نقيب المحامين يقرر صرف 500 جنيه منحة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    إعلان نتائج طرح الوحدات الصناعية الجاهزة ب10 محافظات عبر منصة مصر الرقمية    رئيس "العربية للتصنيع": نتطلع لتصنيع قطع الغيار بطريقة رقمية    البنك المركزى يعلن عطلة البنوك لعيد الأضحى تبدأ الخميس وتنتهى الإثنين.. فيديو    محافظ القليوبية يكلف رؤساء المدن برفع درجة الطوارئ خلال إجازة عيد الأضحى    استعدادا للعيد.. تعقيم المجازر ورش وتجريع الماشية في المنيا    محافظ المنوفية يوجه بصرف مساعدات مالية وغذائية عاجلة لحالات إنسانية    «الأونروا» في غزة: آلية توزيع المساعدات الإنسانية لا تلبي الاحتياجات وإمداداتنا جاهزة    تقارير: النصر يعرض خطته على رونالدو لإقناعه بالتجديد    «غصب عن الرابطة».. مدرب بيراميدز يحتفل ب دوري أبطال أفريقيا بطريقة مفاجئة    تقارير: ليفركوزن يرفض العرض الثاني من ليفربول لضم فيرتز    رومانو: إنزاجي يعقد اجتماعا مع إنتر.. وحسم مستقبله الثلاثاء    الطريق تحول إلى نار .. تصادم مروع بين سيارة مواد بترولية وأخرى بطريق الواحات | صور    حالة الطقس اليوم في السعودية.. رياح مثيرة للغبار والأتربة على مناطق عدة    خطوات بسيطة للحصول على "فيش وتشبيه"    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالقطاعات الخدمية والتنفيذية بالمحافظات استعداداً لعيد الأضحي المبارك    السجن المؤبد ل4 أشخاص بتهمة قتل مواطن في المنيا    المراجعة النهائية في مادة الكيمياء للثانوية العامة .. لن يخرج عنها الامتحان    الكشف عن موعد عرض مسلسل "فات الميعاد"    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    أحدث ظهور ل نادين نسيب نجيم بإطلالة جريئة والجمهور يعلق (صور)    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو    نائب وزير الصحة: 65 مليون جرعة تطعيمات سنويا في مصر.. ونبحث عن مرضى فيروس B    نائب وزير الصحة: إعطاء 65 مليون جرعة تطعيمات سنويا لحديثي الولادة وطلاب المدارس    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    مهندس صفقة شاليط: مواقف إسرائيل وحماس متباعدة ويصعب التوصل لاتفاق    أسعار النفط ترتفع بعد تزايد المخاوف من الصراعات الجيوسياسية    الإصلاح والنهضة: صالونات سياسية لصياغة البرنامج الانتخابي    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    إدارة ترامب تواجه انتقادات قضائية بسبب تضليل في ملف الهجرة علنًا    الرئيس السيسي يستقبل وزير الخارجية الإيراني    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل القيادة البولندية الجديدة العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    الإسكان : مد فترة حجز وحدات "سكن لكل المصريين 7" لمتوسطى الدخل حتى 18 يونيو    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفگر الگبير فهمي هويدي في حوار خاص علي ضفاف البوسفور:
مصر تمر بمرحلة نقاهة قبل تأسيس نظام جديد أنا لا أريد »مبارك معدل«.. ولا »مبارك بشَرطة«
نشر في الأخبار يوم 14 - 05 - 2012

قبل أن تجلس لتحاور أو تتحاور مع كاتب ومفكر بحجم وثقل فهمي هويدي ينبغي أن تكون مدركا وواعيا بأنك تجلس أمام تاريخ طويل وخبرة عميقة في التعامل مع الواقع السياسي المصري ومحيطها العربي والإسلامي والدولي.. رجل لايتكلم إلا بحساب ،ولايكتب إلا بعد أن يدقق ويتثبت ويوثق المعلومة من مصادرها.. لذلك فقد يتعجب كثيرون ممن يمسكون القلم هذه الأيام ليكتبوا لمجرد الكتابة أن فهمي هويدي له شبكة من المراسلين في بؤر الأحداث الساخنة ومواقع صنع القرار في العالم وهو دائم الاتصال بمصادره من أجل الإحاطة والمتابعة لأدق تفاصيل وخلفيات الأحداث التي يحرص أن تكون أسرارها وتفاصيلها علي مكتبه ساخنة ملتهبة لحظة بلحظة،وربما قبل أن يحاط بها علما رؤساء دول ومسئولون كبار في المنطقة.. الأستاذ فهمي هويدي هو محل ثقة واحترام كثير من المسئولين في دول عربية وأجنبية ،ومنهم من يسارع إلي التعرف علي رأيه والاستئناس بفكره في كثير من المواقف الساخنة بل إن بعضهم قد يبني قرارا له علي ضوء الاسترشاد بفكر فهمي هويدي، خاصة فيما يتعلق بالمحيط العربي والإسلامي.. ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن مقالاته يتسابق علي نشرها عشر صحف في مناطق شتي من العالم وفي وقت واحد مع القاهرة.
