إذا كنت مهموماً، ويائساً، وساخطاً، فاذهب إلي قسم الاستقبال في أي مستشفي حكومي.. وستخرج شاكراً حامداً صابراً علي ما أنت فيه. الاثنين: علي باب مركز الأورام بقصر العيني، العشرات يقفون، رجال سيدات، شباب، أطفال، كلهم افترسهم المرض اللعين، كل واحد ينتظر دوره ليأخذ جرعة الكيماوي التي تعقب جراحة الاستئصال، الواقفون اما بلا كلي أو رحم أو ثدي أو حنجرة أو أي شيء آخر لا نعرفه ولا نراه.. في حجرة لا تتسع سوي لتسعة أشخاص فقط يجلس المرضي وقد خارت قواهم من تأثير هذا الكيماوي اللعين الذي يقول عنه اطباء علاج الأورام انه قنبلة تنفجر داخل جسم المريض لتفتيت ما تبقي من المرض اللعين بعد الاستئصال.. وقد تفجر المريض نفسه.. ولكن لا مفر. المشهد يتكرر كل يوم علي مدار الساعة، كل من في المركز يقوم بدوره علي أكمل وجه في حدود الامكانات المحدودة للمركز الذي يشرف عليه عالم الأورام د.ياسر عبدالقادر. المرضي يتزايدون والمكان لا يتسع، والامكانات كما هي والموارد محدودة.. معادلة صعبة لن يحلها سوي المشاركة المجتمعية الفعالة، فالمركز لن يستطيع مواجهة الأعباء المتزايدة من زيادة أعداد المرضي المتوافدين عليه، ولا من زيادة أسعار الأدوية، ولا يوجد في المركز الآلة الاعلامية الضخمة التي تدفع »الخيرين« للتبرع، فالذين يعملون به منشغلون فقط بعلاج المرضي لا مفر من أن يفتح المركز حسابا له للتبرع حتي يستمر في أداء رسالته. اذا كنت مهموماً أو ساخطاً علي حالك، فاذهب الي اقرب مستشفي حكومي، وادخل قسم الاستقبال، وانتظر 5 دقائق لتشاهد وترصد حال المترددين عليه من المرضي والمصابين.. وأعدك أنك ستخرج حامداً، شاكراً الله، وصابراً علي ما أنت فيه. وستقول وقتها الحمد لله الذي عفانا مما ابتلي به غيرنا. آمين. الثلاثاء: جلس ولداي مراد وعمر متسمرين كعادتهما كل يوم أمام جهاز الكمبيوتر، وناداني ابني الأكبر مراد: بابا.. بابا تعالي اتفرج علي النفق الذي دخلته في غزة، فذهبت فوجدتهما يشاهدان حلقة من مسلسل ناجي عطالله الذي كان يعرض في رمضان ولم أتمكن من مشاهدته لانشغالي ما بين العمل والعبادة، ودهشت عندما شاهدت عادل امام في مشهداً داخل نفق »ديكور طبعاً« ويقول لمن معه »أنا دربتكم علي المشي 6 كيلومتر.. لان النفق بهذا الطول« وأحسست بأن الزعيم يستخف بعقول الشعب ويضحك علينا، ويخدعنا لأن أطول نفق يعبر حدودنا مع غزة لا يتعدي كيلومتراً واحداً لأنني أعرف هذه الانفاق جيدا،ً فلقد كنت أول صحفي عربي يدخل أنفاق غزة عام 0102 وأجريت تحقيقاً مصوراً بعدسة زميلي خالد الباجوري عن هذه الأنفاق وأسرارها وكيف يتم بناؤها، ومن يمولها وكيف يتم تشغيلها، ومافيا حفرها.. وحصلت وقتها علي الجائزة الأولي من نقابة الصحفيين عن هذا التحقيق الذي انفردت به »الاخبار« في يناير 0102. وكشفت عن كيفية تهريب العجول والسلع المدعمة والأدوية، والسيارات.. والسولار والبنزين عبر خراطيم تمر من الأنفاق. ووقت العدوان الاسرائيلي لم تدك اسرائيل كل أنفاق غزة رغم انها كانت أهدافاً سهلة لطيرانها.. واكتفت بضرب بعضها فقط لأنها كانت تعرف أن هذه الأنفاق تمثل وجعا في دماغ وأمن مصر.. فتركت بعضها يعمل وحققت اسرائيل ما تريد بيد حماس التي تجني الملايين من فرض رسوم علي حفر وتشغيل هذه الانفاق حتي الأن. ويبدو أنه