جمال الغيطانى لم نعرف فترة انقلبت فيها المعايير مثل المرحلة الخطيرة التي نمر بها الآن. ابتذلت كلمة الثورة، وامتهن الميدان، واصبحت كلمة الوطنية تثير الريبة بعد أن اصطفت بعض رموزها في خندق واحد مع قادة الدولة الدينية التي ظهرت ملامحها الآن وتحاول التقدم لإسقاط الدولة المصرية أقدم دولة في العالم، ويتم هذا بدعم أمريكي سافر، تسانده مواقف أوروبية. ما شهده الميدان بدءا من الاربعاء الماضي والمستمر حتي الآن لا علاقة له بما جري في يناير وبما تعنيه كلمة »الثورة«، في يناير كان تحرك المصريين تلقائيا ليشكل أحداث ثورة عظيمة في المسار الانساني. لم يحدث من قبل أن تواجدت أسر بكاملها لمدة ثمانية عشر يوما بما في ذلك الاطفال الرضع، كان هذا هو المشهد في الميدان. شعب عريق انتفض ضد الظلم والقهر والإهانة المنظمة واستشهد منه اكثر من ألفين. لم يكن الشعب في التحرير تابعا لحزب واحد أو اتجاه سياسي معين ولم يكن للإخوان المسلمين وجود مع اندلاع الثورة، خلال العام والنصف المنصرم تغيرت الأوضاع والمفاهيم، وتغير ايضا مفهوم الميدان ورأينا الثورة تعني الإخوان والانتصار لأهدافهم المتغيرة طبقا للحال، حتي أصبح التمرد الذي يحوي إرهابا للقضاء، وتهديدا للمجتمع وترويعا للآمنين يطلق عليه ثورة، لم تبتذل كلمة في تاريخنا كما ابتذلت كلمة »الثورة« ولكن كان غريبا أن نري فصيلين من رموز الثورة الحقيقية أعني جماعة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين في صف واحد مع الشبان الإخوان يحتشدون في الميدان ترويعا للجنة العليا المشرفة علي الانتخابات. وتهديدا للقضاة في المحكمة الدستورية العليا، أهداف كلها تتصل بجماعة محدودة، لها أهداف تعمل علي تحقيقها منذ ثمانين عاما وتدفع الوطن الآن الي حافة الهاوية، للأسف ابتذل المكان والزمان، اصبح الميدان بؤرة لا صلة لها بكل ما تمثله ثورة يناير، اما بعض القوي الوطنية الداعية، أو هذا ما نفترضه من رموزها فكم يبدو اصطفانها غريبا مريبا مع مرشح بعينه يمثل تيارا لا يسعي الي مساندة رئيس مرشح، إنما الي هدم الدولة وتفكيك الوطن وأخطر مما جري ويجري تلك الحملة علي الجيش المصري ولهذا حديث يطول.