لقائي مع الكاتب والمفكر فهمي هويدي لم يكن مرتبا ولا متفقا عليه بموعد مسبق كما يحدث في العادة، ولكن قدري هو الذي جمعني بالكاتب الكبير في مؤتمر الإعلام الإفريقي التركي الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة أنقرة.. لذلك فإنه لا وقت الحوار ولامكانه كان محددا، وهو الأمر الذي فرض أن يجري التحاور بيننا في أوقات وأماكن مختلفة بعضها في بهو الفندق الذي كنا نقيم فيه في أنقرة وبعضها في الفندق الذي انتقلنا إليه في مدينة اسطنبول الساحرة بعد أن انتهت فعاليات وجلسات المؤتمر.. جزء آخرمن الحوار تم علي مائدة الطعام في الصباح المبكر، حيث إنه قد تعود الاستيقاظ مبكرا.. المرة الأخري علي مائدة العشاء.. لم أترك الأستاذ يستريح حتي في اللحظات الأخيرة من الرحلة ونحن في الأوتوبيس الذي أقلنا إلي مطار اسطنبول المبهر، حيث فرضت تطورات الأحداث ضرورة أن أتعرف علي رأيه في إعلان الاتحاد بين السعودية والبحرين، وفلسفة هذه الخطوة وتأثيراتها علي المحيط الخليجي بصفة خاصة.
كان من الطبيعي أن يفرض الشأن المصري والأحداث والتطورات الداخلية نفسها علي بداية الحوار.. سألته أن يقدم للقارئ المصري والعربي عبر صفحات "الأخبار" تقييما لكل ماتم ودار وما عايشناه من أحداث منذ قيام الثورة وهل الوضع لايدعو للتفاؤل كما يعبر عن ذلك المثقفون الذين يراهم هويدي يفضلون الظهور علي شاشات الفضائيات بدلا من النزول للشارع.. مواقف القوي السياسية التي قال إنها مشغولة بذاتها وأنصبتها.. أداء المجلس العسكري ومآخذه علي هذا الأداء وما الذي كان يتمناه من المجلس الذي قال إن ممارساته أفقدته جزءا كبيرا من رصيده.. الحكومة وعلاقتها بالبرلمان.. الانتخابات الرئاسية ورؤيته للرئيس القادم الذي قال أنه لايريده مبارك معدلا، فالتركة ثقيلة فضلا عن أن حجم التصدعات والشروخ التي خلفها نظام مبارك أكبر كثيرا من رئيس واحد أو فترة رئاسية واحدة.. وبعد المناظرة التي جرت بين عمرو موسي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح سألته عما إذا كان الإخوان يمكن أن يتحولوا لمساندة أبو الفتوح إذا حدثت إعادة بينه وبين موسي؟.. ماذا عن رؤيته لأداء الإخوان ونصائحه إذا قدر لهم الوصول إلي مقعد الرئاسة.. تقييمه للأداء الإعلامي منذ قيام الثورة والذي قال إنه يتعمد أن يشعر الناس أننا لانتحرك خطوة واحدة للأمام بينما أنه لايستطيع أحد أن ينكر أن هناك مكاسب مهمة قد تحققت بفعل الثورة.. سألته عن اللحظة التي شعر فيها فعلا بالخوف علي مصر؟
ولأن مفكرنا الكبير مهتم ومتعمق بالشأن الإيراني والشأن التركي انتهزت الفرصة لكي أتعرف منه عن قرب عن مدي تأثير التحركات والتوجهات التركية والإيرانية ،خاصة في ظل ما يتردد من تعمد تركيا وإيران تهميش الدور المصري في المنطقة، وهل نحن في مصر بعد الثورة وفي ظل تصاعد دور التيار الإسلامي أقرب لتركيا أم لإيران؟.. سألته عن رأيه في الاتهامات الموجهة لإيران بالرغبة في الاستحواذ علي منطقة الخليج وتعمدها إثارة القلاقل في المنطقة، وعما إذا كانت الخطوة السعودية البحرينية نحو الوحدة موجهة ضد إيران؟.. الأستاذ فهمي هويدي كان صريحا وجريئا إلي أقصي مدي كعادته .. تعالوا نقرأ ونستقرئ الحوار.
