وصلت حالة الاحتقان بين الشعب المصري والمجلس العسكري إلى ذروتها الأخيرة، خاصة بعد الإعلان الدستوري المكمل الذي كرس بقاء المجلس العسكري في السلطة، ومنحهم كل صلاحيات الحكم وانتزع كافة مهام وسلطات رئيس الجمهورية على الجيش باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. الأمر الذي ترك العديد من التساؤلات التي طرحتها "الوادي" علي القوي السياسية والثورية حول وضع "الرئيس القادم" وهل سيكون منزوع الصلاحيات ومجرد ديكور وكوبري "للعسكري"، أم ثمة سيناريوهات أخري في جعبة تلك القوي بعد أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، اعترف الكثيرين بنزاهتها لياتي "الدستوري المكمل" لينهي كافة الخيارات المتاحة أمام الرئيس المقبل للإقتراب منه أو مجرد التلويح بذلك. بداية أكد البدري فرغلي، عضو مجلس الشعب السابق، أن الاعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحول مصر رسميا الى دولة عسكرية، فسواء نجح الفريق أحمد شفيق او الدكتور محمد مرسي فالحكم الاصلي لمصر بات في يد المجلس العسكري، ومن الملاحظ أن هناك انقلاب عسكري كبير على الشعب المصري، خاصة بعد المؤاشرات الاولى التي أكدت فوز المرشح الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعادلة، وما نعيشه الآن من حالة تشويش ولغط عام، بسبب الإعلان غير الدستوري الديكتاتوري الذي أصدره المجلس العسكري. وأضاف عبد الله المغازي، أحد أعضاء المجلس الاستشاري ان الرئيس القادم سواء "شفيق" او "مرسي"، فالاثنين ليس لهم الحق في اتخاذ القرارات في الدولة، فالمجلس العسكري أصدر إعلانا دستوريا دون وجود دستور او سلطة تشريعية منتخبة فقد قام بحل مجلس الشعب لكى يقوم بطبخ دستور يخدم مصالح مؤسسة الجيش، ولا بد أن نعلم أن مصر في ظل الاعلان الدستوري المكمل يحكمها العسكر وليس رئيسا مدنيا، مشيرا إلى أنه لا توجد شرعية للمجلس العسكري يعطيه الحق في إصدار أي إعلانات دستورية. وتتسائل الإعلامية بثينة كامل عمّ يريده المجلس العسكري بعد الإنتخابات الرئاسية من توصيل رسالة مفادها أن النسب متقاربة ولو خسر"شفيق"، معتمدا علي اللعبة القديمة المتجددة طوال العصور"فرق تسد" وسيسعي الفريق "شفيق" وحملته علي التشكيك في النتائج النهائية للفرز، لتسري حالة يريدونها من عدم الوفاق المجتمعي وفي ذات الوقت تظهر أزمات صلاحيات الرئيس والبرلمان المنحل وأمام من يحلف الرئيس اليمين. وطرحت "كامل" مجموعة من الحلول العاجلة للخروج من نفق الأزمة بداية من السعي الجاد والفوري للحصول علي وفاق مجتمعي بين كل من ناصر الثورة بكل اطيافهم السياسية ولكل من قاطع او تكاسل حتي عن نصرة الثورة والحصول والسعي الدؤوب علي توافق ثوري كبير وشامل بين كل الكتل الثورية بكل اطيافها لمواجهة ما هو قادم مع العلم ان الكثيرين ممن صوتوا ل"شفيق" ليسوا فلولا، منهم المخدوعين من البسطاء من جهنمية الالة الاعلامية والساعين علي رزقهم اليومي، ظنا منهم أن "شفيق" سيحيل مصر الي واحة الامان ومنهم كذلك أسر العسكريين والشرطة الذين يجب تطمينهم تماما. وتشير "كامل" إلي أنه لم يعد يتبقي أمامنا سوي بعض الصراعات التي يجب ان نخوضها قسرا وجبرا، متوحدين ومتوافقين مع كل القوي الثورية وعدم اهمال الشارع أبدا، بتوعيته فهو دائما الكتلة الحرجة التي يجب الحفاظ عليها، ورفض الاعلان الدستوري المكمل رفضا قاطعا صارما سلميا، وكذلك التوافق شعبيا وعن طريق البرلمان المنتخب علي تأسيسية الدستور بعيدا تماما عن المجلس العسكري فهو ليس مسموحا له بذلك وما ثار الشعب من أجل ان يكتب العسكر دستوره والاحتفاظ بكافة صلاحيات الرئيس كاملة غير منقوصة لحين اعداد الدستور الجديد. ومن جهته أكد المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط أن الاعلان الدستوري انقلابا عسكريا حقيقيا، بعد قيام المجلس الاعلى للقوات المسلحة بالاستحواذ على السلطة التشريعية والتنفيذية وكذلك صياغة الدستور، وبالتالي في حالة فوز اي من المرشحين "شفيق"أو "مرسي" يكون لديه مطلق الحق بتسلم السلطة كاملة قبل تولي مهامه، لكي لا نقع في الخطأ والفراغ الدستوري الذي حدث بحل مجلس الشعب. فيما قال الدكتور" يسري حماد"، المتحدث الرسمي باسم حزب النور، الاعلان الدستورالمكمل يعد انقلابا على الديمقراطية التي حاربنا من اجلها حيث قام المجلس العسكري بتحويل مصر الى دولة عسكرية عبر الاعلان الدستوري، ولابد من سرعة إعداد الدستور عبر تشكيل لجنة تأسيسية تشمل كافة القوى