منذ نهاية الحرب الباردة، وبعد الصعود الصيني وما حققته من تقدم غير مسبوق في النمو الاقتصادي جعلها تصل الي مرتبة القوة الاقتصادية الثانية في العالم ، فضلا عن بناء قوتها العسكرية التي رصدها التقرير الاخير الصادر عن البنتاجون، منذ هذا وثمة مدرستان في الفكر والسياسة الامريكية تتجادلان حول كيف تتعامل الولاياتالمتحدة مع هذا التطور. كان من تقييم المدرسة الاولي ان قوة الصين تتزايد وتتزايد معها طموحاتها لتحدي الولاياتالمتحدة ويجعل من الصين منافسا استيراتيجيا رئيسيا مع القدرة علي التحدي الشامل للولايات المتحدة اما المدرسة الثانية فإنها تعتبر ان استيراتيجية الترويج للديموقراطية السياسية في الصين من خلال سياسة الارتباط Engagement والتكامل الاقتصادي قد فشلت وان علي الولاياتالمتحدة ان تضع مجموعة جديدة من القواعد، واذا كان هدف الولاياتالمتحدة بعد الحرب الباردة هو جذب الصين الي النظام الدولي من خلال سياسية الارتباط لتقييد سلوك الصين الدولي و برجزه bourgeoisie الصين من اجل دفع الديموقراطية السياسية، فان الاستيراتيجيين الامريكيين قد وصلوا الي استخلاص انه علي الرغم من ان الصين تلعب دورا مركزيا في الاقتصاد العالمي فإن سلوكها الدولي يستغل النظام الدولي من اجل الاسراع بتحقيق طموحها . وعلي الرغم من ان كلا من الولايات المنتحدة والصين تتفاديا ما يمكن ان يشل علاقاتهما، فإن استيراتيجية الولاياتالمتحدة من الممكن ان تتحول من الاستيراتيجية التي تتعامل مع " صعود الصين " الي التعامل مع" القوة رقم »2« . في هذا السياق يناقش الفكر الصيني (راجع : Yam Pemg , في دوريه Contemporary international Relation " ماذا يحدث لو تعاملت الولاياتالمتحدة مع الصين مثلما تعاملت مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة ؟ في هذه الحالة من الممكن ان تقوم حرب باردة جديدة بين الصين و الولاياتالمتحدة وفي هذه الحالة فإن العلاقات بينهما ستكون " سلاما باردا ". وحتي الان فإن مصالح البلدين ترتبطان بشدة وتشكل ما يمكن ان يطلق عليه " الدمار الاقتصادي المؤكد المتبادل "mutually assured economic destruction فاذا ما انطلقت حرب باردة جديدة من كلا الجانبين سوف يعانيان خسائر فادحة وسوف ينهار الاقتصاد العالمي والنمط الاستيراتيجي. ولكن من حسن الحظ فان قادة البلدين علي وعي بمثل هذه النتائج الكارثية، وكلا هما يكافحان من اجل دفع الروابط الثنائية نحو التصالح، فخلال اللقاء بين الرئيسين الصيني هو جينيتا والرئيس الامريكي اوباما، قدم الاول مقترحات لتطوير العلاقات الصينية الامريكية في المرحلة القادمة، وعبر الرئيس الامريكي عن رغبته في دفع علاقة ايجابية وتعاونية وشاملة وتطوير مشاركة " تتعامل مع التحديات المشتركة. غير اننا نجد انه لتحقيق ذلك فان البلدان يواجهان عددا من الاختبارات: الاول ما اذا كانا يستطيعان ان يتفهما بشكل عاجل اهمية علاقة استيراتيجية مستقرة وطويلة الاجل، والثاني هو ما اذا كانت الولاياتالمتحدةالامريكية مستعدة سيكولوجيا واستراتيجيا للصعود الصيني وكيف سوف تكيف مفاهيمها الاستيراتيجية لتحقيق ذلك اما الاختيار الثالث فهو ما اذا كان علي الصين ان تعيد التفكير في سياساتها الدبلوماسية تجاه الولاياتالمتحدة في العهد الجديد وما اذا كان عليها ان تخطط لنمو طويل الاجل للعلاقات الامريكية الصينية. كاتب المقال: سفير سابق