أريد في البداية أن أتعرف علي تقييمك لأوضاع مصر بعد مرور ما يقرب من عام ونصف علي الثورة، خاصة أنني علي يقين بأنك تعرف وتدري أكثر مما نعرف وندري ؟
في رأيي أن هناك عدة أمور ينبغي الإشارةإليها:
- بكل المعايير فإنني أري أن الوضع الراهن أفضل كثيرا مما سبق.
- أننا نمر بنفس الحالة التي يمر بها أي شخص أجريت له جراحة كبري.. فبعد إسقاط النظام تمر مصر بمرحلة نقاهة علي الطريق نحو تأسيس نظام جديد .
- لابد أن ندرك أن سوءات النظام السابق لم يقتصر تأثيرها فقط علي تدمير المجتمع ،ولكنه شوه المستقبل أيضا.
في عصر حسني مبارك غاب القرار السياسي.. كانت الأحزاب ضعيفة.. كان هناك غياب واضح لثقافة الديمقراطية.. هذا كله ينبغي أن يحمل علي سوءات النظام السابق.. لذلك فأنا ضد أن تحَّمل المشاكل التي تمر بها مصر الآن علي الثورة.. المشكلة أنه ليس عندك شخصية قيادية يعول عليها لتقود المرحلة.. فنظام مبارك ضرب خلايا المجتمع في مقتل.. وهو لم يكن يحترم القانون، وترك لنا مخزونا من القهر والخوف.. إذا أدركنا الصورة علي هذا النحو عندها نستطيع أن نتفهم الموقف الذي نعيشه الآن.
هناك بعد آخر.. فبسبب الأجواء الديمقراطية التي نعيشها تولد جو من اللايقين بالنسبة للمستقبل.. أبسط شئ أنك لاتدري من هو الرئيس القادم الذي سيأتي ليحكم مصر.. بينما في ظل حكم حسني مبارك كان يمكن أن تعرف الرئيس لمدة عشرين سنة قادمة.. أنت لاتستطيع أن تتنبأ بخرائط المستقبل.. الآن هناك أزمة بين مجلس الشعب والحكومة، بينما كنا متعودين علي أن مجلس الشعب هو جناح الحكومة.. الآن فقط اكتشفنا أنه ليس جناحا ،بل إن هناك معارك طاحنة تدور رحاها بين الطرفين.
البعد الثالث هو أن رصيد العسكر تراجع إلي حد كبير، كما أن ممارسات العسكر أفقدتهم جزءا كبيرا من هذا الرصيد.. ممارسات القوي السياسية وعلي رأسها الإخوان أفقدتها الكثير من الرصيد.
أشعر أن الكلام مجمل.. أريد الاستفاضة والتوسع بشكل أكبر حتي أفهم أنا ويفهم القارئ؟
ما أريد أن أقوله أن الأولويات غير واضحة.. وأظن أن القوي السياسية مشغولة بذاتها وأنصبتها أكثر من الاهتمام بمستقبل الوطن.. فيه ناس شايفة نفسها ومش شايفة البلد.. كل القوي السياسية- للأسف - بمن فيهم العلمانيون مشغولة بحظوظها أكثر من انشغالها بالمجتمع ولا تفكر في وضع أولويات لإدارة المرحلة والانطلاق نحو المستقبل.. قضية العدل الاجتماعي علي سبيل المثال تحتاج إلي وقت ،والثورة لاتستطيع أن تعمل في ظل هذه الظروف السيئة.. أيضا قضية الاستقلال الوطني.. وفي رأيي أن الأولوية الآن يجب أن تعطي لقضيتين حيويتين.. قضية الأمن وقضية الاقتصاد.. فلابد من استقرار الأمن حتي تدور عجلة الاقتصاد، »وبعد كده نتخانق زي ما إحنا عايزين«.
