أحمد شلبى الحمد لله ان انتهت الاشتباكات بين الاحكام بعضها ببعض من ناحية وبينها وبين اللجنة الرئاسية من ناحية أخري حتي نستطيع ان نستكمل انتخابات الرئاسة التي يظن البعض انها ستأتي برئيس يزيل هموم سنين مريرة طوال في سنوات معدودة. الآن يتردد سؤال في الشارع المصري بشكل متزايد يوما بعد يوم من سننتخب وإن كانت الدائرة تحوم حول خمسة مرشحين إلا أن الحيرة مازالت تسيطر علي المواطن فالمرشحون من خلال لقاءاتهم الصحفية والفضائية ومؤتمراتهم يبدو انهم لم يشبعوا قناعات الناخبين لاختيار أحد منهم حتي الآن لدرجة ان موقف الناخب يمكن ان يتغير من هذا المرشح إلي ذاك. وللخروج من هذا المأزق قررت ان أحسم قراري مع نفسي وطرحت السؤال بمعني آخر، ما هي الرؤية التي يتمناها المواطن البسيط لحياة أفضل وتصورت هذه الرؤية كرئيس علي الورق طبعا لا يملك أدوات سحرية لتحقيقها في التو! وكان السؤال الأكثر إلحاحاً.. كيف ينهض مجتمعنا بعد كبوة طويلة الأمد؟ الإجابة تبدو بسيطة ولكنها في نفس الوقت مركبة فالإنسان هو البنية التي يجب ان نبني عليها مجتمعنا وكيف يكون هذا الإنسان؟ ممزقا صحيا ونفسيا وعقليا كما نراه الآن أم قوي البنيان صحيح العقل وذو نفسية بعيدة عن الكراهية والحقد والوصولية، إذن الملف الصحي الكامل لإقامة إنسان قوي خال من جميع الأمراض الجسمانية والنفسية هو الهدف الأول لإنشاء مجتمع مزدهر. أري في أقوال المرشحين نية طيبة لزيادة حصة ميزانية الصحة ولكن الأمر أكبر من القيمة الرقمية فالصحة ملف متعدد ذو أجنحة يجب أن نصونها ونحافظ عليها حتي لاتنكسر فتصيب المواطن في مقتل. الملف الصحي يجب ان يهتم بعلاج المرضي علاجا شاملا ولكن ماذا عن المرضي الجدد هل سنظل نضخ أموالا كل عام لعلاج ما هو قائم وما سيكون أم الأفضل أن نخصص جزءا من هذه الزيادة الرقمية للوقاية والحيلولة دون إنتاج مرضي جدد.. ماذا عن البيئة الصحية التي لم تتوافر بعد للمواطنين من مياة نقية فمعظم القري الفقيرة تشرب من الترع ومياه ممزوجة بالصرف الصحي والصناعي حتي الزراعات تروي بمياه الصرف غير المعالج إذن كيف نأمن علي المواطن بدون مياه نقية وغذاء صحي ناهيك عن المبيدات المسرطنة. ماذا عن التنفس الطبيعي إذا كان الهواء ملوثا بالدخان والعادم وانتشار القمامة لدرجة تزكم الأنوف ليس فقط بل أيضا انتشار الحشرات الأرضية والهوائية تلتقط الأمراض من القمامة لتوزعها علي الناس في كل مكان. إذا كانت هذه هي بيئتنا الصحية فهل لنا من مواطن معافي سليم البدن أم ستظل طوابير المرضي تزداد وستلتهم أي إضافات في الميزانية فيكون العائد عجزا في المواطن والميزانية معا! إذا قمنا بتوفير الرعاية الصحية من منطق الوقاية بجانب العلاج سنأمن علي أنفسنا ولكن الوقاية لا تعني تطعيما فقط بل تنقية المياه والغذاء والهواء من الجراثيم والأوبئة فهل نحن مستعدون. بعد الصحة ملف لا يقل خطورة عنه وهو التعليم الذي كثر الجدل والمشاريع والمؤتمرات حوله دون النفاذ إلي علاج أركان العملية التعليمية فأي زيادة في الميزانية بدون هذا العلاج الفعال سيكون مصيرها جيوب المدرسين وبعض الإنشاءات والتوسعات ولكن المنتج الذي نبغيه من التعليم وهو الطالب الذي سينهض بمجتمعه بعلمه وأدبه لا وجود له بيننا، لقد فقدنا ضمير المعلم الذي لانلومه بقدر ما نعتقد أنه كان ضحية مخطط جهنمي للحط من قيمة المدرس باعتباره أحد الأعمدة الأساسية في المجتمع المصري وإضعافها كي تظل عاجزة عن القيام بدورها الجوهري في بناء بلدها، فكان الوضع المزري الذي عايشناه في العقود الأخيرة حيث يلهث المدرس، منشئ الأجيال، وراء الدروس الخصوصية علي حساب العملية التعليمية داخل الفصول الدراسية. لابد أولا من تصحيح هذا الوضع ثم نحاسب من يخرج عليه. أما كيف نصححه فلهذا حديث آخر إن شاء الله.