إنها نسمات الخريف الباردة عادت تداعب مشاعرنا وتهزها كما تفعل بأوراق الشجر! هل للزمن نبض يسري في عروقنا ويحرك قلوبنا؟ هل للزمان فعل المكان في القدرة علي تغيير كيمياء إحساسنا ومزاجنا النفسي؟ احتلتني تلك الأسئلة مع رحيل أكتوبر وقدوم نوفمبر الساحر. لماذا نوفمبر؟ لأنه شهر له ملامح رومانسية شديدة الخصوصية.. ربما؟ لأنه يهل علينا بهواء عذب ينعش النفس ويغسل الروح.. ربما؟ لأنه يهبط علي القلب كطائر الحنين، يدق أبواب الذكريات.. ربما؟ كل ما أدركه يقينا هو أنني أحب شهر نوفمبر لأنه يأتيني بأريج من شجن. هل للموضوع بعد شخصي؟ نعم.. فأنا من مواليد هذا الشهر الفريد وأعتز بذلك وتشاركني في هذا اثنتان من شقيقاتي: ناهد ونعمات واثنتان من أعز صديقاتي: الفنانة القديرة مرفت أمين والطبيبة الأديبة الدكتورة سعاد جابر. مشاهير نوفمبر من أشهر مواليد نوفمبر: الروائي الفرنسي ألبير كامو والقائد السياسي الهندي جواهر لال نهرو والفنان التشكيلي كلود مونييه والمخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي والزعيمة الهندية انديرا غاندي ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ورائد جراحات القلب المفتوح الجنوب أفريقي كريستيان برنارد. الفنان أحمد السقا أيضا من مواليد نوفمبر وعمر خيرت وهند رستم ونيازي مصطفي وصباح وفيروز والدكتور طه حسين والكاتب عبد الرحمن الخميسي والاقتصادي القدير طلعت حرب والكاتب الصحفي إبراهيم سعدة والفنان أحمد زكي وعلاء ولي الدين -رحمهما الله- والفنانة مني زكي وجميل راتب وشويكار وادوارد سعيد وليوناردو دي كابريو وآلان ديلون والممثلة بوسي. سويت نوفمبر السبت: تلهمني نسمات نوفمبر بأفكار براقة ولا أعرف إن كانت ميتافيزيقا الزمان لها دخل بذلك. فكثير من أفكار رواياتي ولدت بذرتها الأولي في نوفمبر وعيد الحب الذي دعا إليه أستاذنا مصطفي أمين وحدد له يوم 4 نوفمبر بعد استطلاع رأي القراء. وبداية جمعية »رعاية أطفال السجينات« التي أسستها لإنقاذ هؤلاء الأطفال الأبرياء بدأت في نوفمبر 1990. ويتصادف أن يلهمني فيلم رومانسي فلسفي عميق هو Sweet November" فكرة جديدة رأيت أن أدعو إليها قرائي الأعزاء وأتمني أن نتشارك جميعا في إنجاحها. أما الفائدة أو العائد من ذلك فهو تغيير أسلوب حياتنا إلي الشكل أو الستايل الذي يتمني كل منا أن يحياه. فكرة الفيلم باختصار والذي كان من بطولة تشارلز ثيرون وكينو ريفز تحكيها قصة علاقة تحدث مصادفة بين رجل يعمل في مجال الإعلان مشغول جداُ دائماً وامرأة تبحث عن الحب كطريق للخلاص من أزمات عديدة مرت بها. تحاول البطلة أن تقنع البطل بأن يغير أسلوب حياته فقط لمدة شهر واحد ثم يعود بعده إلي مشاغله العديدة التي تنتزع منه أي فرصة للإحساس بحياته وإنسانيته. بعد محاولات دؤوبة تنجح في إقناعه بقضاء شهر نوفمبر مستسلما لها تماما، و يبدأ الشهر وتتوالي أيامه ليكتشف مع كل يوم الحياة بمعناها الحقيقي ويجد ذاته التي عاش طويلا دون أن يهتدي إليها أو يعرفها. ومن Sweet November بدأت حياته وأيضا حياتها تتغير مائة وثمانين درجة ويجد كل منهما نفسه وطريق خلاصه أي سعادته. ألهمتني هذه القصة الفلسفية العميقة البسيطة بفكرة جميلة إليكم تفاصيلها. 30 يوم صح الأحد: أرجو أن نعتبر الثلاثين يومًا القادمة هي تجربة جدية نمارسها ذاتيا هدفها أن نتغير فعلا، من داخلنا إلي الصورة التي يتمني كل منا أن يري نفسه فيها. كيف؟ ببساطة أن يحدد المشاركون في التجربة -أتمني أن يزيد عددهم يوما بعد يوم خاصة في الأيام الأولي من نوفمبر حيث ان مدة الفكرة أو التجربة هي ثلاثون يوما فقط- شيئاً إيجابيا لينفذه في يوم من أيام نوفمبر. وسأبدأ بنفسي وأعرض فكرة القيام بزيارة لشخص أو مجموعة من الأشخاص في حاجة إليك، ليس من الضروري أن تكون الحاجة مالية، نحن ننسي أن الاحتياج العاطفي والإنساني قد يفوق في كثير من الأحيان الاحتياج المادي. أنا سأذهب اليوم إلي سجن القناطر للنساء مع مجموعة من أعضاء جمعية رعاية أطفال السجينات ، تلك الجمعية التي أسستها عام 1990 وما زلت أسعي لتحقيق وضع إنساني كريم لأطفال لم يقترفوا ذنبا إلا أن حظهم العاثر كتب عليهم أن يولدوا داخل زنزانة من رحم أم سجينة! أنت يمكنك أن تزور أبا أو شقيقا أو صديقا تشعر بالتقصير في حقه. يمكنك أن تزور دار أيتام وتقضي مع الأطفال المحرومين من الحنان جزءا من وقتك.. يمكنك أن تساعد شخصا في حاجة إليك دون أن تطلب مقابلا. فكر وافعل شيئا يرضي ضميرك في الأول من نوفمبر واكتب لي ماذا فعلت وكيف كان تأثير ذلك علي حالتك النفسية والمزاجية. ولنتبادل الخبرات ونعرف كيف يمكننا أن نغير حياتنا بأنفسنا دون أن ننتظر أن تتغير الأحوال وينصلح حال الكون وهو غاية مستحيلة بالطبع. سأنتظر من قرائي الأعزاء كل يوم فكرة جميلة وبسيطة ولا تتطلب مالا أو ليس المال هو الأساس في تنفيذها حتي لا يكون عائقا أمام غير القادرين .نريد من الجميع أن يفكر.. أن يدعو لفكرة نقوم بها كلنا معا في كل يوم من أيام نوفمبر الثلاثين سأنتظر مبادرتكم وأفكاركم ل"Sweet November" علي إيميل: [email protected] أيام لا تنسي الإثنين: في 17 نوفمبر 1977 قام الرئيس السادات بزيارته التاريخية إلي القدس وسط ترقب وخوف وقلق المصريين وكانت تلك المبادرة الشجاعة مصدر إعجاب البعض وانتقاد البعض، لكنها في كل الاحوال شكلت نقلة في عملية السلام المصرية الإسرائيلية وبداية لطريق طويل استطعنا من خلاله أن نسترد أراضينا المصرية وكان يمكن أن تكون مدخلا لاسترداد الأراضي العربية الأخري مثل الجولان وقطاع غزة لولا تعنت الزعماء العرب في ذلك الوقت وضيق نظرتهم وغرورهم الزائف! الثلاثاء: يوم آخر في نوفمبر لا يمكن أن ينسي لأنه يوم مشؤوم في تاريخنا العربي هو يوم 17 نوفمبر1917 يوم وعد بلفور الذي أعطي فيه من لا يملك حقا لمن لا يستحق وهو آرثر بلفور الذي أعطي اليهود الحق في إقامة دولة لهم في فلسطين. وكان هذا اليوم هو بداية النكبة العربية التي تعاني منها كل الشعوب العربية بوجه عام والفلسطينيون بوجه خاص حتي يومنا هذا! عيد الحب الأربعاء: فكر الكاتب القدير مصطفي أمين في عيد يعيد للمصريين الإحساس بمشاعر النبل والشهامة والمروءة ودعا في عموده »فكرة« لهذا اليوم واستقبل القراء دعوته الإنسانية بالترحيب وكان يوما ناعماً تعلو فيه المشاعر الإنسانية وتعبر عن نفسها بشتي الطرق لم يكن المقصود بالعيد أن يحتفل به المحبون فقط. أي الحبيب والحبيبة بل كانت الدعوة أشمل من ذلك، تهدف إلي إحياء قيمة الحب بين البشر والتكافل بين القوي والضعيف والغني والفقير والقدر والمحتاج. ما أحوجنا الآن لأن نحي فكرة مصطفي أمين من جديد خاصة في تلك الأيام التي تسيدت فيها العدوانية والحقد والكراهية. رحم الله أستاذ الصحافة الإنسانية: مصطفي أمين. أما اليوم الذي لا ينساه أبناء أخبار اليوم فهو يوم 11 نوفمبر 1944 الذي صدرت فيه جريدة أخبار اليوم لأول مرة، وكان حدثاً جللاً في شارع الصحافة. HHH قولي أحبك كي تزيد وسامتي.. فبغير حبك لا أكون جميلاً (نزار قباني).