يوجد في مصر من يريد استمرار هذه الانفاق، التي كان يردد البعض في 0102 انها المنفذ والمتنفس الوحيد للغزاويين بسبب الحصار الاسرائيلي واغلاق نظام مبارك لمعبر رفح. والان المعبر مفتوح، والعلاقات طيبة مع حماس، فلماذا لا نهدم كل الانفاق.. سؤال سيظل يبحث عن اجابة من الرئاسة، والجيش، والحكومة. ليتهم يفعلون الأربعاء: الألتراس يهاجمون السفارة السورية لطرد السفير الذي يمثل نظام الأسد الذي سقطت شرعيته منذ أول طلقة قتل بها واحد من شعبه. الخميس: »الألتراس« يهاجمون اتحاد الكرة اعتراضاً علي عودة الدوري.. وظني أن أعضاء الألتراس يمكنهم ان يحصدوا عدداً لا بأس به من مقاعد البرلمان اذا خاضوا انتخابات مجلس الشعب القادمة ويفرغوا طاقاتهم الهائلة، ويعبرون عما يريدون من خلال قنوات شرعية.. وأعرف انهم منظمون وممنهجون، ومبدعون، ويعرفون كيف يحشدون أنفسهم أمام صناديق الانتخابات. مع.. وضد الجمعة: تبنيت حملة منذ عام في مقالي »بحرية« الذي اكتبه في »الأخبار« ضد تدريس قصة »قطرة الثلج« لطلبة قسم اللغة الانجليزية بكلية آداب القاهرة، لأن القصة بها مشهد لوصف حالة شذوذ بين سيدة وفتاة، وكان بالمشهد وصف دقيق ومطول لما يحدث في هذه الحالات، واستضافني وقتها الاعلامي جابر القرموطي، وقامت واحدة من أساتذة القسم لتهاجمني علي الهواء، وتكيل لي الاتهامات، بأنني ضد الابداع، والمبدعين، والفن، وانني »اخواني« ونفيت ذلك بشدة، فأنا لست اخوانياً ولا ضد الابداع، بل انني مع الابداع والحرية بلا حدود، وقد اخترت عنوان »ب..حرية« عنواناً لمقالي لإيماني الشديد بحرية الرأي والابداع، ولكني بنفس الشدة ضد الاسفاف، وتدريسه لبناتنا وأبنائنا. وعندما استحوذ »الاخوان« علي الرياسة ومجلس الشعب والحكومة، كتبت أنتقد ذلك »بشدة«، فاتهمني اصدقائي أنني ضد الإخوان. وأصبح البعض يصفني علي أني اخواني، وآخرون علي العكس ومشكلة هؤلاء وهؤلاء انهم لا يعرفون أن الصحفي لابد الا ينتمي لأي تيار، ولا حتي لنادي رياضي!.. حتي لا يٌصنف علي انه مع أو ضد، ولكن يتم تقييمه علي ما يقوله، صادق ودقيق ومحايد وأمين.. ام لا؟. هل هناك أمل في أن نصل الي هذه الدرجة من التقييم للآخرين؟ متي تسقط الأمطار؟ السبت: شاهدت فيلم »اوعي وشك« وكان يقوم بطل الفيلم النصاب بشراء عصافير بيضاء من النوع الرخيص ورشها بألوان مختلفة، ويبيعها لهواة اقتناء وتربية الطيور علي انها عصافير ملونة أسعارها مرتفعة، واستمر يمارس نشاطه في النصب، حتي افتضح امره عندما وضعت احدي ضحاياه قفص العصافير في البلكونة، ونزل المطر فذابت الألوان، وكشفت المياه المستور، وظهرت العصافير علي حقيقتها الرخيصة، تري كم من الذين تعرفهم، لونوا أنفسهم وغيروا جلدهم، ليظهروا أنهم »غاليين« ليضحكوا علي من حولهم.. ولكن ثبات ألوانهم لن يطول.. وسيظل الآخرون مخدوعين في ألوانهم، الي ان يأتي يوم، وتذوب ألوانهم ويظهرون علي حقيقتهم »الرخيصة« . متي تسقط الأمطار؟. الرائحة الأحد: سألني ابني الأصغر عمر هل ما اضعه من روائح، يعتبر اعتداء علي حرية الآخرين اذا دخلت مكانا عاما؟ قلت في سري الحمد لله لان ابني مازال صغيراً، ولا يتابع، اعتداء المتحرشين بالقول والفعل علي الفتيات، والا ما كان سيظل حريصاً علي الا يعتدي علي حرية الآخرين حتي لو برائحة »البارفيوم«!.