إبراهيم سعده لم يكن الرئيس الراحل أنور السادات مغامراً بحياته عندما رفض إلحاح وزير الداخلية اللواء النبوي إسماعيل عليه بارتداء القميص الواقي من الرصاص خلال حضوره العرض العسكري الكبير في 6 أكتوبر 1981 احياء لذكري النصر العظيم في مثل ذلك اليوم من عام 1973. كما لم يكن السادات غافلاً عن محاولات المتطرفين الإسلاميين اغتياله التي قد يتعرض لها في أي مناسبة وأي مكان، لكنه في الوقت نفسه كان واثقاً كل الثقة في استحالة أن يجرؤ المتآمرون علي التعرض له في هذه المناسبة أعز أعياد الأمة وبالذات في مكان الاحتفال به. هذه الثقة التامة عبّر عنها الرئيس السادات في رده علي إلحاح وزير الداخلية آنذاك اللواء النبوي إسماعيل قائلاً:[ قميص إيه ورصاص إيه.. يانبوي؟! إنت ناسي أني رايح أزور أولادي وأشاركهم الاحتفال بعيد النصر؟! فيه أمان يانبوي أكتر من وجودي بين أبنائي أبطال أكتوبر؟!] لم يكن السادات وحده الذي كان آمناً ومطمئناً علي نفسه وسط "أولاده" الجنود والضباط كما تعود علي وصفهم في كل مرة يتحدث فيها عن نصر أكتوبر. المدهش ان قادة التنظيم المسلح للاغتيالات "الجهاد الإسلامي" كانوا بدورهم يتوقعون فشلهم في اغتيال السادات في مثل هذه المناسبة، وفي مكان الاحتفال بها. هذه الحقيقة لم اخترعها، ولم أنقلها عن "فل" من ال"فلول"، وإنما قرأتها الثلاثاء الماضي في الزميلة الكبيرة "الأهرام"خلال حديث مندوبها الزميل إبراهيم عمران مع أمير الجماعة الإسلامية الشيخ أكرم زهدي الذي أعلن فيه عن "ندمه وندم معظم قياداتها علي ارتكاب الجريمة البشعة التي أودت بحياة بطل "الحرب" و"السلام".. المصريين. الجديد الذي أسمع عنه لأول مرة، وكشف عنه الشيخ النادم علي اغتيال السادات أكرم زهدي ، هو أنه ومن معه في "المؤامرة" وعلي رأسهم منفذها القاتل خالد الإسلامبولي كانوا جميعهم واثقين تمام الثقة في فشل مهمتهم، لاستحالة اختراق رجال وأسلحة الأمن المكلفين بتأمين المكان، ومنصته التي يجلس فيها كبار المسئولين وعلي رأسهم: القائد الأعلي للقوات المسلحة! لم يكتف أمير الجماعة الإسلامية "أكرم زهدي" بالاعتراف بالندم ، وإنما قدم البراهين عليه الواحد بعد الآخر. اعترف "الأمير" السابق، التائب، ومعه باقي قيادات الجماعة بأنهم وافقوا جميعهم علي اغتيال رئيس الجمهورية وسط أبناء القوات المسلحة في ذكري عيدهم السنوي رغم صعوبة، أو استحالة.. علي الأصح، تنفيذها وتوقع إفشالها (..). وتأكيداً علي ماقاله الأمير السابق والنادم، أضاف قائلاً: [إن "المرحوم" خالد الإسلامبولي هكذا وصف الضابط الذي تنكر لقسمه، وخدع قادته، وخالف دينه، ومزق جسم بطل حربنا وسلامنا بعشرات الرصاصات كان يعلم جيداً استحالة نجاحه في قتل الرئيس السادات. و أنه يقصد القاتل قال لنا قبل تنفيذ عمليته إنه يتوقع بمجرد نزوله من العربة العسكرية التي يركبها في العرض العسكري أمام المنصة سوف يسارع العشرات بضربي بال " مولتيكا" سلاح مثل ال "آر بي جي" لإسقاطي ومنعي من ضرب رصاصة واحدة ضد السادات (..). ويبرر أمير الجماعة السابق، النادم : الشيخ أكرم زهدي "لماذا وافقوا علي العملية الإجرامية رغم ثقتهم، وثقة من اختير لتنفيذها، بصعوبة أو استحالة تنفيذها بنجاح؟!" فيشير إلي أن الهدف منها لم يكن اغتيال السادات بالفعل، وإنما كان فقط : [توصيل رسالة للحاكم الذي يسب العلماء علي حد وصفهم حتي لو كان الثمن دماءنا]. وليسمح لي الأمير السابق، النادم فضيلة الشيخ أكرم زهدي أن أبدي عدم اقتناعي بمبرره الذي لا جدوي من ورائه إلاّ محاولة كسب من لا ثقة لهم في نوايا جماعته. فالذي حدث هو أن هذا القاتل استطاع اختراق كل حواجز الأمن، كما واصل تقدمه ناحية المنصة بلا اعتراض من أحد، أو تسقطه رصاصة ممن يفترض منهم إطلاقها، ونجح إذا صح هذا الوصف ؟! في إفراغ خزينة رشاشه بعشرات الرصاصات في جسد أحد أبرز، وأصدق، وأنجح، الرؤساء في تاريخ مصر والمصريين.