أتمني أن تصدر الكتب التي قدمتها دار »عين« التي أسسها أستاذ التاريخ الكبير قاسم عبده قاسم علي جميع الشباب التواحد للالمام بتاريخ وطنه، خاصة في مراحل تهديد الذاكرة الوطنية مثل التي نعيشها الآن، رغم المكانة التي تحتلها قناة السويس في تاريخنا المعاصر فإن الكتب الموضوعة او المترجمة عنها محدودة جدا في المكتبة العربية. طبعا هناك الموسوعة التي اعدها الدكتور مصطفي الحفناوي قبل التأميم وقرأها جمال عبدالناصر قبل اتخاذه القرار، ولنفس المؤلف كتاب رائع عن »السخرة في حفر القناة« وكلاهما اعيدت طباعته في هيئة قصور الثقافة. قرأت مؤخرا كتاب هام عن حفر القناة صدر عن دار »عين« عن المشروع وتقنيات الحفر. ترجمة الدكتور عباس ابو غزالة. الكتاب وضعته الباحثة الفرنسية نتالي مونتل. ويضم مجموعة من الابحاث قدمت في ندوة نظمتها جمعية ذكري فرديناند دلسبس التي حفظت وثائق الشركة العالمية لقناة السويس البحرية النادرة والتي اعتبرتها منظمة اليونسكو في سجل العالم. المؤلفة تناولت حقبة السنوات العشر التي استغرقتها عمليات حفر القناة. كان حفر القناة عملية كبري، جريئة ومعقدة. لكن لم يكفر احد كيف جرت وكيف سخرت التقنيات المتاحة لإنجاز هذا المشروع الذي كان ضخما ومازال، ماهي الآلات التي استخدمت، ما أنواعها، كيف تم اختيارها. كيف تم اعداد الورش، كيف تم تقسيم العمل سواء بالنسبة للاجانب او للحياة اليومية للعاملين من حيث المعيشة والغذاء والسكن والصحة، الكتاب يعيد خلق التاريخ، ممتع في مطالعة التفاصيل خاصة إن الزمن تقدم وكثير من المعدات التي استخدمت في حفر القناة وكانت من منجزات العلم وقتئذ، اصبحت الآن في المتاحف، إن عملية تنظيم العمل والتي اتخذت من شركات السكة الحديدية مرجعا ونموذجا تحفظ لنا تجربة هامة في التاريخ، اخيرا، جال بذهني خاطر لا اتردد في الافصاح عنه. لماذا نعتبر فرديناد دلسبس معاديا ونصابا، ايا كانت وسائلة اليست العبرة بالانجاز الذي تم، وقد كان لحماسه فضل مؤكد، جسده المصريون بتضحيات ابنائهم لذلك يجب ان نعيد تقييم الحقائق الكبري، خاصة ان القناة من المرافف الهامة التي ظلت بمنجي.