إذا كانت الحكومة تتولي وضع الخطط الخمسية وتعمل علي تدبير الموارد اللازمه لتنفيذها في جميع الجوانب الإقتصادية والإجتماعية ويعد ذلك ضمن مسئولياتها وأحياناً تعجز عن الوفاء بإلتزاماتها تجاه بعض المشروعات نتيجة لنقص في التمويل فتجد نفسها في حاجة إلي مشاركة شعبية مخلصة داعمة لما تبذله من جهد لتجاوز تلك الأزمات. وإزاء هذا الأمر فإن الجهد الشعبي والعمل التطوعي يظهر بصورة جلية متعاوناً مع الحكومة أومستقلاً بذاته في أحيان كثيرة. وإذا أردنا أن نستعرض بعض الأمثلة فلنا أن نأخذ بمثال حاضر أمامناً في كل أزمة ويمثل مشاركة مستمرة من خلال منظومة لاتنتظر طلباً من أحد بل تأخذ بزمام المبادرة في عملها الأهلي ألا وهي جمعية الهلال الأحمرالمصري التي نشأت في عام 1911م وتؤدي نشاطها في إطار مبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وصدر لها قانون في 1913م. ثم أخذ الهلال الأحمر مساره الشامل في ظل رئاسة السيدة الفاضلة سوزان مبارك ولم يقتصر علي الرعاية الطبية والمساعدات الإجتماعية ودور نمطي معتاد وإنما أخذ في ممارسة دور تنموي من خلال حفز فلسفة التطوع والوصول بها إلي المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة في أنحاء مصر فضلاً عن دعم وتكملة الأنشطة الحكومية التي تصب في المصلحة الإجتماعية والاقتصادية للمواطنين لتحقيق مستوي معيشة أفضل. فكان التعامل مع زلزال1992م والحوادث المتعاقبة وآخرها أحداث السيول في يناير2010م بإسلوب إداره الأزمة والحد من مخاطرها وتجاوزها إلي الأفضل بإيجاد حلول عاجلة وآجلة وتحويل الآثار المترتبة عليها إلي مشروع وطني هادف وماحدث في الدويقة ومساكن زينهم ومنشأة ناصر من العمل علي تطويرها وإخراجها من العشوائيات من خلال منظومة متكاملة قام بها الهلال الأحمر ليس ببعيد. هذا بخلاف ماأولاه الهلال الأحمر من رعاية كاملة وإنشاء القري الرائدة والمساكن لمتضرري السيول في شمال وجنوب سيناء وأسوان مما هو ظاهر للعيان. وبقدرالجهد المبذول يزيدالطلب علي تحقيق المأمول وبعيداً عن الشعار الذي يعنية الهلال كرمز ديني وكأساس لمعرفة المواقيت فإنه بهذا النموذج وصل إلي العالمية وغطي جوانب من الكرة الأرضيه متجاوزاً حدود البلدان تماماً كما يطل عليها الهلال الأصلي الذي يسطع عليها بداية كل شهر قمري. وإذا كان الهلال الأحمر أخذ علي عاتقه المساهمة في توفير مسكن ملائم للمواطن المصري ويرعاه رعاية متكاملة من خلال أعمال التطوع والمشاركه فإن رمز الهلال إذا تعددت ألوانه بتعدد أغراضه فإنه يمكن أن يصل بنا إلي تبني منظومة متكاملة نحو التنمية حيث إنه حدد مساره ولم يشتت جهده هنا وهناك. فإذا إنتبهت الدوله أخيراً بإنشاء جهاز وطني لتنمية سيناء ليتولي دفع عجلة التنمية والسير بها نحو الأفضل فإنه لايجب أن يكون إنشاء الأجهزة دون دراسة واعية ومتأنية للدور الذي يمكن أن تقوم به بل يجب أن يأخذ صفة الثبات والاستقرار لا أن يكون حقل تجارب مايلبث أن يهمش أو يزول. فإن هذا الجهاز سبقته لجنة لتنمية سيناء بمجلس الوزراء في عام 2008م وقبلها جهاز تعميرسيناء التابع للجهاز المركزي للتعمير بوزارة الإسكان والذي أنشئ بعد تحريرها ليتولي ربط سيناء بالوطن الأم ودعمها لتكون خط دفاع عن مصر ورفع الكثافة السكانية إلي 3 ملايين نسمة حتي عام 2017م عن طريق تنفيذ البنية الأساسية إلا أن الجهاز تقلصت اختصاصاته وضعفت موازنته حيث كان له دور ملموس مما أكسبه خبرة عملية يمكن أن يستفاد منها. وقبل ذلك كانت الهيئة العامة لتعمير الصحاري التي أنشئت في الخمسينيات من القرن الماضي لتنفيذ بعض المشروعات لإستصلاح الأراضي وخاصة في الصحراء الغربية الأمر الذي أدي إلي فكرة نقل مياه النيل من بحيره السد العالي إليها في بداية تنفيذ السد العالي عام 1963م أضف إلي هذا وجود جهاز تنمية شمال سيناء الذي تم إنشاؤه مع بداية مشروع ترعة السلام في عام 1994م يتبع وزارة الري أسندت إليه أعمال البنية الأساسية وكذلك التصرف في الأراضي ثم تلاه تكوين الشركة القابضة لتنمية سيناء ثم انقضت في عام 2006م. لانذكر ذلك يأساً من كثرة الأجهزة التي يتم إنشاؤها كلما تحدثنا عن سيناء أو كانت هناك ضغوط للإسراع بتنميتها ولكن نريد الوسيلة المناسبة والآلية الجادة والفعالة بأي مسمي وبروح الفريق يكون لديها سرعة التخطيط وإتخاذ القرار الذي يصب في مصلحة التنمية الشاملة لهذه البقعة الغالية ومنحه الصلاحيات التي لاتشتت الجهد وكذلك ضخ التمويل المناسب للإسراع بالتنفيذ. وبقراءة عابرة للتاريخ نجد أن سيناء تقع ضمن منطقة الهلال الخصيب التي شهدت أقدم الحضارات في بلاد مابين النهرين وبلاد الشام حيث تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق والكويت وقبرص وسيناء مما يحتاج معه إلي تكوين منظمات وجمعيات تحمل أهله بألوان أخري غيرالهلال الأحمر فيمكن أن يكون هناك هلال أخضر للتنمية الزراعية وهلال أزرق لتنمية المسطحات المائية تتضافر فيه جميع الجهود الشعبية لتغطيه أي عجز في التمويل الحكومي لبعض المشروعات مما يساعد علي الإسراع بتحقيق النتائج المرجوة منها حتي تكون المنطقة هلالاً خصيباً كما ذكرها التاريخ. كاتب المقال : عضو مجلس الشعب