سقوط سيارتين نقل من معدية ببورسعيد يسفر عن مصرع 3 أشخاص وإصابة سائق ببتر في القدمين    5 شركات مالية غير مصرفية تحصل على تقديم خدماتها باستخدام مجالات التكنولوجيا المالية.. تفاصيل    إدراج كلية الطب بالجامعة الأهلية في المنيا في الاتحاد العالمي للتعليم الطبي    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    مديرية التعليم بالسويس تعلن أسماء 102 فائزًا في مسابقة ال30 ألف معلم    وزير المالية يوضح حقيقة إطلاق حزمة اجتماعية جديدة المرحلة المقبلة    مباحثات لتفعيل تحويل وديعة دولة الكويت بالمركزي المصري إلى استثمارات بمصر    د.حماد عبدالله يكتب: "تدليع " الصناعة المصرية !!    وزير العمل: مواجهة عمالة الأطفال وحماية عمال الدليفري أولويات الوزارة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    البيت الأبيض: ترامب فوجئ بقصف سوريا.. و"روبيو" لعب دورًا في خفض التصعيد    الصحة العالمية: مقر إقامة موظفينا في غزة تعرض للهجوم 3 مرات    وزير خارجية إيران: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكن لن نتخلى عن التخصيب    يضم 135 سفينة.. بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على «أسطول الظل» الروسي    "غياب لقرابة عام".. أول تعليق من كريم فؤاد بعد عودته للمشاركة مع الأهلي    بعد مغادرة الأهلي.. علي معلول يعود إلى بيته القديم    مدافع برشلونة يتجاهل مانشستر سيتي ويوافق على تمديد عقده    «الكوكى» يعدد مكاسب المصرى بعد ودية الصفاقسى.. وحسم مصير «جاد» عقب العودة من تونس    بعد رحيله عن الأهلي.. أول تعليق من كريم نيدفيد على انتقاله لسيراميكا كيلوباترا    «عصر العبودية انتهى».. مجدي عبدالغني يفتح النار على بتروجت بسبب حامد حمدان    انتشال جثة ونقل مُصاب في سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهم في خلية النزهة الإرهابية ل 21 سبتمبر    جدول امتحانات الدور الثاني 2025 في الجيزة ( صفوف النقل والشهادة الإعدادية)    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    إصابة 9 أشخاص بحالة إعياء بعد تناولهم وجبة عشاء في فرح ب الدقهلية    بإطلالة جريئة.. 10 صور ل بوسي أثناء قضاء إجازة الصيف في الساحل    داليا البحيري بفرنسا وميرنا جميل في عرض البحر .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن | منع راغب علامة من الغناء وحقيقة إصابة أنغام بالسرطان    جدال سابق يعكر صفو تركيزك.. توقعات برج الحمل اليوم 22 يوليو    تشرب شاي بالياسمين؟.. حكاية أحد أشهر الإفيهات الكوميدية ل عادل إمام    بمشاركة مروان موسى وعفروتو.. أحمد سعد يكشف عن بوسترات «حبيبي ياه ياه»    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيات الأورام والتل الكبير    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    وزير المجالس النيابية: الرشاوي الانتخابية ممنوعة ومجرمة    مصر ترحب بالبيان الصادر عن 25 دولة حول الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    احتفالية وطنية بمكتبة القاهرة الكبرى تروي مسيرة المجد والاستقلال في عيون أدبائها    جهود مكثفة لضبط عصابة سرقة ماكينات الري في شبرا النملة وقُرى مجاورة بطنطا    النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بتولّي المنصب الجديد    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    رئيس النواب الأردني يؤكد لوفد برلماني بريطاني أهمية وقف إطلاق النار في غزة    المعارضة ليس لها مكان…انتخابات مجلس شيوخ السيسي "متفصلة بالمقاس" لعصابة العسكر    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    الجيش الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويواصل عمليات الهدم في مخيم طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
الآداب السلطانية
نشر في الأخبار يوم 28 - 05 - 2012


سمىر غرىب
كنت في زيارة الأسبوع الماضي للصديق الكبير الأستاذ الدكتور محمود المناوي . هو ممن تجتمع فيهم صفات " العلامة " في هذا الزمن الذي ندر فيه أهل هذه الصفات . أهداني في تلك الزيارة كتابا لأحد أجداده، وهو علامة ابن علامة آخر اسمه عبد الرءوف تاج العارفين علي نور الدين المناوي . من مناقب الدكتور محمود المناوي أنه اشتغل علي أصل عائلته وحفظه. واهتم بتراث جده عبد الرءوف وجمع مخطوطاته من كل مكان عرف بوجودها فيه . منها مخطوطتي هذا الكتاب الذي أهدانيه . فمخطوطة منهما صورها من مكتبة الملك فيصل في السعودية، ومخطوطة أخري أرسل بصورتها المرحوم الأستاذ الدكتور نصر حامد أبو زيد من مكتبة جامعة ليدن بهولندا حيث كان يعمل .
أما الكتاب الهدية فاسمه " الجواهر المضية في بيان الآداب السلطانية ". كتبه مؤلفه سنة 1026 هجرية . درسه وحققه مجيدا الدكتور أحمد محمد سالم من كلية الآداب بجامعة طنطا، بطلب من الأستاذة الدكتورة يمني الخولي وبمساعدة من زميلته الدكتورة زينب أبو الفضل، وصدر عن هيئة الكتاب .