علي سبيل المثال أنا أتساءل: ليه الإخوان كانوا عاملين مشكلة مع الحكومة، علي الرغم من أنه لم يتبق أمامنا إلا كام أسبوع وتنتهي المسألة ويصبح عندنا رئيس.. ومازلت أؤكد علي أن هذا من تشوهات النظام السابق،فضلا عن القصور في الإدراك السياسي.. وفي رأيي أن كل الأحزاب تشتغل في السياسة كهواة.. وقد حولها هذا إلي مجموعة نخب من المثقفين المشغولين بمشاكل القاهرة وما يدور فيها ونسوا الوطن وهمومه.. المثقفون عندنا أصبحوا يفضلون الظهور والجلوس في برامج التليفزيون عن النزول إلي الشارع.
هل معني هذا أن القوي السياسية في تونس وأقصد حركة النهضة علي وجه الخصوص تحركت أفضل من عندنا وأنا أقصد الإخوان تحديدا؟
كأنك تتكلم عن تلميذ دخل الامتحان.. واحد نجح والآخر رسب.. حقيقة الأمر أن الإخوان لم يقرأوا الخريطة السياسية قراءة واعية، وتعجلوا في تحقيق أشياء كان يمكن أن تتحقق في فترة زمنية طويلة.. حدث هذا مع كل القوي السياسية وليس الإخوان فقط.. كلهم لم يتعاملوا بشكل فيه شعور بالمسئولية.. الليبراليون مشكلتهم أنهم ليس عندهم مرونة في الأداء السياسي ،كما أن ميراثهم في الاشتباك مع الإسلاميين والتخويف منهم ما زال مستمرا
هناك أيضا أزمة ثقة بين كل الأطراف.. حتي بين الإسلاميين بعضهم البعض هناك أزمة ثقة.. كل قوة لها موقف.. وكل القوي لاتثق في المجلس العسكري.. وفي رأيي أن أزمة الثقة هذه سببها غياب ثقافة الديمقراطية والعمل المشترك.
كيف تري أداء حكومة الجنزوري التي طالب الإخوان برحيلها؟
الدكتور كمال الجنزوري في رأيي لم يقع في أخطاء لأن الوقت الذي عمل فيه قصير كما أن التركة فظيعة، ولذلك فقد كان الإنجاز محدودا فضلا عن الضغوط الجماهيرية الرهيبة.. الكل ينتهز الفرصة لتحسين وضعه في الحال.. مظاهرات فئوية ومطالبات هنا وهناك.. أظن أن هذا لايعطي الفرصة لأي أحد أن يعمل، وحتي لو كان الإخوان أنفسهم قد تولوا الحكومة لم يكونوا يستطيعون فعل شيء أو أن يحققوا إنجازا.. الشيء الذي يحيرني في أداء الحكومة هو ما يتعلق بمسألة الأمن.. فأنا لاأفهم كيف أنه بعد أكثر من سنة لم تستطع الشرطة أن تحقق النجاح الكافي.. أنا لاأنكر أن هناك جهودا تبذل وأن هناك بعض التحسن ولكنه غير كاف.. أيضا لاأستطيع أن أفسر كيف يترك ميدان التحرير ليتحول إلي مقلب زبالة وأن يستمر علي الصورة التي عليها الآن!
وماذا عن المجلس العسكري؟
في رأيي أن من أسوأ أخطاء المجلس العسكري أنه بعد كل الأحداث مثل أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو وغيرها يكتفي أن يقول مش أنا اللي عملت كده.. مش إحنا.. لكن الحقيقة أن الجيش هو المسئول.. الجيش الآن هو المسئول عن الدولة وعنده كافة الأجهزة وأجهزة المخابرات التي تستطيع الوصول إلي المسئول عن كل حادث.. لايمكن أن يقتل 1000 شخص منذ قيام الثورة ثم يكتفي الجيش بعد كل حادث بتبرئة نفسه ويقول مش إحنا.. هذا غير مقبول فإما أن أجهزة الأمن علي كافة مستوياتها تكون قادرة علي أداء عملها وتحمل مسئولياتها فتستمر ،وإما أن تتنحي وتستقيل وتترك المهمة لمن يستطيع القيام بها.
