عمرو الدىب يذهب البعض الي ان المزاج المصري العام يميل الي الارتجال، ويجنح الي العقوبة، ويفضل التعامل مع الامور والاحداث حين تفرض نفسها، وتؤكد وجودها، ويسرف شطر من هذا البعض في إلصاق تهمة الارتجال بالمزاج المصري. ويؤكد هؤلاء ان العشوائية هي اسلوب الحياة المفضل لدي القطاع العريض من مواطنينا الاعزاء، وحين تعترض علي ذلك، وتبدي تحفظك يشيرون الي امثلة ودلائل لا تملك امام قوتها ووضوحها الا الصمت، وطبعا سيردد هؤلاء علي مسامعك، ان هذه الفضيلة المصرية ويقصدون الميل الي العشوائية والارتجال تسري في واقعنا كأنها الهواء الذي نتنفس، والنيل الذي يجري، ومنه نرتوي، واوضح دليل يؤكد ماذهبوا اليه ان تلك الافة- التي يسمونها ساخرين فضيلة، امتدت لتلقي بظلالها علي العديد من مؤسساتنا وهيئاتنا القومية، ويضربون لك المثل بالمناسبات المهمة. والاحتفالات الكبري التي تبرز فرادة الاحداث الفاصلة في تاريخ الاوطان، او تحتفي بالافذاذ المتميزين الذين انطبعت بصماتها علي وجوه اممهم، ويؤكدون لك في ثقة انظر كيف تتعامل مؤسساتنا مع الشخصيات والاحداث الفارقة. حيث تبدو هذه المؤسسات والهيئات وكأنها بوغتت بحلول المناسبة، وتظهر كما لوان ذكري ميلاد أو رحيل ذلك العالم الفذ أو البطل القومي هجمت عليها كالجراد المنتشر، وهنا يتبدي لك الارتجال في أجلي صور له، وتطل عليك العشوائية في اقبح اشكالها وابلغ امثلتها، واظن اننا لسنا في حاجة لتعداد الحالات فقط نذكر مثالين بارزين.. الاول سلوك هذه المؤسسات والاجهزة في التعامل مع ذكري انتصارات اكتوبر المجيدة أروع صفحات المجد علي المستوي العربي كله. انظر كيف تتعامل مؤسساتنا الموقرة والتليفون مثلا كيف يحيي الذكري عاما بعد عام، انها نفس الوجوه المتكررة التي تكرر الكلام المعاد المعروف كل عام، ان مؤسساتنا المصونة تتعامل مع تلك المناسبات والايام التذكارية، وكأنها متعهد حفلات ومقاول افراح اعتاد علي »تفعيل« الليلة وتمرير الحكاية، ورغم ان انتصارات اكتوبر لم يكف من بطولاتها الا القليل، ولم يتحدث الكثيرون عن ابطالها بعد. ان مؤسساتنا المصونة تتعامل مع تلك المناسبات والايام التذكارية، وكأنها متعهد حفلات ومقاول افراح اعتاد علي »تفعيل« الليلة وتمرير الحكاية، ورغم ان انتصارات اكتوبر لم يكف من بطولاتها الا القليل، ولم يتحدث الكثيرون عن ابطالها بعد. الا ان مؤسساتنا مصرة علي اسناد الامر الي تلك الوجوه المملة التي التصقت بذكري اكتوبر في ظروف غامضة، وذلك ما حدث بالضبط في احتفال مصر بالذكري السادسة لرحيل عميد الرواية نجيب محفوظ، بدت مؤسساتنا وخاصة وزارة الثقافة تتعامل مع المناسبة، وكأنها بوغتت، ولما أردت الاحتفال لجأت كالعادة الي متعهدي الحفلات وعاشقي الظهور.. والنتيجة ان الفعاليات خرجت للاسف- في معظمها بلا اضافة حقيقية الي الاجيال المتعطشة للتعرف علي افذاذها والاحداث الفاصلة في تاريخ اوطانها. متي ندرك ان الارتجال - اسلوب مدمر لا يؤدي الا نتائج هزيلة، إذا لم يؤد الي كوارث، ولا فرصة لنا- علي الاطلاق في أي تقدم منشود، مادمنا متمسكين بالنهج البالي العقيم، ومسلك تسديد الخانات، وتمرير المناسبات.