الفيلة نيلى توقعت فوز الماكينات الألمانية على أحفاد الأغريق يبقي النزاع السياسي بين ألمانيا واليونان طاغيا علي كواليس مباراة المنتخبين التي تبدأ في العاشرة إلا ربع مساء بتوقيت القاهرة في دور الثمانية كأس الأمم الأوروبية يورو 2012، لكن كيف سيؤثر هذا النزاع علي معنويات كل منهما قبل صافرة البداية؟ ولأن لقبهم الماكينات، فقد أجمع لاعبو ألمانيا وجهازهم الفني علي ضرورة العمل والاجتهاد دون الانقياد لعواطف أو عوامل خارجية، فالتركيز منصب علي تقديم عرض جيد في الملعب والخروج بمكسب يؤهلهم للمربع الذهبي، مع الفصل التام بين السياسة والرياضة. لكن يبدو الوضع مختلفا في المعسكر اليوناني، حيث كانت الجماهير أقل شغفا بأجواء اليورو هذه المرة بسبب أزمتها المالية الطاحنة، فلم تلتفت كثيرا لمباريات منتخبها قبل البطولة، لكن الاهتمام زاد شيئا فشيئا مع نجاحات الفريق المفاجأة وبلوغه لدور الثمانية برفقة التشيك علي حساب الدب الروسي والبلد المضيف بولندا. وبلغت الإثارة ذروتها حين شاءت الأقدار أن تصطدم اليونان بألمانيا، وفي قلب كل يوناني غصة تجاه تلك الدولة التي تمارس ضغوطا عليهم للدخول في دوامة الإجراءات التقشفية بما تشمله من خفض للرواتب وتسريح آلاف الموظفين مقابل أن تنال بلادهم حزمة من القروض والمساعدات المالية. لذا فإن لاعبي اليونان ومن خلفهم شعبهم متسلحون برغبة لرد الاعتبار وإثبات الذات حتي لو كانت داخل حدود مستطيل أخضر، فالفوز لن يحل أزمتهم الاقتصادية، ولكن سيكسبهم شحنة معنوية هائلة، ولسان حالهم يقول نحن لا نقبل الضغط أو التهديد.. ولن نركع. وستكون المباراة تحت أنظار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي قررت مشاهدة اللقاء من مقصورة الشرف بملعب جدانسك أرينا ببولندا، لكن وجودها لن يكون مرغوبا فيه من جماهير الأزرق. ولم تكتف ميركل بمقاطعة مباريات منتخب بلادها في أوكرانيا احتجاجا علي اعتقال المعارضة يوليا تيموشينكو، بل تعمدت إثارة مزيد من الجدل بزيارتها للجارة بولندا لحضور تلك المباراة العصيبة. ونفي مدرب المانشافت يواكيم لوف تدخل ميركل للخلط بين السياسة والكرة، رغم أنهما يحظيان بعلاقة صداقة وطيدة علي حد قوله، لكن محادثاتهما لا تخرج عن نطاق التشجيع والمؤازرة والتحفيز المعنوي، ولا شئ أكثر. أما صحف ألمانيا وكذلك اليونان، فأرادت سكب البنزين علي النار بوصف المباراة بأنها صدام منطقة اليورو. لكن نجم بايرن ميونخ توماس مولر هون من الأمر كحال مدربه، مصرحا لصحيفة (بيلد) بأنه وزملاءه لا يفكرون في السياسة، بل أكد علي أن الحديث في السياسة داخل معسكر الألمان ممنوع، لكنه أشار إلي أنه يكن الود والاحترام لليونان عن تجارب شخصية. ووافقه الرأي زميله هولجر بادشتوبر، الذي يري أن المباراة تهمه من الناحية الكروية وحسب. وستكون السياسة حاضرة بقوة في اللقاء أيضا حتي مع تنحية اليونان جانبا، فألمانيا ستخوض مباراتها الأولي في اليورو علي أرض بولندا بمدينة جدانسك القريبة من شبه جزيرة فيستربليت، وهي التي شهدت بداية الغزو الألماني لبولندا خلال الحرب العالمية الثانية. ورفض لوف اقتراحا بخوض المباراة بمدينة بولندية أخري، ليصمم علي موقفه بإبعاد السياسة عن الرياضة، ومقولته الثابتة كرة القدم هي كرة القدم.