سهىر جبر هل يتحقق حلم السلام في الجنوب الفلبيني؟ وسط عالم مليء بالصراعات الدموية والازمات الاقتصادية والخلافات السياسية برز شعاع امل قد يضع نهاية لصراع دموي عمره 40 عاما والذي اودي بحياة 160 الف فلبيني وشرد مليونين آخرين وشل الحياة الاقتصادية في الجنوب وهو من اكثر المناطق خصوبة والغني بالعديد من الثروات الطبيعية. فبعد 15 عاما من المفاوضات المتعثرة التي تخللها اعمال عنف دموية توصل الرئيس الفلبيني بتينو اكينو الي اتفاق سلام مبدئي مع اكبر الجماعات الانفصالية الاسلامية جبهة مورو الاسلامية للتحرير »MILF« (11 ألف مقاتل). الاتفاق المبدئي الذي يتم التوقيع عليه يوم 15 اكتوبر الحالي يمنح الجنوب حكما ذاتيا مقابل تراجع المسلمين عن مطالبهم بدولة مستقلة في الجنوب ونبذ العنف.. اما الاتفاق النهائي فيتم التوقيع عليه في 1916 قبل نهاية فترة رئاسة اكينو. يحدد الاتفاق خارطة طريق لإنشاء منطقة حكم ذاتي يديرها المسلمون ويطلق عليها بانجسامورو مكان منطقة الحكم الذاتي التي أنشئت في 1989ويمهد الطريق لاتفاق سلام نهائي ومستمر في مينداناو. ويتحتم علي الجانبين تحديد تفاصيل الاتفاق الذي ينص علي انشاء لجنة انتقالية من 15 عضوا لتحديد تفاصيل الاتفاق المبدئي ووضع مسودة قانون ينشئ منطقة حكم ذاتي للمناطق التي بها اغلبية مسلمة في الجنوب خلال عامين علي ان يتم الاستفتاء عليها كما يتوجب ان يصدق الكونجرس علي الاتفاقية. ويعيش حوالي 4 ملايين مسلم في مينداناو ويعتبرون الجنوب موطن اجدادهم منذ انشاء الامارات الاسلامية في البلاد قبل ان يجتاح الاستعمار الاسباني ومن بعده الامريكي البلاد ويدخل الديانة المسيحية الي البلاد ويدين 80٪ من الفلبينيين بالمسيحية. وتنص بنود الاتفاقية علي توسيع مناطق الحكم الذاتي للمسلمين في جزيرة مينداناو واعطائهم صلاحيات اقتصادية وسياسية اوسع ونسبة اكبر من ثروات البلاد ودورا في السياسة الداخلية للفلبين بينما يلتزم الكيان الجديد بالدستور وتهيمن الحكومة علي شئون الدفاع والامن والخارجية والمالية الا ان هناك العديد من العقبات التي قد تعترض الاتفاق منها وجود عدد من الجماعات الاسلامية الانفصالية الاقل عددا واهمية والتي ترفض الاتفاق وتصر علي اقامة دولة مستقلة للمسلمين في مينداناو ومن بينها حركة بانجسامورو الاسلامية التي اعلنت رفضها لكيان بانجسامورو والاستمرار في حربها من اجل انشاء دولة اسلامية في الجنوب وجماعة ابو سياف التي تتمركز في اقليمي سولو وباريلان وعددهم لا يتجاوز 400 مقاتل والتي تحصل علي دعم من القاعدة. ويهدد الاتفاق ايضا جماعات قبلية قوية تخشي فقد نفوذها السياسي. لقد نجح الجانبان في التوصل لاتفاق مبدئي من خلال جهود دبلوماسية مكثفة بوساطة ماليزية. كانت هناك 32جولة مفاوضات منذ عام 2003 حوالي 13 منها في ظل حكم اكينو الذي تعهد عند ترشحه للرئاسة باستئناف مفاوضات السلام مع الانفصاليين المسلمين في الجنوب اذا فاز.فمنذ بداية السبعينات وجماعات اسلامية انفصالية تقاتل من اجل دولة مستقلة للمسلمين في الجنوب ومنهم جبهة مورو الوطنية للتحرير التي توصلت لاتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية . وكانت اول محادثات سلام بينها وبين الحكومة قد بدأت في 1997الا انها انهارت عندما اعلن الرئيس چوزيف استراداحربا شاملة في 1998 ضد الانفصاليين الاسلاميين.وفي 2003 توصلت الرئيسة الفلبينية جلوريا ارويو لهدنة مع جبهة مورو وبدأت محادثات سلام معهم وتم التوصل في 2008 لاتفاق سلام الا ان المحكمة العليا اعلنت عدم دستورية الاتفاق بعد شكوي المعارضين المسيحيين للاتفاق .وفي اغسطس من العام الماضي اعاد اكينو احياء محادثات السلام عندما التقي مع مراد ابراهيم زعيم »MILF« في اليابان. كثيرون يخشون ان يكون مصير هذا الاتفاق الفشل مثل العديد من الاتفاقيات السابقة.زعيم جبهة مورو اعلن ان جماعته لن تنزع سلاحها الا بعد اقرار الاتفاق النهائي في 2016 . الصراع في جنوب الفلبين ليس دينيا ولكنه صراع علي هوية ثقافية وعلي ارض الاجداد.الامل كبير ان ينجح الاتفاق هذه المرة.