شرىف رىاض ليس خافيا علي أحد أن ما شهدته مصر من صراعات وخلافات ومليونيات وأحداث دامية علي مدي أكثر من 81 شهراً منذ قيام ثورة 52 يناير ماهو إلا صراع علي السلطة بين العسكر والقوي الليبرالية من ناحية والإخوان والقوي الثورية من ناحية أخري. ستون عاماً من الحكم العسكري لم يكن من السهل أن تنتهي بين يوم وليلة.. وكان لابد أن تأتي اللحظة التي يحسم فيها هذا الصراع الذي تصاعد في الشهور الأخيرة بين العسكر والإخوان بصفة خاصة. ما حدث أمس الأول كنت اتوقعه بحكم ادراكي التام بخطة ونوايا الإخوان المسلمين لإحكام سيطرتهم علي الحكم.. المفاجأة فقط كانت في التوقيت الذي اتخذ فيه الرئيس محمد مرسي قراره بالاطاحة بالمشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي والغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة في 71 يونيو الماضي قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وتضمن تقييداً لسلطات رئيس الجمهورية قبل أن يتحدد اسمه ونقل السلطة التشريعية- بعد الحكم بحل مجلس الشعب- الي المجلس العسكري ونص علي بقائه بتشكيله وقت صدور الإعلان الدستوري المكمل حتي يتم انتخاب مجلس الشعب الجديد وأن تكون للمجلس العسكري وحده سلطة التعيينات والترقيات في القوات المسلحة. أقول إن المفاجأة كانت في التوقيت الذي تزامن مع الحرب التي تقودها القوات المسلحة في سيناء ضد الارهاب والارهابيين لفرض سيادة الدولة كاملة علي سيناء والتي من المفترض أن تتواصل في مناخ يسوده الاستقرار داخل القوات المسلحة.. لكن الحقيقة أن الليلة السابقة لقرارات الرئيس حملت الاشارة للبداية الفعلية ل »زمن الإخوان« عندما انطلقت مظاهرات في الاسكندرية تهتف بحماس غير مسبوق »افرم .. افرم.. يامرسي« ذكرتني بأيام السادات وثورة التصحيح في مايو 1791 والمظاهرات التي خرجت تهتف »افرم افرم يا سادات«. التاريخ يعيد نفسه.. مرسي فرد اجنحته أو كما نقول بالعامية »جناحاته« وبدأ ثورة تصحيح يري الإخوان أنها سبيلهم الوحيد للتحكم في كل مفاصل الدولة وأخونة مؤسساتها. من الطبيعي أن تختلف ردود الأفعال علي قرارات مرسي.. البعض يراها ثورية وضرورية وأنها أعادت الوجه المدني لمصر بعد غياب ستة عقود ضاعت فيها الحقوق وأهدرت الحريات وامتهنت كرامة الانسان.. بينما يراها البعض الآخر انقلابا علي الشرعية الدستورية لأن مرسي أقسم علي احترام الإعلانات الدستورية التي صدرت قبل انتخابه ولأنه لا يجوز أن يجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية التي عادت إليه بالغاء الإعلان الدستوري المكمل. استعاد مرسي بهذه القرارات سلطاته كاملة قبل أيام قليلة من مليونية 42 أغسطس التي دعت اليها القوي الليبرالية واليسارية وبعض تيارات من شباب الثورة لاسقاط دولة المرشد! فهل كانت هذه المليونية من أسباب اختيار مرسي هذا التوقيت لاصدار قراراته المفاجئة.. وهل كلما أصدر مرسي قراراً سينزل الإخوان إلي الميادين لدعمه وتأييده ؟