أما وقد أصبح لمصر رئيساً منتخباً يمتد تكليفه ومسئوليته دستورياً ليشمل كل المصريين سواء من قالوا له نعم أو من قالوا له لا . الأمر يستوي الآن في أن له حق الولاء من الشعب بالكامل وتقع عليه المسئولية الرعوية قبل هذا الشعب علي إمتداد الرقعة الجغرافية لبلادنا الغالية. وعلي المؤسسات والقوي الوطنية والمجتمعات الصناعية والإنتاجية أن تقف خلفه داعمة له ومتكاملة معه في الحفاظ علي المصالح الوطنية سواء علي جانبها المادي او المعنوي متوحدين خلف الهدف الأسمي ألا وهو بناء مصر النهضة . مصر الأمل . مصر المستقبل.. ويعن لي في هذا المقام أن أطرح موضوع اللامركزية في الإدارة والإقتصاد كأحد الروافد الهامة ذات الأولوية المتقدمة واللازمة لتحول الدولة إلي دولة ناهضة حديثة تلحق بالدول المطبقة لنظام اللامركزية والذي وفر لها قوة داعمة لإنطلاق إقتصادياتها نحو حلقات النمو المتتابعة.. والأمر ليس بخاف من ان التحول إلي النظام اللامركزي في الإدارة والإقتصاد ليس بالأمر الهين أو البسيط ، فالأمر يحتاج للجرأة والشجاعة والإصرار علي تحمل الأعباء المادية اللازمة لإحداث التغيير في بدايته، وفي دوران العجلة بعد هذا تخفيف عن تلك الأعباء المادية بل ما يتخطي ذلك من توليد لفوائض إيجابية تعود علي الخزانة العامة المركزية وكذا الخزانة العامة للمحافظات المختلفة والتي ستتحول تدريجياً إلي وحدات إقتصادية متكاملة تتميز كل محافظة فيها بما حباها الله من إمكانيات طبيعية وثروات مختلفة توفر لها الإستثمارات وتجني منها العوائد لتعيد إستثمار النجاح في تحقيق مزيد من النجاح . ومن مقومات النظام اللامركزي في الإدارة أن كل محافظة تسدد للخزانة المركزية قيمة الخدمات ألمؤداه لها قومياً وتتحمل فاتورة تكلفة الخدمات التي توفرها لأبناءها داخل المحافظة ، فمن الخدمات المركزية التي يؤدي عنها مقابل للخزانة المركزية خدمات السكة الحديد ذ البريد- قوات الأمن المعارة لكل محافظة والتعليم والصحة إلي أن تستطيع المحافظات الإستقلال بجانب من تلك الخدمات وتوفيرها ذاتياً داخل المحافظة . كما أن النظام اللامركزي يتيح للمحافظات اقتضاء ميزانياتها من الخزانة العامة وتحصيل الضرائب ذاتياً داخل المحافظات وأداء جانب من هذه الضرائب للخزانة العامة والتي علي رأسها ضريبة المبيعات فهي من حق الخزانة العامة دون منازع ويمكن للمحافظات إقتضاء تكلفة تحصيل تلك الضريبة إذا تمت عن طريق موظفين تابعين لها وعلي نفقتها . كما أنه من حق المحافظات الإقتراض من الخزانة العامة أو البنك المركزي لإقامة مشروعات لها أهميتها مثل إنشاء كباري أو مد لخطوط سكك حديد داخل المحافظة علي أن تسدد قيمة هذه القروض بنظام تحدده الحكومة المركزية ، ينسحب حق الخزانة العامة علي الموارد الجمركية بجميع أشكالها وتعدد منافذها الجمركية إلا أنه في حالة تنفيذ تحصيل الرسوم الجمركية عن طريق موظفين عموميين تابعين للمحافظات فإنه يحق للمحافظات المختلفة إقتضاء مقابل التحصيل بنظام تنظمه الحكومة المركزية بجانب ما يخصها من إيرادات سيادية اخري مثل قناة السويس وعائدات البترول والثروات المعدنية وغيرها . . ومن الأهداف التي توفرها اللامركزية إطلاق المزايا النسبية لكل محافظة لتتميز بها عن باقي المحافظات في سباق يحفز من قدرتها التنافسية مثال ذلك- تميز محافظات البحر الأحمر بتوليد طاقة الرياح وضخها في الشبكة العامة بمقابل ، وتميز محافظة أسوان بتوفير الأسماك المجمدة و المصنعة لكافة المحافظات الأخري مما يوفر عائداً للمحافظة مقابل استفادة سعرية لباقي المحافظات.. هذا إيضاح موجز لمفهوم اللامركزية رأينا طرحه بصورة مبسطة دون أن نغفل أن الأمر يتطلب إنشاء ما يمكن أن نطلق عليه مسمي "البنية الأساسية" للامركزية سواء من الناحية البشرية أو المادية أو الإدارية ، بالإضافة إلي إقامة نظام رقابي فعال يعتمد في وضوح علي الشفافية الكاملة بالتوازي مع نظام حاسم للثواب والعقاب . naderriad.com