دعت نقابة الأطباء المصريين إلي اضراب عام للأطباء في أول أكتوبر القادم لمدة أسبوع .خبر مزعج جدا لكل المرضي.. وفي مصر عشرون مليون مريض علي الأقل يحتاجون إلي رعاية يومية دائمة بخلاف المرضي الذين يرعون أنفسهم بأنفسهم ويتحملون كل تكاليف علاجهم . هنا لابد أن نتساءل: هل الأطباء لهم حق في أن يضربوا.. وأين هو حق المرضي في العلاج. سؤالان يجب ان نناقشهما بهدوء وأن نضع الأمور في مكانها الصحيح حتي لا نظلم الأطباء ولا نقتل حق المرضي في العلاج اي نحافظ علي حق الاثنين معا . الأطباء يعانون جدا.. وهم ليسوا وحدهم .. ولكنهم يتحملون عبئا كبيرا ومهمة جسيمة.. وحتي يصلوا إلي الدرجة المطلوبة من الكفاءة المهنية تعبوا وذاكروا وتفوقوا وأنفقوا الكثير ودرسوا لسنوات طويلة علي أمل أن يصلوا إلي مهنة تحقق لهم الحياة الكريمة.. لكنهم باستثناء القلة منهم يتقاضون مرتبات متدنية مخجلة لا تتفق مع ما أنفقوه من مال وسهر فضلا عما يبذلونه من جهد.. ونحن نطالبهم بأن يكونوا ملائكة بينما هم يعيشون في الجحيم . وكل ما يطالب به الأطباء هو بالتأكيد حق مشروع لهم وللمرضي أيضا.. فهم يطالبون بتحسين أجورهم.. فليس من المعقول أن يقل مرتب الطبيب عن مائتي جنيه ويطلب منه العمل أربعاً وعشرين ساعة في اليوم ويطلب منه ان يتغرب ويعمل في المناطق النائية في ظروف صعبة مع بدلات متدنية. وهم يطالبون أيضا بتحسين الخدمة في المستشفيات العامة .. وتوفير الأمن لهم وللمرضي.. وما شهدناه في الأيام الماضية يجعل مطلبهم هذا مطلبا أساسيا فليس معقولا أن يضطر الطبيب أن يحمل سلاحا ليدافع به عن نفسه فهذا لايحدث ولا في الحروب.. وانشاء شرطة خاصة لتأمين المستشفيات أصبح مطلبا ضروريا . أما المطلب الرئيسي الذي يطالب به الأطباء والمرضي والأصحاء أيضا فهو زيادة نصيب الرعاية الصحية في الموازنة العامة.. فميزانية الصحة تبلغ 25 مليار جنيه فقط بما يمثل أقل من 5٪ من الموازنة العامة وهو رقم يقل عن ثلث الدعم الموجه للطاقة.. وهو رقم يقل كثيرا جدا عن الذي تخصصه دول فقيرة أو نامية لرعاية مواطنيها صحيا .. في العهد السابق كان المخصص للصحة في الموازنة 24 ملياراً.. واذا حسبنا مليون مولود جديد و10٪ تضخماً .. سنجد أن ميزانية الصحة نقصت ولم تبق علي حالها . كل هذه المطالب مشروعة وهي لصالح المرضي قبل ان تكون للأطباء.. فكل ما نتمناه هو أن تكون هناك رعاية صحية محترمة لكل مواطن يحتاج إليها ولا يضطر لتحمل نفقات علاجه كما يتحمل نفقات تعليم ابنائه وهي من المسئوليات الأساسية للدولة .. وأن يكون هناك طبيب محترم من الدولة والمواطن.. مرتب يوفر له الحياة الكريمة ويدفعه لأداء عمله بكفاءة. أنا مع كل هذه المطالب.. ويجب أن تعمل الحكومة علي تحقيقها فهي ليست مطالب فئوية.. بل هي مطالب عادلة لفئة تستحق منا كل التقدير وهم الأطباء.. وملايين يستحقون منا كل الرعاية والاهتمام وهم كل من يعاني من المرض.. شفاهم الله.. وحنن قلب الحكومة عليهم. كونو رحماء بمن يستحقون الرحمة ونطالبهم بأن يرحموا المرضي.. قبل أن يرحمهم الله.