الحياة بغير كرة القدم ينقصها شيء.. وهو شيء كثير.. كرة القدم في مصر صارت أشبه بالهرم أو بنهر النيل.. أي شعور يحس به الواحد منا إذا جاء إلي مصر ولم يجد فيها الهرم أو نهر النيل ؟! الكرة زادت قيمتها وأثرها الايجابي علي الشعب بعد التتويج القاري لثلاث مرات متتالية، والظهور اللافت في القارات وما خلف هذه الانجازات من احتفالات جماهيرية، كانت أشبه بمظاهرات، وثورات سلمية صفق لها العالم ، خاصة بعد أفريقيا 2006 التي كانت نقطة مضيئة، في عشق المصريين للكرة بفضل فكر مهندس البطولات الناجحة هاني أبوريدة، الذي لن أكون مجاملا له إذا قلت : إن ما شهدناه من شكل ومضمون في تنظيم أفريقيا بالقاهرة 2006 لم يكن مختلفا عما شاهدناه في اولمبياد لندن 2012. إن الحياة تغيرت بعد "وفاة" عفوا تجميد الكرة المصرية فقدت ضحكتها الحلوة في المدرجات.. فقدت كلماتها الساخرة بين عشاق الأحمر والأبيض .. فقدت اهتمامها بأن نعرف ونسمع آخر نكتة من أنصار الأهلي والزمالك.. فقدت سعادتها لكل نصر تحققه مصر وفقدت حتي حزنها وتأثرها لأي هزائم تصيب المنتخب الملايين فقدوا الليالي الجميلة، التي كانت مخصصة للاستمتاع بالمباريات.. ليالي يتساوي فيها بلاتر الجالس في قصر الفيفا، وعمو محمدين الجالس في الكوخ بإحدي القري.. الراهبة، والراقصة.. الذين يقاتلون فوق قمم الجبال، والذين يسهرون في صناديق الليالي الحمراء.. الرجال المحافظون، والشبان الذين يرقصون علي أنغام الجازبند.. كل هؤلاء كانوا يتوقفون في ليالي القمة الكروية الساخنة، ويتحولون الي نوع واحد من البشر يجمعهم حب الساحرة المستديرة.. يشعرون مع كل لقاء أنهم جميعا أصدقاء، ومعارف، وأقارب، وأسرة واحدة .. كل واحد من الجماهير فقد من عمره ليالي جميلة كان يمضيها مع معشوقته.. هذه الليالي كانت فيها كرة القدم الكاتب والمخرج والبطل.. تري متي تعود معشوقة الجماهير ؟!