إىمان انور حرية التعبير.. هي واحدة من أشد المفاهيم غموضا.. هي لفظ مطاط يسبح من أقصي الطرف إلي أقصي الطرف الآخر.. حتي في الدول الديمقراطية الليبرالية ذات التاريخ الطويل في الدفاع عن حريات التعبير هنالك دائما صراع كبير حول الهامش الذي ينبغي الالتزام به.. خلال الأيام الماضية عاد هذا الجدل إلي الصدارة مرة أخري.. بسبب قضية الفيلم المسئ للرسول عليه الصلاة والسلام.. حيث انقسمت المواقف تجاه القضية.. البعض انتقد قيام البيت الأبيض بالطلب من شركتي جوجل ويوتيوب إزالة الشريط من علي شبكة الإنترنت.. بينما انتقدت جهات أخري السماح ببث الشريط أصلا.. وثالثة رأت في الفيلم البذيء أنه حرية تعبير !.. والمشكلة تتلخص في أن "حرية التعبير" هي موقف يتخذه الشخص بناء علي قناعاته المسبقة.. فإذا كانت حرية التعبير تخدم مصالحي ومواقفي أؤمن بها وأؤيدها..وإذا كانت ضد قناعاتي أرفضها.. في بلدنا.. وضمن هذا الصراع الدائر بين من يطلقون علي أنفسهم لقب الليبراليين ومن يسمون أنفسهم بالمتحفظين أو المتدينين نري نفس تداعيات المشكلة.. يعترض الليبراليون علي اعتقالات نشطاء سياسيين في الحراك ويطالبون بحرية التعبير.. ولكن في الطرف الآخر من يرفض اعتبار الفوضي والغوغائية حرية تعبير وهذا موقف منطقي.. يطالب الليبراليون بحرية تعبير تسمح لهم باتهام مسؤولين سابقين بالفساد والمطالبة بمحاكمتهم وأحيانا شتمهم.. ولكن الجهة الأخري تقول بأن حرية التعبير لا تعني الافتراء علي الناس بدون أدلة والإساءة لهم مهما كانت الصورة العامة مساندة لتوجيه التهم.. في المقابل يمارس المتحفظون صورا أشد بؤسا من مقاومة حرية التعبير ..وخاصة في الإساءة لمسؤولين سابقين يقومون بعرض وجهات نظر ومواقف تتعارض مع السياسات التي يدعمونها .. وفي ذات الوقت أيضا يحاول المتحفظون تصنيف البعض بأنهم غير وطنيين .. وأن كل تيارات المعارضة لا تهمها مصلحة مصر .. وهي تنفذ أجندة خارجية لتخريب البلد.. من السهل دائما الادعاء بالدفاع عن حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالمواقف والآراء التي نؤيدها.. ولكن الامتحان الأخلاقي الحقيقي هو في الدفاع عن حرية التعبير في المواقف التي نعترض عليها ولكن لأصحابها الحق في طرحها.. وفي هذا الامتحان نحن جميعا فاشلون .. لن تتحقق أي نهضة وإصلاح حقيقي بدون أن نؤمن .. بحرية .. من نعترض عليهم .. في التعبير عن مواقفهم.!.