تتردد في وجداني الذكريات العطرة لحرب اكتوبر المجيدة التي حل موعدها الاسبوع الماضي.. تلك الحرب التي اعادت الكرامة المسلوبة.. والمكانة المنهوبة للمقاتل المصري الباسل.. تحمل الاساءة وصبر علي تلويث السمعة طوال ايام وليالي ست السنوات العجاف منذ يونيو 76 وحتي اكتوبر 37.. ثم انتفض كالمارد وهب كالوحش الكاسر وحقق ما عجزت النظريات القتالية واخفقت المباديء العسكرية عن تفسيره وتبريره ولا يزالون يبحثون ويدققون ويغوصون في تأويله.. المقاتل المصري كما قال الرسول الكريم عنه هو خير اجناد الارض.. لا يضيق بتضحية.. ولا يبخل بعطاء.. ويقدم روحه ونفسه ودماءه فداء لوطنه.. وكم مرت بخاطري هذه الذكريات.. وكم استرجعت تلك البطولات.. وكم حمدت الله علي هذه الانتصارات التي ازالت الغشاوة.. وقشعت الغمامة.. واعادت الاشراقة.. كنا نحن معشر العسكريين نتواري خلف انفسنا.. نتخفي وراء اثمالنا.. نترقب ساعة الخلاص.. ننتظر صدور القرار.. نتحين موعد الانطلاق.. لم يكن لدينا ما نخشاه.. لم يعد عندنا ما نبكي عليه.. لم يكن امامنا ولا وراءنا سوي هدف واحد.. سوي غاية عزيزة.. تحرير الارض.. والانتصار للعرض.. ولابد ونحن نتذكر هذه الساعات والايام الخالدة ان ننحني اجلالا وتوقيرا لاصحاب هذا الانتصار.. لمن تسببوا في هذا الانبهار.. لصانعي هذا الابتكار.. شهدائنا الابرار الذين جادوا بأنفسهم.. الذين استرخصوا دماءهم.. الذين أجزلوا بعطائهم.. ومع الذين صعدت ارواحهم الي بارئها وهي راضية.. لابد ايضا ان نتعمق ونشيد بجرحي العمليات هؤلاء الذين سعوا لنيل الشهادة غير انهم لم يدركوها فاكتفوا بالتضحية ببعض خلاياهم بجزء من اعضائهم ورضوا بقسمتهم ونصيبهم وقبلوا وهم قانعون باقدارهم ومقدراتهم.. ومع كل يوم 6 اكتوبر لا املك الا ان اسجد لله شكرا وانحني له حمدا علي انني كنت انتمي لهذه الزمرة الرائدة، لهذه الجماعة الخالدة واتحسر واتأسي علي انني لم احظ بالشهادة كما حظي بها اقراني الابطال وحتي لم أنل شرف الاصابة كما نالها اشقائي الصناديد الأخيار.