قرأته فوجدته مناسبا تماما لما نحن فيه من أحداث الانتخابات الرئاسية التي تجري حاليا في مصر للمرة الأولي، ومفيدا لكل من يتطلع لرئاستها. فالعلامة عبد الرءوف المناوي يتناول فيه كل ما يتعلق بتولي الحكم . وفي زمنه، زمن العثمانيين، كان الحاكم يلقب بالسلطان، لذا سمي كتابه " الآداب السلطانية ". يتحدث الكتاب عن تعريف الحاكم وشروطه، وعما له وعليه، وواجباته تجاه الرعية أو المواطنين بلغة عصرنا، بل وواجباته تجاه نفسه وما يحتاجه من الطب الجسماني والطب الروحاني أو النفسي بلغة عصرنا. إلي هذا الحد كان المؤلف واعيا بأهمية الجانب النفسي في حياة الحاكم وانعكاسه علي ممارسة سلطاته. وأضاف إلي هذين الطبين حاجة الحاكم إلي امتلاك ملكات خاصة مثل الفراسة والحكمة . وقد نزل الإمام المناوي إلي من دون الحاكم لأنهم مساعدوه أو أدواته في الحكم مثل نائبه ووزرائه وسفرائه وقادة الجيوش وحتي الجنود . موضوع الحكم والحكام أو موضوع السلطة بلغة الحاضر وكل ما يتعلق بها بشكل عام ليس جديدا علي تناول العلماء والمفكرين والكتاب فهو يعود إلي فلاسفة الحضارات الأولي في تاريخ الإنسانية . تناوله علي سبيل المثال الفيلسوف اليوناني " أرسطو " في مؤلفه المترجم إلي العربية " السياسة والفراسة في تدبير الرياسة ". وكثير من الكتاب المسلمين والعرب مثل الإمام الغزالي في " التبر المسبوك في نصيحة الملوك " و تاج الدين السبكي في " معيد النعم ومبيد النقم " وابن عبد ربه الأندلسي في " العقد الفريد " والماوردي في " الأحكام السلطانية " . وهكذا حتي زماننا المعاصر . في الوقت نفسه يبدو أنه لم تتم دراسة هذا التراكم من المؤلفات المعنية بالحكم في عالمنا العربي والتي أطلق عليها محقق الكتاب " النص أو الأدب السلطاني " . وقد قدم لنا المحقق إشارات عنه في مقدمته . ومن أهم ما أشار إليه قوله :" علي الرغم من ترويج النص السلطاني للقيم الأخلاقية بعامة والعدالة بخاصة كأساس له، فإن عنايته بكل ما يتعلق بممارسات السلطان من النوم والأكل ومجالسة الندماء وصحبة السلطان، قد أدي إلي صناعة السلطان المتخيل الذي تكتسي كل ممارساته قيمة وأهمية مما يضفي علي هذه الشخصية هالة من القداسة والأسطورية، وهو ما يكرس الاستبداد في ممارسة السلطان أحيانا " .
هذا كلام مهم لرئيس مصر القادم وللمرءوسين معا . وبخاصة للمشاركين في صناعة الأسطورة وعلي الأخص المشتغلين في وسائل الإعلام بكل أشكالها . عليهم أيضا الاتعاظ مما حدث في ثورة يناير المجهضة . فقد ارتدت أعمالهم معكوسة علي الحاكم الذي قدسوه وعليهم أنفسهم وعلينا جميعا .
أنتقي من كل صفات الحاكم الواجبة التي فصلها المؤلف صفة أفرد لها بابا خاصا وسماه اسما جميلا ذا دلالة وهو " في العدل وشرفه ". فحقا ما حفظناه من طفولتنا أن " العدل أساس الملك". العدل ليس مانعا فقط لنقيضه أي الظلم، لكنه حين فعله مانع أيضا لكثير من النقائص كالفساد فهما صنوان.
مما قاله الإمام المناوي وأهديه لرئيس مصر القادم :
" اعلم أن العدل قوام الدنيا والدين . وسبب صلاح المخلوقين. وله وضعت الموازين . هو المرغوب المألوف . المؤمن من كل خوف. به تتآلف القلوب وتلتئم الشعوب . يظهر الصلاح وتتصل أسباب النجاح وتنعقد عري اليمن والفلاح ويشمل الناس التناصف والتوصل والتعاطف. هو مأخوذ من الاعتدال الذي هو القوام والاستواء المجانبين للميل والالتواء. هو ميزان الله في أرضه الذي توفي به الحقوق وتراءب به الصدع والفتوق. حقيقته وضع الأمور في مواضعها لا موضع الشدة مكان اللين وعكسه. ولا السيف مكان السوط وعكسه. إلي ذلك أشار المتنبي :
وضع الندي في موضع السيف بالعلا.. مضر كوضع السيف في موضع الندي .
و" الإنصاف استيفاء الحقوق، وإخراجها باليد العادلة والسياسات الفاضلة . العدل نوعان نتيجتهما علو الهمة وطلب براءة الذمة. باكتساب الفضائل واجتناب الرذائل ." ويضيف المؤلف: " اعلم أن أصول العدل والإنصاف تسعة، الأولي أن تعرف قدر الولاية وخطرها فإنها نعمة، من قام بحقها نال السعادة ما لانهاية له، ولا سعادة بعده . ومن قصر عن النهوض بحقها وقع في شقاوة لا شقاوة بعدها . ودليل عظيم قدرها وجلال خطرها ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة) .
فانتبه إلي ما أنت مقدم عليه يا رئيس مصر القادم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.