المهندس أسامة كمال اثناء حواره مع »الأخبار« لا يضيع حق وراءه مطالب.. مادام الهدف مشروعا. والمصلحة القومية هي الهدف وأن هناك خدمة جليلة ستقدم للوطن وتضيف لبنة للاقتصاد.. بهذه القناعة وبهدوء مغموس بالثقة يتعامل المهندس أسامة كمال رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات.. أحد الصروح المصرية التي تتعامل في مختلف نواحي الصناعة.. وبفكر مرتب وسط ضغوط وأعباء جسام تراه دوما يتحدث عن الأمل بابتسامة لا تخلو من الدعابة.. والأمل عنده يكمن في صناعة مجهولة يعمل جاهدا وسط الأجواء القاسية للخروج بها للنور لتقديم صناعة هادفة وقيمة مضافة لمنتجاتنا. فهو يؤمن بأن البتروكيماويات بما تحمله من تشابك وتداخل بشتي المنتجات هي الأمل القادم والحصان الرابح. وقاطرة التنمية الجديدة.. لتبقي ضرورة حتمية وليست مجرد صناعة بل طريقة حياة ووسيلة لتطوير المجتمع وتحقيق الرخاء والنمو الاقتصادي.. فالحديث مع أشخاص بفكر أسامة كمال يعطينا الأمل في شباب مصر الذين درسوا وامتلكوا ناصية العلم وفكروا وخططوا لتطوير ما يعود بالنفع علي صناعة مهمة ومفيدة لدفع عجلة الاقتصاد. فمازال الأمل موجودا في ظل قيادات شابة وواعية تتعامل بثقة وتملك مقومات النجاح.. وتقاوم من أجل المصلحة العامة رغم الصعاب.. وإلي نص الحوار: بعد صدور الحكم لصالح تشغيل موبكو هل كانت الضجة الإعلامية المثارة في محلها؟ - لقد طالب عمال موبكو محافظ دمياط وجميع المسئولين ممن لهم علاقة بقرار تشغيل المصنع بضرورة تنفيذ قرار المحكمة كما أن كبار العائلات وحكماء البلد يعملون علي اقناع الاهالي بضرورة تشغيله لما له من فوائد عظيمة علي الاقتصاد لمصر وأهالي دمياط والطفرة الهائلة التي تضاف لصناعة الأسمدة وتشغيل الأيدي العاملة حيث يتيح مجالات أوسع للعمالة وتكون الأولوية لأبنائنا وأخوتنا من أهالي دمياط كما هو المتبع وفق الدراسات التي نقوم بها والعرف الذي نعمل به دوما وهو توظيف العمالة القريبة من موقع الانتاج وذلك ما سوف نتبعه في جميع المحافظات ثم نقوم بعد ذلك بسد احتياجاتنا من مختلف أنحاء الجمهورية وفق حاجاتنا من تخصصات ولكن نؤكد دوما علي أن الاولوية في التشغيل لسكان المناطق المجاورة للمصانع التي نقيمها. هذا بالاضافة الي تنمية المجتمع الذي ننشيء فيه المصانع وذلك لتعظيم الدور التنموي والتكافل الاجتماعي وفق بنود اساسية في لوائحنا بتخصيص جزء من أرباح المصانع لتطوير المجتمع المصري ومانقوم به في خدمة المجتمع المدني بدمياط خير دليل وذلك عن طريق كفالة الأيتام ومساعدة الأسر الفقيرة بالإضافة للمساهمة في مصاريف التلاميذ والطلاب غير القادرين لأنها رسالة نبيلة نسعي من خلالها لتطوير مجتمعنا بجانب استثمار صناعتنا. فالدور الاجتماعي مردوده أعظم وأبقي. لكن ما الاستفادة من وجهة نظرك بإعادة تشغيل المصنع ؟ - الحكم بإعادة تشغيل موبكو جاء ليؤكد عودة الثقة بيننا وبين أهالينا في دمياط ويعيد الثقة للمجتمع المصري ويؤكد بما لايدع مجالا للشك أن انحيازنا دوما للحقيقة والمصلحة العامة بعيدا عن الأمجاد الشخصية والتحديات ويؤكد سلامة موقف مصنع موبكو بيئيا. لكنني أضع نفسي مكان المسئولين الذين أصدروا القرار بايقافه فقد يكون من وجهة نظرهم هدفه الصالح العام. كما أن الشحن الإعلامي زاد من سخونة الموقف واستثمرته بعض الصحف والفضائيات المغرضة للاحتقان والتحريض لأهداف غير بريئة لكن نحمد الله أن الحقيقة ظهرت لتبرهن أن الحق دوما سيظهر مهما حدث من تضليل لأن شعبنا يستحق الكثير. كما أنني أقول للذين يصطادون في الماء العكر أننا مع كل ما يضيف للدخل القومي ويفتح فرصة عمل ولو واحدة لشبابنا. كما أن اللجان العلمية المحايدة والتي صدر الحكم بناء علي تقاريرها لم يكن لها مصلحة وهناك تسع لجان مختلفة أجرت زيارات ودراسات ومسح شامل وتحليلا لكل الانبعاثات بالإضافة للتحاليل البيئية العلمية لتثبت أن المصنع غير ضار بيئيا أو صحيا. وإذا كان البعض قد تبني موقفا خاطئا مبنيا علي معلومات خاطئة أدت للاحتقان الذي حدث فإن القرار جاء ليوضح عدم تأثير المصنع علي حياة الناس من خلال دراسات مستفيضة لسلامة البيئة ومخارج الصرف الصناعي ونؤكد أننا في صف أهالينا في دمياط وكل مكان يقام به أي مصنع ولن نقوم بتشغيل أي منشأة سببت لهم أي ضرر. وأن انحيازنا لتشغيل المصنع جاء بناء علي ثقة في استيفائه لجميع الشروط وبما لايدع مجالا للضرر البيئي علي المنطقة والأهالي. وحتي لو لم يتم تشغيل موبكو فيكفينا توضيح الصورة وعودة الثقة والاستجابة التي جاءت من العقلاء بعدما تأكدوا من سلامة المصنع وعدم اضراره بحياة أي إنسان نهائيا. كما أننا قادرون مثلما أثبتنا الحقيقة علي تطوير المجتمع المصري بالمساهمة الايجابية في تنمية المجتمع المدني بجانب تطوير صناعة البتروكيماويات التي ستكون الحصان الأسود والرابح للصناعات المصرية وستثبت أنها العمود الفقري لاقتصادنا من خلال التداخل في مختلف الصناعات وسنسعي لخلق فرص عمل واعدة وتنمية مباشرة للصناعات الصغيرة بخطط مدروسة وهادفة. كما أننا وضعنا خطة علمية لتطوير صناعة الأسمدة بأحدث التقنيات الحديثة لتكون هدفا قوميا من خلال إنشاء شبكة مصانع متطورة ومنتشرة في مناطق الجذب الزراعي لتطوير النهضة الزراعية وتنمية الصحراء واستغلالها والوقوف بجانب أهالينا الفلاحين لعودة الفلاح المصري من جديد لمكانته ولنعيد للزراعة المصرية هيبتها وسمعتها ونشجع الاقبال علي العمل الزراعي بمساعدة الشباب ومدهم بكل متطلبات الاحتياجات الزراعية. هل هناك ايجابيات علي المستوي الدولي لإعادة افتتاح موبكو؟ - بالتأكيد هناك تغير في خطط الاستثمار وهناك اتصالات ايجابية لدراسة انشاء مشروعات ضخمة مع دول كبيرة ومهمة في صناعة البتروكيماويات وهناك تغير ملحوظ في اقبال الشركات العالمية علي التفاوض وعودة المشاورات لمشروعات تجري دراستها واختيار أماكن إقامتها ونأمل ان شاء الله اقامتها في أسرع وقت لأن أغلب الدراسات والأماكن جاهزة ومحددة وينقصنا التنفيذ وستحدث هذه المشروعات نقلة غير مسبوقة في تطوير هذا القطاع المهم من الصناعة. وماذا عن الجديد في البتروكيماويات وتداخل منافعها؟ - الجديد هو وصول صناعة البتروكيماويات الي 65٪ من مكونات السيارات من فرش واكسسوار وكماليات أي اننا بخلاف الشاسية والموتور نستطيع الآن صناعة سيارة بمواصفات هائلة واقتحام منطقة مهمة في الصناعة لدعم الاقتصاد. فالبتروكيماويات تحاصرنا من كل جهة والضرورة واجبة لتطوير هذه الصناعة الطموح. وتعتبر البتروكيماويات هي العمود الفقري وأساس الصناعة الحديثة. هل تري تجاهل الدولة لهذه الصناعة وهل هناك سبل للدعم؟ - الدولة ليست متجاهلة صناعة البتروكيماويات ولكن الاخلاص ليس بالدرجة الكافية.. وكما يقولون السمكة تفسد من رأسها.. واعترف ان جميع بلدان العالم بها فساد لكن لابد أن يكون هناك التزام ودعم من الادارة العليا في البلد من خلال اختيار قيادات صالحة.. ووضع هدف قومي لتحقيقه.. فقد كانت رؤية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر متطلعة لدولة صناعية متقدمة وتتبني فكرة الألف مصنع وكان دوما يفكر في المشروع القومي لإيمانه بمردوده الجاد علي البلد. هل هناك خطة قومية طموح ورؤية للبتروكيماويات بما أنك تراهن علي أهدافها؟ - في سنة 2000 وضعنا خطة قومية لصناعة البتروكيماويات في مصر وأنشأنا الشركة القابضة بقيادات واعية ووضعنا خطة مقسمة إلي ثلاث مراحل لتكون 24 مشروعا وكل مرحلة 8 مشروعات ودخلت مشروعات علي خريطة الإنتاج، وفي المرحلة الثانية اعتبرناها مشروعا قوميا وركزنا علي ما يسمي بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتدخل في المنتجات النهائية مثل صناعة الأطباق والمواسير والسجاد. وطلبنا من المهندس عبدالله غراب وزير البترول عرض الموضوع علي مجلس الوزراء والحقيقة الوزير مقتنع ومتحمس جدا للفكرة نظرا لجدواها. واتفقنا علي عمل بروتوكول موحد لنجمع شمل المحليات والاستثمار ورجال الأعمال وما نحظي به من دعم المهندس عبدالله غراب هو دليل مساندة. وسعي لخلق فرص واعدة وفتح آفاق استثمار لدعم الاقتصاد في ظل فهم لمتغيرات السوق. فهو يري ضرورة تطوير الصناعة ومشتقاتها للوصول لأعلي قيمة. كما يسعي لجذب فرص عمل وفتح أسواق جديدة لجذب الشباب. كما ان الصناعات الصغيرة ستزيد الاستثمارات فيها عن 3 مليارات جنيه.. وسنتطرق لمناطق جديدة مثل سوهاج ورأس غارب وقنا والإسماعيلية لتفتح رزقا جديدا ولقمة عيش لشباب الخريجين لأنها تتميز بانخفاض رءوس الأموال.. وسنتعاون مع الصندوق الاجتماعي لتشجيع الشباب وستكون طريقة واعدة لجذب العمالة الكثيفة. هل هناك دراسات لتناسب صناعة البتروكيماويات مناطق الجمهورية حسب طبيعة المنطقة ومنتجاتها؟ - لقد درسنا مناطق مصر لتناسب معها المنتجات التي تلائم البيئة والصناعات القائمة فيها ففي دمياط سنطور ونقيم صناعات مثل الأخشاب والدهانات والغرة والأحبار. أي أننا نسعي لمنتج يناسب البيئة ويضيف قيمة للصناعة الموجودة. ولقد لاحظنا شغفا بالصناعات الصغيرة وما تدره من ربح جعل الكثيرين يفكرون بجدية، وهذا هو سبيلنا لتطوير صناعة البتروكيماويات لنصل لطفرة في القيمة المضافة بالمنتج النهائي الذي يسد حاجتنا ومكسبه عال. كما أن منطقة دمياط تحظي باهتمام بالغ في إنتاج اليوريا والأسمدة لتغطية مستلزمات الفلاح لاننا نضع أمامنا ضمن الهدف القومي مساندة الزراعة المصرية والنهوض من عثرتها وتطويرها والشد علي يد الفلاح المصري.. وتوفير احتياجاته من أسمدة وكيماويات. هل لأنكم شركة قطاع عام وتابعون للدولة فأنتم محظوظون بالمزايا والتسهيلات لدعم الصناعة؟ - لا نحصل علي أي ميزة من الدولة لا في سعر الأراضي التي نقيم عليها مشروعاتنا ولا سعر الغاز الذي نستهلكه فنحن لا نحصل علي أية ميزة فالغاز يأخذه المستثمرون بواحد ونصف دولار وموبكو تدفع خمسة دولارات في المقابل. ورغم ذلك نجتهد ونطور صناعتنا ونحقق ارباحا للدولة ولنا خبرة وريادة في مجال صناعتنا. ما ردك علي الاتهام بالحصول علي قروض عالية لصناعة البتروكيماويات؟ - القروض التي نحصل عليها نغطيها فالصناعة جاذبة ودخلها عال طالما نعرف حجم اللعبة وحدودها ونحن بخبراتنا نتوسع لنغطي السوق الخارجي ولدينا تعاقدات دولية بالإضافة لحجم السوق وطالما اننا نسدد القروض من عوائدنا ومكاسبنا فلا حذر والبنوك لا تعطي لمشروعات إلا إذا كانت مدروسة ومربحة. لكن مع مشكلة موبكو حصلنا علي مليار دولار للتوسعات واضطررنا مع المشاكل التي حدثت إلي ترحيل القسط الذي حل موعد سداده في شهر يوليو الماضي ووصلت فائدة الترحيل إلي 84 مليون دولار.. وقد قمنا بترحيله إلي آخر موعد للسداد وقد لعبت البنوك الوطنية دورا مهما في تمويل الصناعة. وماذا عن حجم وكثافة صناعة البتروكيماويات وما توفره من فرص للشباب؟ - لقد أتاحت صناعة البتروكيماويات 100 ألف فرصة عمل خلال عشرين عاما وبلغ حجم الانتاج 51 مليون طن بإجمالي ناتج حوالي 13 مليار دولار. وأري أن السبب في عدم الانطلاق بهذه الصناعة لعدم استقلالية الاقتصاد المصري ولابد من ترشيد الطاقة ودعم صناعة البتروكيماويات لأنها صناعة القيمة المضافة المتضاعفة فقد أصبحت تدخل في كل شيء ابتداء من البنية الاساسية للمشروعات حتي مكونات السيارات وصناعة الأدوية وأنوه إلي أن مصر تستهلك 75 مليون سرنجة ونستورد منها 40 مليونا.لكننا نعمل علي تطوير المكونات الطبية وأكياس الدم ومكونات الصناعة التي تدخل في تأثيث المستشفيات ونسعي للاكتفاء من السرنجات وننتجها بمواصفات فائقة الجودة. هل هناك مجالات للتسويق دوليا وحجم الاستثمارات بماذا يقدر ؟ - بخبرة المتخصصين فإن الدولة التي لا يوجد بها صناعة بتروكيماويات ستنتهي بعد خمس سنوات وإجمالي الاستثمارات في هذا القطاع التي نفذت للآن حوالي 45 مليار جنيه.. وهناك مشروعات تفوق 7 مليارات دولار نحاول الترويج وجذب الاستثمارات لها.. كما نحاول اقتحام السوق الافريقية لأنها واعدة لمنتجاتنا. ورغم الاحداث والمشاكل في دمياط إلا أن انتاج الشركة المصرية لانتاج الميثانول بميناء دمياط بلغ 1300 مليون طن من المذيبات والدهانات والمواد الطبية ويمثل هذا المشروع نموذجا ناجحا للشراكة الاجنبية، كما ان الشركة المصرية لإنتاج البروبلين ومن المخطط دخول مشروعات جديدة خلال 2012 مثل البولي ستيرلين بالدخيلة باستثمارات وطنية 100٪ ويدخل هذا المنتج في صناعة مواد التعبئة والتغليف ومستلزمات صناعة السيارات والمستلزمات الطبية.. بالاضافة لتطوير صناعة العبوات الغذائية وزجاجات المياه والمشروبات الغازية والمنسوجات. هل المنافسة مع قطر والخليج صعبة.. في صناعة البتروكيماويات.. من خلال ضخ الاموال بطريقة ضخمة؟ - مصر لديها مقومات كثيرة تجعلها في مصاف الدول المتميزة في هذه الصناعة.. وهذه المقومات هي امتلاك مصر الموارد البشرية الماهرة والتي لا تمتلكها دول الخليج وقطر التي تنافسنا بقوة في هذه الصناعة.. إضافة إلي أن مصر تمتلك مجموعة موانئ متعددة علي البحر المتوسط والبحر الأحمر وهذا يعطي مصر ميزة أخري. وأيضا الموقع الجغرافي ووقوعها بين أوروبا شمالا وأمريكا غربا وهي أسواق مستهدفة لمصر.. والسوق المحلي لصناعة البتروكيماويات حيث يمثل ارضا خصبا لتصريف المنتجات والاستثمار كما أننا المورد الوحيد لدول أفريقيا.