الرجال الذين ادوا خدمات جليلة لاوطانهم وخاصة فيما يتعلق بأمن وسلامة هذا الوطن.. هؤلاء تتفق جميع الدول وعلي مدي التاريخ كله علي تكريمهم بشكل أو بآخر ليس لشخصهم وحدهم، ولكن من اجل مستقبل هذا الوطن وذلك عندما يدرك الجميع - المعاصرون واللاحقون - أن من يؤدي هذه المهمة المقدسة لابد وان يلقي اعلي درجات التكريم، سواء خرج من المعركة حيا او جريحا، او شهيدا انتقل الي العالم الاخر!! بذلك تحافظ الاوطان والدول المتقدمة علي قداسة هذه المهمة التي هي اساس حياة اي مجتمع، واي دولة، أو أمة، أو تكتل عالمي. وهكذا وكما نعرف جميعا فان الفيلد مارشال مونتجومري كان قائدا للقوات البريطانية في معركة العلمين التي دارت رحاها فوق اراضي صحرائنا الغربية وساحلنا الشمالي، ولان معركة العلمين هذه كانت بادرة انتصارات قوات الحلفاء علي قوات المحور فقد استمر تكريم مونتجومري سنويا في ذكري هذه المعركة حتي آخر لحظة من حياته وذلك رغم انه في تلك المرحلة المتقدمة من العمر كان عاجزا عن اشهار سيفه لتحية الملكة!! ومع ذلك استمرت احتفالات ومراسم التكريم حتي اللحظة الاخيرة من حياته الحافلة التي ما زال جميع تلاميذ بريطانيا العظمي يدرسونها مع باقي تفاصيل هذه الحرب وذلك حتي يومنا هذا.. والي يوم الدين! هكذا يجري اعداد المواطن هناك وفي مقدمة مراحل الاعداد تلك يتعلم كيف يحترم من حافظوا علي ارض الوطن وعلي راياته وبيارقه خفاقة تصبو الي العلا حتي اقصي ارتفاع. وقد يتصور البعض عندنا ان التكريم يقتصر علي كبار ومشاهير القادة وحدهم علي غرار الفيلد مارشال مونتجومري ولهؤلاء اشير الي ما جري منذ 6 اشهر تقريبا عندما خرجت بريطانيا ومن ورائها كل دول الحلفاء يحتفلون بوفاة آخر جندي اشترك في الحرب العالمية »الاولي« وكان ما زال حيا خلال العقد الاول من الالفية الثالثة!! واكثر من هذا فانه عندما مات المارشال البحري الالماني كارل دونيتز الذي كان قائدا للقوات البحرية الالمانية في عهد هتلر، وكانت له اضافات فارقة في حرب الغواصات التي اذاقت الجحيم ذاته لجميع دول الحلفاء... عندما مات هذا القائد الشهير بعد انتهاء الحرب بسنوات فوجيء الجميع بان قادة قوات الحلفاء جاءوا لتكريم هذا العدو الالماني الذي علمهم كيف ينبغي ان تكون الحرب البحرية! من هذا المنطلق فانه من المؤكد ان حرب اكتوبر 73 بالنسبة لمصر وكافة الدول العربية كانت اكثر اهمية من معركة العلمين وان قادة هذه الحرب الفارقة لا يقلون أهمية عن مونتجومري او روميل او دونيتز او باتون او حتي ايزنهاور الذي كان ان تولي رئاسة الولاياتالمتحدةالامريكية بعد هذه الحرب وبسبب انجازاته علي المسرح الاوروبي وفي ذلك وبعيدا عن اي »شوفونيه« فان ما قام به رجالنا في اكتوبر 73 لا يقل اهمية عن انجازات اولئك القادة العظام وذلك ان لم يكن يفوق تلك الانجازات من حيث ان حربنا لم تكن من اجل ايديولوجية او نظريات سياسية واقتصادية بل كانت مسألة حياة او موت لدولة هي الاقدم في تاريخ الحضارة والحياة!!