كنت قد قطعت عهدا علي نفسي ألا انتقد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي إلا بعد مرور المائة يوم التي طلبها لتحسين أحوال البلاد والعباد.. وطلبت من الجميع ان يعطوه فرصة لالتقاط الانفاس من الماراثون الانتخابي وترتيب الأوراق وآملت ان يهدأ الجميع وتنفض الميادين وننصرف جميعا الي العمل لأن هذا ما نحتاجه الآن.. الهدوء والعمل وايقاف التشاحن والتلاسن الذي امتد منذ خلع مبارك وحتي الآن ولم اكن اتخيل - ولو للحظة - ان يأتي نذير الفرقة والازمة وتقسيم المصريين الي فرق متناحرة من الرئيس ذاته.. وإذ فجأة وبدون سابق انذار ضرب مرسي كرسيا في الكلوب.. وقرر اعادة مجلس الشعب المنحل الي العمل رغما عن أنف قرار المحكمة الدستورية العليا والذي هو باسم الشعب فاعلا ما لم يستطع ان يفعله لا الملك ولا أي رئيس جمهورية مصري آخر أو في أي مكان حتي لو كان جزر الموز.. وأنا اسأل السيد الرئيس علي ماذا اعتمدت وعلي من في قرار كهذا ضد المنطق والقانون الذي اقسمت امام نفس المحكمة باحترامه؟!! هل الي شعبيتك الطاغية مثلا؟! جميعنا يعلم انك لا تملك تلك الشعبية ولا يحزنون حتي داخل جماعتك نفسها ومن انتخبوك ولست منهم في المرتين لم يتعد 6٪ من شعب مصر ولولا المال والطاعة في جماعتك ما نجحت.. هل اعتمدت علي حنكة سياسية مثلا؟! نعلم جميعا انك - حتي الآن لا تملكها.. انت استاذ جامعي علي العين والرأس.. لا اكثر ولا أقل مثلك آلاف منهم بالتأكيد يفوقونك علما رمتك المقادير لذلك المنصب الرفيع فكنا نظن ان تكون أهلا له وتكون حقيقة رئيسا لكل المصريين وليس أهلك وعشيرتك من جماعة الإخوان المسلمين.. ألم يكن أولي في جدولك المزدحم ان تطالب بالافراج عن 021 ألف معتقل مدني حكوموا امام المحاكم العسكرية - ليس من بينهم فرد من الاخوان المسلمين كي يقضوا شهر رمضان الكريم مع ذويهم؟! ألم يكن أجدي ان تطالب بالافراج عن شيماء الصحفية المعتقلة في السودان أو الجيزاوي وآلاف المصريين المعتقلين في السعودية والتي حج اليها مائة وعشرون مصريا علي رأسهم رئيس مجلس الشعب المنحل لتقبيل الايادي وتقديم آيات الاسف والاعتذار علي فعلة الغوغاء من شعب مصر الذين تجرأوا وتظاهروا امام السفارة السعودية للمطالبة بعودة الجيزاوي الذي اختفت اخباره تماما كأن لم تكن ونرجو ان تكون علي جدول اعمالك عندما تطير لملاقاة العاهل السعودي؟! ناهيك عن قضايا عديدة وملحة كالنظافة ورغيف العيش وازمة البنزين والاضرابات الفئوية في كل مكان وقضايا خارجية كمياه النيل وعلاقة مصر بالثورة السورية وإيران ..الخ.. تركت كل هذا ولم يخطر ببالك إلا عودة مجلس الشعب صاحب الاداء الكارثي منذ قدومه والذي كانت اعظم انجازاته رفع الأذان أثناء الجلسة ووصم الثوار بالبلطجة.. من الذي اشار عليك - ايها الرجل الذي يبدو طيبا - بهذا القرار؟! هل هم الجماعة.. أم الأمريكان؟1 ولماذا يكون أول قرار مهم لك ان تتخطي القانون وتقسم المصريين الي فرق متناحرة؟!1 لقد زين لك القانونيون من الجماعة صحة قرارك وظهروا في كل الفضائيات بابتسامات كأنها اعلانات لمعجون اسنان رديء لتبرير القرار بأنه لاقرار القانون وليس لخرقه مع نزول بضعة آلاف من الجماعة الي التحرير لتأييد هذا القرار المشين ومن الواضح انها ستكون خطة الايام القادمة. أي قرار للرئيس ينزل مؤيدون له الي الشارع ومبررون له في الفضائيات.. إذن ما الفرق بين محمد مرسي ومحمد حسني؟ بل وبدأ حاملو المباخر كلاما من نوع رمز مصر واحترام رمز مصر واقول لهؤلاء رئيس الجمهورية هو موظف مصري بهذه الدرجة مثله مثل أي موظف في أي مكان وأي مصري هو رمز لمصر والا فلماذا قامت الثورة واستشهد الشباب؟1 هل لنعيد انتاج فرعون آخر يحمل له الكهنة المباخر؟! ان الحكايات التي تروي عن تواضع الرئيس الجديد وان طعامه الخبز والجبن وصلاته الفجر حاضرا هي من نفس نوعية جلسة حسني مبارك مع الفلاح في العشة وشرب الشاي ليبدو بسيطا ومن الناس.. بالقطع الرئيس المنتخب ليس اذكي المصريين ولا احكمهم وهكذا كل الرؤساء والملوك في العالم هنا يلعب المستشارون الدور الأهم في تصويب طريق الرئيس اذا حسنوا اصاب والعكس صحيح ومن الواضح ان مستشاريك يا سيادة الرئيس يفضلون مصلحة الجماعة علي مصلحة مصر.. وحزب الحرية والعدالة علي عموم المصريين فانتبه.. لقد احدثت صداما مع السلطة القضائية لا مبرر والتي ردت عليك بالغاء قرارك.. فما العمل؟! هل تنهار الدولة لصالح الجماعة؟! وهل انتخبك من انتخبك لأجل ذلك؟!! اما السادة الليبراليون أو المثقفون الذين انقسموا لفريقين فريق عارض القرار لانه هدم لدولة القانون وكانت المعارضة من مكاتب مكيفة وليست نزولا للشارع كما يجب ان يكون يا سادة نزلتم للتحرير في امور أقل اهمية فلماذا النكوص الآن؟! اما الفريق الآخر فقد برر للاسف هذا القرار الخطير كراهية في المجلس العسكري متناسين شيئين الاخوان هم اول من تحالفوا معه وانقلبوا علي الثورة وان هؤلاء الجنرالات ليسوا من اسرائيل بل مصريون في رأيي المتواضع رغم ادائهم السييء في الفترة الانتقالية فهم اكثر وطنية وحبا لمصر من جماعة خرج مرشدها بكل التبجح ليقول طظ في مصر.. لا سلم فمك يا رجل. سيادة الرئيس طلبت ان نقومك عندما تخطيء.. ولقد اخطأت وسنقومك.