تباينت واختلفت اراء القضاة ورجال القانون حول اعتصام قضاة مصر عن العمل بسبب احتجاجهم علي الاعلان الدستوري الصادر من الرئيس محمد مرسي، فالبعض برر اعتصامهم بأنه تعبير عن شعورهم بالتعدي علي استقلالهم واهدار دورهم لحماية حقوق المواطنين وهو ما يمنعهم عن اداء رسالتهم المقدسة.. والبعض الاخر يطالبون بإنهاء الاعتصام باعتبار ان وظيفة القاضي ليست كبقية الوظائف بالدولة وانه يجب علي القاضي عدم التدخل في شئون الحكم والسياسة. يقول المستشار احمد مدحت المراغي رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الاعلي الاسبق..وان ما نمر به الان غير مسبوق لان القضاة شعروا بالتعدي علي استقلالهم واهدار دورهم في حماية الحقوق وصونها الأمر الذي دفعهم الي المطالبة بالغاء القرار الصادر من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بتحصين القرارات الرئاسية الصادرة منذ بداية تولي الرئيس مهام وظيفته واستمرار ذلك حتي صدور الدستور الجديد.. وهذه فترة ليست قصيرة لانه حتي الان لم يتم الانتهاء من وضع الدستور وسيعقب ذلك تصديق رئيس الجمهورية علي المشروع وعرضه علي الاستفتاء الشعبي حتي اذا ما تمت الموافقة عليه ستجري انتخابات مجلس الشعب وهذه المراحل ستستغرق وقتا طويلا ليس بالقصير ولهذا فان القضاة يعتبرون ذلك نوعا من حجبهم عن اداء رسالتهم المقدسة. هذا فضلا عن أن القرار تضمن ايضا اقالة النائب العام وتعيينا آخر دون ان يعرض الامر علي مجلس القضاء الاعلي علي النحو الذي يوجبه القانون وقد حاول القضاة وطالبوا بوقف هذا القرار ولكن لم يستجب لطلبهم وظهر المتحدث الرسمي للرئاسة واعلن صراحة انه لن يتم اعادة النظر في هذا القرار او تعديله او الغائه فسدت الطرق امام القضاة الامر الذي دفع جميع المحاكم الي دعوي الجمعيات الخاصة بها للنظر في هذا الامر الخطير فأقرت الجمعيات العمومية لجميع المحاكم في مصر ابتداء من المحكمة العليا محكمة النقض الي محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية الي تعليق العمل لانها وجدت الاصرار علي بقاء هذا القرار الذي يتضمن اعتداء صارخا علي السلطة القضائية..وهذا لا يعتبر اضرابا عن العمل وانما هو تعليق علي مباشرة الفصل في القضايا حتي يتم الغاء القرار او وقف العمل به علي الاقل.. وهذا ادي الي اوضاع خطيرة وهي تعطيل الفصل في القضايا ومصالح المتقاضين.. واني علي ثقة من ان رئيس الجمهورية سيراعي المصلحة العليا للوطن ويصدر امرا هذا القرار واهيب واناشد الدكتور محمد مرسي وقف العمل بهذا القرار والعمل علي تصحيحه علي النحو الذي يتفق مع صحيح الدستور والقانون. المستشار اسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الاعلي السابق.. أكد ان تعليق نظر الجلسات صدر من الجمعية العمومية لمحكمة النقض والجمعيات العمومية لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وذلك باجراءات صحيحة روعي في انعقادها توفير النصاب القانوني لها بدعوي من رؤساء هذه المحاكم وان الاجراءات التي اتخذت في هذا الشأن تتفق مع صحيح نص الدستور عام 17 ودستور 03 مارس 1102 القائم والمعمول به وهو نفس الامر الذي اكدت عليه جميع دساتير العالم من ضرورة استقلال القضاء وحصانته كضمانات اساسية لحماية الحقوق والحريات وان استقلال القضاء يعني انه لا يجوز لسلطة او لشخص ما في الدولة حتي لو كان رئيسها ان يصدر للقاضي تعليمات او توجيهات في شأن الدعاوي المعروضة عليه.. وانما يتعين ان يترك ذلك لضمير القاضي مستلهما القانون وحده، فاذا كانت هذه هي المباديء الدستورية المتعارف عليها والمستقرة في النظام القضائي كان ما تضمنه الاعلان الدستوري من تحصين لقرارات الرئيس وجعلها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها باي طريقة وامام اي جهة وحذر القضاء من التعرض لهذه القرارات بوقف التنفيذ او بالالغاء كان يتعين معه علي القائمين عليها ان يتخذوا الاجراء الذي ارتأوا صوابه استعمالا لحقهم المنصوص عليه في المادة 02 من قانون السلطة القضائية رقم 64 لسنة 27 والتي تنص علي ان تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف او محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي وعددت عدة اختصاصات من بينها سائر المسائل المتعلقة بنظام المحاكم. وأمورها بها الداخلية فضلا عن حقها في ترتيب وتأليف الدوائر وتحديد عدد الجلسات وايام وساعات انعقادها.. كل هذا حق اصيل للجمعيات.. بموجب قانون السلطة القضائية. ويقول المستشار الدكتور فتحي عزت رئيس محكمة الجنايات ان بالنسبة للاعلان الدستوري فانه بلاشك يخالف جميع المواثيق الدولية والدستورية علي مستوي العالم لانه لا يجوز للحاكم ان ينفرد باصدار دستور يحكم البلاد ولو لمدة ساعة وامر الاعلان الدستوري ينعقد اختصاصه للمؤسسات بموجب استفتاء من الشعب. اما بالنسبة لاستقلال القضاء فهذا امر لا يختلف عليه احد.. ويجب علي جميع القضاة مكافحة هذا الامر بجميع الطرق الا تعطيل مصالح المتقاضين حتي لو نظرت الامور المستعجلة علي وجه السرعة لان صاحب الحق ينتظر بفارغ الصبر الموعد المحدد لجلسته ولا يكون هنا فرق بين مستعجل وامر موضوعي لان القضاة ينظرون في حقوق وتأخير العدل ولو ساعة يقع عبأة الشديد علي رجل القضاء. ويقول المستشار عاصم عبدالحميد نصر رئيس محكمة جنايات القاهرة لابد للعدالة ان تستوجب الاستمرار في عمل القضاة.. باعتبار ان وظيفة القاضي ليست كالوظائف الاخري بالدولة لان هذه الوظيفة في عهد المسلمين الاوائل كانت محل عدم الاطمئنان لها خشية ان يقع القاضي في الخطأ او عدم تحقيق العدالة فيكون حسابه عسيرا في الدنيا والاخرة. واضاف بانه يطالب القضاة ان يستمروا في اداء وظيفتهم السامية لتحقيق العدل بين الناس وبين الاجهزة الحاكمة.. كما ناشدهم بعدم التدخل في اعمال السياسة ويبغون من عملهم ارضاء الله سبحانه وتعالي وتحقيق العدل.. وفي حالة تضررهم من التدخل في شئونهم او التعدي عليهم ان يلجأوا الي القانون باعتباره الضامن لهم حماية كاملة. وقال المستشار عاصم عبدالحميد بانه يجب علي القاضي الابتعاد تماما عن التدخل في شئون الحكم والسياسة والالتزام بالحيدة الكاملة لكي يكون لهم الصلاحية في الفصل في المنازعات التي قد تعرض عليهم مستقبلا بين الناس واجهزة الدولة.