط العالمية المعمول بها لضبط الأسواق ورقابة الخدمات رقابة صارمة وبدرجة عالية من الكفاءة بهدف حماية حق المواطن في مختلف أموره الحياتية وحتي يصبح المناخ العام دافعا وجاذبا للاستثمار المصري والأجنبي وأيضا علي مستوي الأفراد.
إن قلب المشكلة هو أن الدولة في حاجة ماسة إلي إعادة النظر في جميع هياكلها التنفيذية وإعادة صياغتها بأسلوب مستحدث لنأتي بعدها مرحلة الاستعانة بالكفاءات المصرية لتقلد القيادات في تلك المؤسسات ومن المهم أيضا حتي تكتمل تلك المنظومة الخلاقة أن يتم إيجاد نظام للعقاب والإثابة للعاملين بالحكومة فمن الغريب أن يستمر المسئول الحكومي أو الموظف في منصبه مهما حدث ومهما طالت المدة ومهما تردي الأداء وفي أحيان كثيرة مهما أفسد هذا الموظف.
إن قانون حماية موظفي الدولة والعاملين بشركات قطاع الأعمال العام حماية غير مشروطة أصبحت هي الآفة القاتلة والحقيقية لبلدنا، وقد آن الأوان أن يتم تغيير هذا القانون وتلك المنظومة بما يسمح بمعاقبة وفصل أي موظف لا يؤدي بما فيه صالح الوطن والمواطن.
لقد أصبح لدينا الآن جهاز إداري يضم نحو 6 ملايين موظف أكثرهم غير أكفاء وبعض منهم فاسدون ورغم ذلك فهم مستمرون في عملهم مما أصبح يمثل وبالاً وخطورة شديدة علي المواطن وعلي الوطن.
إن كلمة حقوق العاملين أصبحت كلمة فاسدة وتستغل في أغراض سيئة حتي أصبح القانون يحمي الفساد والفشل والاستهتار واللامبالاة ولكن عندما يشعر الموظف بأن وظيفته علي المحك وأن المسئول عنه في يده السلطة والإمكانية لفصله من عمله سوف يسرع هذا الموظف لتغيير سلوكه كليا ولن يترك عامل التحويلة موقعه حتي يقوم القطار بدهس أولادنا علي القضبان الحديدية بدون رحمة.
6 ملايين موظف حكومي في مصرعدد منهم لا حاجة لهم أو لا يؤدون واجبهم ويتحكمون في راغبي الخدمة من المواطنين بسلوك متكبر ومتعالٍ، في حين أن عليهم أن يتحولوا لخادمين لهذا الشعب العظيم.
6 ملايين موظف يتقاضون ثُلث موازنة مصر في صورة رواتب أكثرها يتم الحصول عليها بدون استحقاق ، 6 ملايين موظف لا يتخذون أبدا أي قرار حفاظا علي وظيفتهم ولا يبالون بتداعيات إهمالهم وسلبياتهم.
لقد آن الآوان أن يؤخذ العمل بكل جدية وأن تقوم الدولة بمحاسبة جميع العاملين رؤساء ومرؤوسين علي الأداء والواجبات طبقًا لما هو مستهدف منهم لأداء عملهم وبشكل سنوي أو بشكل دوري، ومن لا يمكنه الاستمرار في منظومة العمل الجاد فيجب إبعاده منها، فهناك ملايين الشباب العاطل الذي يتطلع لفرصة عمل وحق في الحياة الكريمة.
مما لا شك فيه أن أجهزة الدولة تحتاج إلي الاستعانة بالشباب لتحديث نظم العمل وبث دفعة قوية من الطاقة والدماء لإعادة الحياة لتلك المؤسسات.
أمر آخر لا يقل أهمية يتمثل في أسلوب عمل الأجهزة الرقابية بالدولة والفكر الذي يحكم تلك الأجهزة وهو فكر يعتمد في المقام الأول علي اصطياد الأخطاء، ومن ثم الدفع بالمسئولين لتجميد أنشطتهم وقراراتهم لتجنب المساءلة وبالتالي افتقارهم للقدرة علي اتخاذ القرار.
إن آفة مصر.. آفة مصر.. آفة مصر.. الخوف من اتخاذ القرار بسبب نظام اصطياد الأخطاء من قبل الأجهزة الرقابية ولو كان هذا المفهوم لمنعت تلك الأجهزة الفساد ومنعت أيضا تدهور كفاءة مؤسسات الدولة.
لقد انهارت معظم شركات القطاع العام بسبب تلك المفاهيم حتي أكل القطاع الخاص نصيبها من السوق واستحوذ عليه بسبب المرونة التي يتمتع بها وقدرته علي الحركة السريعة.
إن الأجهزة الرقابية في مصر هي أجهزة أكثرها بوليسية وتم إنشاؤها لإرهاب المواطن حتي يحافظ الحاكم المستبد علي عرش السلطة وكرسي الحكم فلم يعد الغرض منها تحقيق الصالح العام.
يجب أن تكون ثقافة العمل في تلك الأجهزة مغايرة تماما لما هي عليه الآن فعليها تشجيع اتخاذ القرار والابداع والانطلاق في حين أنها أدت إلي شل حركة الدولة حتي أصبحنا في القاع رغم ما تتمتع به مصر كدولة من قدرات هائلة فأصبحنا في الذيل وتقدمت علينا أهون البلاد وأصغرها.
إن الثورة قامت لإسقاط النظام ولكن هذا النظام الخاطئ ومؤسساته التي تم بناؤها علي أسس وقواعد غير سليمة مازالت تعمل وترهب أي مسئول من اتخاذ القرار حتي كبار المسئولين والوزراء.
إن ثقافة إدارة الدولة في مصر يجب أن تتغير وأن تبتعد عن الإدارة بأسلوب الشك في المواطن لحين يثبت العكس فهذه ثقافة وسياسة قاتلة قتلت البلد وأهلكت أهله ممن يعانون أمر المعاناة في حياتهم اليومية.. يجب أن تتحول سياسة إدارة الدولة إلي سياسة تثق في أمانة شعب مصر وأمانة المسئولين حتي يثبت العكس وهذا هو الفرق بين سياسة النجاح وسياسة الفشل.. إن القرارات الصائبة تحتاج إلي قدر كبير من الشجاعة والجرأة.. شجاعة القائد للإصلاح وإعادة هيكلة الدولة والجرأة لمواجهة المجتمع بالأخطاء ومصارحة أنفسنا بأخطائنا.. إن تغيير الفكر السائد في إدارة الدولة سيأخذنا إلي انطلاقة مصر انطلاقة كبري تحقق فيها مصر وشعبها المكانة الكبيرة التي نتطلع إليها جميعا وتكون ركيزتها شبابنا المبهر العظيم حتي تتقلد مصرنا الغالية وبلدنا الحبيب مركزها الطبيعي والحقيقي بين شعوب العالم والله أعلم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.