في مايو1990 أصدرت المحكمة الدستورية حكما بحل مجلس الشعب القائم في ذلك الوقت، والذي تم تشكيله في عام 1987 وفق قانون انتخابات جمع بين القائمة والفردي، وهو ما كان لا يتمشي مع مواد الدستور، فأقرت الدستورية حل البرلمان لأن القانون الذي نشأ عليه غير دستوري، وحددت المحكمة في حكمها يوم 25 مايو لحل البرلمان واعتباره منعدما من هذا التاريخ، وأسرع المجلس القائم في ذلك الوقت لإقرار الخطة والموازنة في اسبوع بجلسات صباحية ومسائية حتي تم الانتهاء من إقرارها قبل الموعد الذي حددته الدستورية. ورفع الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس في ذلك الوقت جلسات البرلمان دون تحديد لميعاد عقد الجلسات، وأصبح من التاريخ الذي حددته الدستورية مجلس الشعب غير قائم ومحلولا وفق حكم دستوري لا لبس فيه، واستمر المحجوب رئيساً لمجلس الشعب يمارس مهامه من داخل مكتبه في المجلس، وكذلك كان توافد النواب علي المجلس أمرا طبيعيا ويسمح به من دون منع أحد منهم من دخول حرم المجلس. وفي 12 اكتوبر اغتيل الدكتور رفعت المحجوب وهو نفس اليوم الذي اصدر فيه الرئيس السابق مبارك قرارا بالدعوة لاستفتاء شعبي علي حل البرلمان وهو ما تم وجاءت نتيجته لصالح الحل واعقبه قرار بالدعوة لانتخابات برلمانية جديدة بالنظام الفردي وتشكل علي أثرها برلمان 1990 ليحل فيه الدكتور فتحي سرور رئيساً له، وهو المجلس الذي أصدرت في حقه الدستورية حكما بحله فيما بعد وبعد مرور خمس سنوات لعدم الاشراف القضائي الكامل علي العملية الانتخابية والتي نشأ بعدها مصطلح قاض علي كل صندوق، وكان هذا المجلس الصادر في حقه حكما بحله قد أتم مدته الدستورية وأصبح منتهيا في ولايته، فانتظر مبارك قرب ميعاد الانتخابات وأصدر قرارا بالاستفتاء علي حله وجاءت النتيجة بالموافقة الشعبية علي الحل ليدعوا الناخبين بصفته رئيساً للجمهورية لانتخاب مجلس جديد وفق قانون أشرف فيه القضاة علي العملية الانتخابية إشرافا تاما. في المرتين كان هناك احترام رئاسي لأحكام الدستورية، وأيضا وهو الأهم احترام شعبي لهذه الأحكام تمثلت في نتائج الاستفتاء التي انحازت في نتائجها لأحكام الدستورية، وهو ما كان يجب حدوثه مع المجلس المنحل الحالي، فلإلتجاء للشعب للاستفتاء علي حل البرلمان ليس التفافا علي أحكام الدستورية ولكنه يتماشي مع الدستور المشاد به دائماً وهو دستور 71 وأيضا تنفيذا لسوابق برلمانية موجودة حديثا وليست في زمن بعيد. وهنا كان القرار الأصوب أن يدعو رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي الشعب للإستفتاء علي حل البرلمان واذا ما انحاز الشعب لحكم الدستورية كما هو متوقع فعليه الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، وهي القواعد الراسخة والقانونية الثابتة، أما ما حدث فهو أمر علي غير الدستور والقانون لأن دعوة مجلس صادر في حقه حكم دستوري بحله لا يستطيع أن يجتمع أو يصدر أي توصية أو قانون، ولكن يصبح الدكتور الكتاتني كما هو في السوابق رئيساً للمجلس لتسيير أعماله لحين انتخابات جديدة ومن قبلها استفتاء شعبي. لقد بات واضحا أن هناك حالة من الفوضي العارمة أصبحت تدب في أوصال الجسد المصري نتيجة عدم وجود نصوص دستورية واضحة المعالم، قاطعة في تنفيذها ومن ثم أصبحنا في مهب تفسيرات قانونية جدلية أساسها أن هناك فريقين الأول ضد عودة المجلس المنحل والثاني لديه الرغبة الشديدة في عودة البرلمان وكلاهما علي خطأ لأن الأصل تطبيق الدستور ونصوصه بعيدا عن الأهواء الشخصية والتي تؤدي إلي صراع سياسي قانوني ودستوري يضرب جذور الدولة المصرية التي نريدها للأمام وليس للخلف.