بعيدا عن الحملات الانتخابية الدائرة بالبلاد وبعيدا عن الأحداث الأليمة التي تجري علي العباد في الآونة الأخيرة اخترت أن أكتب سلسلة من النصائح والعبر تدور حول نظم الحكم وما ينبغي أن يتحلي به الحاكم. وأهم صفات معاونيه ومستشاريه مسترشدة في ذلك بأفكار وعبارات غالية من الكتاب الثمين العقد الفريد لصاحبه المعروف ابن عبد ربه والذي يعد من أقدم الكتب وأقيمها. وفي البداية نذكر قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم: عدل ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة. وقال صلي الله عليه وسلم أيضا: كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته. كما قال صلوات الله تعالي عليه وسلامه: الظلم ظلمات يوم القيامة, ونقل ابن عبد ربه أن الوليد بن عبد الملك قال لبنيه: كلكم يترشح لهذا الأمر ولا يصلح له منكم الا من كان له سيف مسلول ومال مبذول وعدل تطمئن اليه القلوب, كما نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يصلح لهذا الأمر أي الحكم الا اللين من غير ضعف, القوي من غير عنف, وفي ذلك يشير ابن عبد ربه الي أن السلطان هو زمام الأمور ونظام الحقوق وقوام الحدود والقطب الذي عليه مدار الدنيا وهو حمي الله في بلاده وظله الممدود علي عباده, به يمتنع حريمهم وينتصر مظلومهم وينقمع ظالمهم ويأمن خائفهم, وقال الحكماء امام عادل خير من مطر وابل وامام غشوم خير من فتنة تدوم, ولما يزغ الله أي يردع بالسلطان أكثر مما يزغ بالقرآن. وقال وهب بن منبه فيما أنزل الله علي نبيه داود عليه السلام: اني انا الله ملك الملوك, قلوب الملوك بيدي فمن كان لي علي طاعة جعلت الملوك عليهم نعمة ومن كان لي علي معصية جعلت الملوك عليهم نقمة, وبني ابن عبد ربه علي ذلك أنه حق علي من قلده الله أزمة حكمه أي أعنتها ومقاليدها وملكه أمور خلقه واختصه باحسانه ومكن له في سلطانه أن يكون من الاهتمام بمصالح رعيته والاعتناء بمرافق أهل طاعته المزيد من أعمدة نهال شكري