محمد الشماع وصول الإخوان المسلمين عبر حزب الحرية والعدالة إلي أعلي منصب تنفيذي في الدولة وهو منصب لا يرسمه الدستور فقط، وإنما تتوسع المخيلة الشعبية والثقافة العامة في إضافة مسئوليات واسعة إلي هذا المنصب، وحتي الآن نحن لم نستوعب ان الحزب السياسي هو طليعة لطبقة اجتماعية صاحبة مصالح في التغيير وأن الفريق الرئاسي هو فريق عمل والكل في النهاية يطالب الرئيس والكل في النهاية يحمل الرئيس المسئولية، وتلك بعض من ثقافة حكم الفرد التي لاتزال متأصلة في الوعي الشعبي وتلك أيضا بعض من مآزق الإخوان المسلمين الذين أصبح لزاما عليهم أن يجدوا طريقا واضحا يلائم بين دعوتهم السياسية التي رفعت شعارات تبشر باللبن والعسل وبين واقع يستعر بالمشاكل والمتناقضات وسأضرب مثلا بحالة الارتباك التي سادت صفوف المشايخ حينما تم الإعلان عن قرض صندوق النقد الدولي، إذ لم ينظر أحد إلي المحتوي السياسي لهذه الشروط والتي تلحق ضرراً بليغا للطبقات الشعبية لأنها تخل إخلالا جسيما بالتوازن الهش القائم بين الطبقات، فأي مساس بقضية الدعم وأي اقتراب من قيمة الجنيه المصري كما يريد الصندوق ما هو إلا اطلاق لوحش الغلاء والتضخم كي تشرب الطبقات الشعبية »المر مرين«. لم ينظر أحد إلي هذا المحتوي ولم ينتقد أحد سياسة السوق الحر والتي تدهس الطبقة الوسطي والطبقات الشعبية، إنما انصب النقاش حول ربا القروض، وظهرت فتاوي واجتهادات حسب الطلب، زعم بعضها أن هذا ليس بربا، وإنما مصاريف إدارية، وتلك قضية اقحام الدين في السياسة وها هو النتاج ضرر بليغ وإساءة مغرضة تلحق بالدين حينما يصبح مطية للأطماع السياسية، وحينما يلون الفقيه فتواه حسب الطلب وعبث شديد بالسياسة لأننا لا نتعامل مع جواهر الأمور وإنما نأخذ بسفاسفها ونحن في مرحلة حرجة من تاريخ الوطن لا تحتمل هذا الهزل ولا تقبل بهذا التلون.