أنا أري أن هناك حسابات بعضها معقد تجعل الإشارة إلي المسئول عن مثل هذه الأحداث أمرا صعبا، كما أن أزمة الثقة وضعت الناس في حيرة لايعرفون إلي أي جهة يوجهون أصابع الاتهام.. ولايمكن نقعد سنة ونصف مش عارفين، وفي ذات الوقت نتكلم عن الصراحة والشفافية.. هذا غير مقبول.
كيف تتصور مرحلة ما بعد قدوم الرئيس؟
دعني هنا أتكلم عن عدة أشياء:
- يجب أن نؤمن أن الشعب قد تغير فعلا.. ازداد جرأة.. ازداد وعيا.
- يجب أن نعي أن حجم التصدعات والشروخ التي خلفها النظام السابق أكبر كثيرا من رئيس واحد أو فترة رئاسية واحدة.. مصر بلد كبير وعليه مسئوليات كبيرة.. والتركة كما تري ثقيلة جدا.
- مطلوب من الناس أن يأتوا برئيس من اختيارهم، عبر انتخابات حرة.
- مطلوب منهم أيضا أن يثقوا في الرئيس، لأنهم لو وثقوا فيه فسوف يقتنعون بكلامه.. علي سبيل المثال إذا قال للناس أن هناك مشكلة ما، وأن هذه المشكلة سوف تحل بعد فترة معينة فإنهم سوف يقبلون كلامه.
كيف يمكن أن يثق الناس بالرئيس بعدما عانوه خلال العقود الماضية؟!
- أولا.. حرية الانتخابات تجلب الثقة.
- ثانيا.. الإعلام يمكن أن يلعب دورا في تعزيز الثقة أو تخريبها.. لذلك فأنا أري ضرورة أن يتحلي الإعلام بقدر من المسئولية وليس كما هو حادث الآن.. أنا لاأطالبه أن يداهن أو ينافق ولكني أتمناه إعلاما مسئولا.. الإعلام الموجود الآن إعلام متصيد ومتربص.. هذه المدرسة تخرب وتدمر.. وللأسف فإن الإعلام لعب دورا في تشويه المرحلة وتشويه الإدراك العام.. أنا شايف إننا ماشيين.. الإعلام يقول إننا لم نصل بعد !
في رأيي أننا لم نكن نستطيع تحقيق كل الأهداف في سنة ونصف.. ولكن الأمور تتحرك فعلا.. عندنا انتخابات حرة.. نحن نستعد الآن لانتخاب رئيس.. ليه الإعلام مركز علي إننا واقفين.. أيضا بعض الرموز السياسية تتكلم عن عدم دستورية مجلس الشعب وعدم دستورية الإعلان الدستوري.. أنا بصراحة مش عارف.. إمال إيه اللي دستوري في مصر؟!.. الإعلام أيضا غذي القطيعة بين القوي السياسية.. علي سبيل المثال عندما قام واحد من السلفيين وأذن في أول جلسة لمجلس الشعب تعرض كل السلفيين لهجوم إعلامي فظيع.. لايمكن يا جماعة أن أعدم كل السلفيين لخطأ واحد، أو أتكلم عنهم ككتلة واحدة.
الإعلام لايفرق أيضا بين الإخوان والسلفيين لأنه ليس صحيحا أن السلفيين جناح في الإخوان.. السلفيون ثلاث مجموعات.. دعوة سلفية منظمة في الاسكندرية.. هناك أيضا مجموعة شيوخ في القاهرة.. ومجموعة ثالثة لاهم كده ولاكده مثل حالة حازم صلاح أبو اسماعيل.. لذلك فأنا أرفض أن يؤخذ الكل بذنب واحد.. خذ مثالا آخر.. عندما أثيرت قضية الإبداع بعد أن رفع أحد المحامين قضية ضد عادل إمام قامت الدنيا في وسائل الإعلام ولم تقعد علي السلفيين وقالوا إنهم يهددون الإبداع.. هذا المحامي يا جماعة ليس سلفيا ولايحزنون!
عندما سافر أحد أعضاء المصريين الأحرار إلي مؤتمر بلبنان وأشاد بسمير جعجع هذا القاتل المدان ووصفه بأنه ملهم للثورة المصرية.. هذا الكلام صدر إما عن جهل أو حماقة.. هناك خطأ ولكنني يجب ألا أقطع رقبة تيار بأكمله نتيجة خطأ فرد أو بذنب تصرف شخصي.. المخطئ يدان ويحاسب ولكن يجب ألا يظل الاعلام متربصا بالصورة التي نراها الآن مشهرا سيفه لقطع الرقاب وإثارة الفتن.
