بعد غد الأربعاء تهل علينا ذكري الانتصار العظيم.. ذكري السادس من أكتوبر الذي استردت فيه مصر كرامتها وعزتها وهيبتها.. كثير من الأقوال والتصريحات والصور والأغاني التي تعاملنا معها وعايشناها قبل وأثناء حرب يونيو 7691 المشئومة وحتي يوم السبت السادس من أكتوبر 3791 شابها عدم المصداقية.. الأقوال كانت منافية للحقيقة.. الصور مزيفة.. الأغاني والألحان خادعة.. وحتي لو افترضنا جدلا أن بعض الأقوال والصور والأغاني كان بها بعض الصدق، إلا أن حالة الكذب والغش والخداع التي عشناها أيام حرب الأيام الست البغيضة والتي تعرضنا فيها لهزيمة قاسية جعلتنا نشك في كل ما تسمع آذاننا وتري أعيننا. وحتي عندما استمعنا في الإذاعة للبيان رقم 1 يوم السادس من أكتوبر 3791 يعلن عبور قواتنا المسلحة الباسلة مانع قناة السويس الصعب وتحطيم خط بارليف الذي أحاطه الإعلام الصهيوني بهالة من التضخيم والتعظيم لإرهاب جنودنا وزرع اليأس في نفوسهم، لم يصدق كثيرون في بادئ الأمر ما يذاع من بيانات عسكرية، وتصورنا أن ما يرد إلينا من أخبار عن عبور قواتنا إلي الضفة الشرقية لقناة السويس ما هو إلا »تطييب خواطر« أو استمرار لمنظومة الكذب والخداع التي تعودناها وعايشناها وألفناها من إعلام فاشل ومخادع أيام حرب 76. اتجه الناس بآذانهم إلي الإذاعات الأجنبية ليتأكدوا من صدق ما يذاع وينشر في وسائل الإعلام المصرية.. وكم كانت سعادة كل المصريين ونشوتهم وزهوهم عندما تأكدوا أن ما يقال ويذاع في وسائل الإعلام الأجنبية يتطابق تماما مع ما بثته وسائل الإعلام المصرية.. الأمر هذه المرة حقيقة.. قواتنا عبرت القناة فعلا ودمرت مواقع العدو.. طائراتنا أسقطت طائراتهم، ومدفعيتنا وصواريخنا أوقفتهم عند حدهم ودكت حصونهم.. جنودنا يأسرون جنودهم.. علمنا يعود مرفرفا فوق أرض سيناء الحبيبة المحررة بدلا من علمهم الذي ظل مرفوعا ظلما وعدوانا طيلة ست سنوات. إذن اللحظة لحظة صدق.. لحظة إخلاص.. لحظة حب حقيقي للوطن.. الكلمات صادقة.. والصور حقيقية.. الأغاني تخرج من القلب دون تزيين ولا تجميل فتصل مباشرة إلي القلب الذي كان متعطشا ومتشوقا لكي يعزف انشودة الانتصار.