السياسية وذلك منعا لحدوث صدام مع القوات المسلحة لان ذلك سوف يؤدي إلى تولي الرئيس سواء "مرسي" او "شفيق" الحكم وستظل سلطة التشريع في يد "العسكري" ومن المعروف أن المجلس العسكري لن يسمح بخروجه عن الإطار المحدد له فالمرحلة الانتقالية تمر بمرحلة خطرة جدا. كما أوضح علاء عبد المنعم، عضو مجلس الشعب السابق أن "العسكري" من خلال الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس و17 يونيو"المكمل" قد نزع كافة الصلاحيات من الرئيس القادم حيث احتفظ بالموازنة العامة للدولة، والسلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس الشعب، وتشكيل تأسيسية الدستور، ليترك الرئيس القادم مجرد "ديكور" ويبقى الحاكم الحقيقي للبلاد "المجلس العسكري". واتهم الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد المسار الخطأ الذي خاض به الثوار ثورتهم منذ البداية وحتي مغادرة الميدان بعد التنحي، وهرولة الإخوان على العسكري لعقد الصفقات، وتشرذم القوى الثورية وتناحرها فيما بينها وحتى داخل الكيان الواحد، وصدور الإعلان الدستوري الأول المعيب، وعدم المضي في طريق الدستور، كل هذا يقودنا أتوماتيكياً لحلول دائماً خطأ، تأخذنا بدوامة، ثم نحتاج إلي مخرج فيأتي الحل خطأ وهكذا، خطأ يأتي بخطأ . وأضاف أن "العسكري" أدخل البلاد في دوامة بعضها مقصود ومخطط وبعضها عن عدم دراية، أخرها حل مجلس الشعب والقرار الأخطر بالإعلان الدستوري المكمل في توقيت شديد الخطورة، ومن ثم فإننا أصبحنا أمام مشكلات وتساؤلات عديدة، بداية كيف وأين يحلف الرئيس المنتخب من المرشحين الذين لا نرضى نهائياً عن أحدهما وربما قبل البعض الآخر مضراً لأن مرشحي الثورة كذلك أخطأوا. وقال "زهران" إن صلاحيات الرئيس غير واضحة، وأين السلطة التشريعية والجمعية التأسيسية للدستور الحالية و التي ربما وصلت بنا إلى دستور طائفي وبالتالي فلم تعد المشكلة الآن قاصرة علي الإعلان المكمل فقط تحتاج القوى الثورية ودعاة الدولة بقدر ما يحمل الكثير من الازمات للدولة المصرية . ومن جهته طالب جمال أسعد، المفكر القبطي، عضو مجلس الشعب السابق، القوي المدنية أن يتفاهموا جميعاً على خطة طريق واضحة ومحددة لاستكمال الثورة وتحقيق أهدافها المبدئية، وعلي رأسها حقوق الشهداء والمصابين وأسرهم وتوفير فرص عمل للمصابين تكفل لهم حياة كريمة في وطنهم ووضع دستور وطني لدولة مدنية حديثة يحقق الحرية، والعدالة الإجتماعية ويحفظ هوية الدولة ويضمن المواطنة والمساواة. وأضاف "أسعد" ضرورة تداول السلطة وسيادة القانون، وانتخاب سلطة تشريعية تمثل كافة التيارات ولا سيما الشباب والثوار ومحاكمة ومحاسبة كل الفاسدين من أذناب النظام السابق وعزلهم من كل المناصب التي مازالوا يتغلغلون بكافة مفاصل الدولة، والسعي بجدية لاستعادة أموالنا المنهوبة، مع حكومة وحدة وطنية تضم كافة التيارات وتوافق القوى الثورية. وقال الناشط السياسي باسم طارق، عضو حركة 6 أبريل إنه لابد أن يعلم الجميع ان معركتنا الان تتلخص في نقطتين لا ثالث لهما أولاهما انتزاع كل الصلاحيات من المجلس العسكرى، بالإضافة إلي التوافق حول دستور جديد يعبر عن كافة الاطياف ولن ياتى هذا الا بتوحد القوي والتيارات الوطنية حول هذة الاهداف للإعتراف بشرعية الثورة. وأشارت كريمة الحفناوي، القيادي بحركة كفاية، أن "العسكري" استغل طرق الثوار وعموم الشعب والاعلام علي مجلس الشعب الذي لم يكشر عن انيابه لانتزاع حقوق جوهرية و مصيرية كان يجب ان يبدأ بها وعندما استفاق في الربع الاخير ظهرت في الخلفية الدستورية العليا التي يرأسها قاضٍ عينه المخلوع "مبارك"، خلافا لكل اعراف القضاة المستقرة ليتم الاجهاز المتستر بالقانون علي مجلس الشعب واستغل في ذلك عثرات المجلس المتكررة في تكوين اللجنة التأسيسية لتفرق القوي المدنية، مستغلا حالة الشك المتبادل التي زرعها منذ استفتاء 19 مارس بين كافة اطياف الشعب. وأضافت أنه عند خوض جولة الاعادة، تبين "للعسكري" خسارة الفريق أحمد شفيق، فقام بالإجهاز علي مجلس الشعب لأنه علي يقين أن الرئيس القادم سيكون من المعسكر الاقرب للثورة ويدخله الحلبة بدون أسلح،ة خاصة وانه اصدر قبل حل المجلس بساعات قرار "الضبطية القضائية" لافراد الشرطة العسكرية من خلال وزير العدل ثم يتبع ذلك بعد اليقين التام بخسارة خياراته باعلان دستوري مكمل لينزع تماما صلاحيات الرئيس القادم وينقلب بشكل درامي علي الثورة التي يقول انه حماها ورعاها منذ الساعات الأولي؟