هل شعرت في لحظة ما بالخوف الشديد علي مصر ؟.. وما الرسالة التي طرأت علي ذهنك ورغبت في توجيهها إلي المجلس العسكري؟
أكثر ما افزعني هو الصدام المسلح سواء في أحداث وزارة الداخلية أو عند وزارة الدفاع وأيضا عند محمد محمود.. أنا مش فاهم فعلا كيف يخطر علي ذهن أي أحد فكرة اقتحام وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع أو حصار مجلس الوزراء.. هذه رموز الدولة.. لم أكن أشعر بخطر شديد بقدر شعوري بعدم الفهم.. ورغم هذا فهناك لحظة شعرت فيها بالرعب، عندما شاهدت المجمع العلمي يحترق.
وفي رأيي أنه كان علي المجلس العسكري أن يصارح الناس بالحقائق وأن يصحح الأخطاء،إما بالاعتذار للناس أو بمحاسبة المسئولين.. لقد كان لابد علي المجلس العسكري أن يدفع ثمن الأخطاءا لتي وقع فيها والدماء التي سالت.. تمنيت لو قالوا للناس آسفين.. وأقول لك بكل صراحة إن هذا المجلس لم يكن لديه الحنكة ولا الشجاعة ليقول إن هناك خطأ حدث بدلا من الكلام عن الطرف الثالث.
في لحظة من اللحظات خشيت أن تتحول مصر إلي لبنان.. في رأيك.. هل هذا ممكن؟
بالطبع لا.. ما يجري في مصر هو مجرد حوادث.. وهذا هو الفارق الأساسي بيننا وبين لبنان.. في لبنان هناك طوائف تتقاتل.. في مصر ليس عندنا مثل هذا الموقف.. عندنا جماعات نخبوية تتعارض.. المنوفية مثلا لم تتقاتل مع كفر الشيخ.. التركيبة المصرية محصنة ضد اللبننة.. وبالتالي فإن أكثر المشاكل هي صراعات مثقفين.. جماعات سياسية وليس فئات شعبية.. أيضا الجغرافيا في مصر لها دور.. التحام الناس في الدلتا ووادي النيل جعل فكرة التشرذم الجماهيري صعبة.. لهذا السبب لم يحدث عندي مثل هذا القلق.
بمناسبة المناظرة التي تم تنظيمها بين عمرو موسي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.. تري لو تمت الإعادة بينهما.. هل يمكن للإخوان أن يساندوا أبو الفتوح في مواجهة موسي؟
جماهير الإخوان في هذه الحالة يمكن أن تساند أبو الفتوح.. وفي رأيي أن جماعة الإخوان فيها من العقلاء الذين يمكنهم أن يتخذوا القرار الصحيح بالتصويت لصالح أبو الفتوح.
ما رأيك في عمرو موسي كمرشح للرئاسة.. هل تصوت له؟
هذا سؤال محرج.. وسوف أقرر وقتها.. ولكن أنا ضد استمرارالنظام السابق سواء ممثلا في عمر سليمان أو شفيق أو عمرو موسي.. كلهم نظام سابق.. أنا لاأريد مبارك معدلاً ولا مبارك بشرطة!
ماذا لو نجح محمد مرسي ووصل الإخوان لمقعد الرئيس؟
ساعتها سيكون مفروضا عليهم أن يقوموا بعدة أشياء.. أولها أن يبعثوا برسائل طمأنة للشعب المصري.. وأن يتحركوا برؤية واعية لتحقيق الوفاق الوطني، وليس لانتصار الجماعة.. وأن ينسوا أنهم تنظيم ويضعوا نصب أعينهم الوطن أولا.. أقول لهم عليكم أن تتصرفوا برؤية داعية يسترشدون فيها بمقاصد الإسلام في الحرية والعدل والمساواة والمواطنة، بأكثر مما يتعاملون مع التفاصيل والأحكام الشرعية.
كيف تري تعامل الحكومة المصرية مع الازمة التي طرأت علي العلاقات مع السعودية بسبب قضية »الجيزاوي«؟
في رأيي ان مصر تعاملت بغير كبرياء مع الازمة وباندفاع لا عقلاني.. اولا: المشكلة لم تكن بين البلدين.. الدولة المصرية لم تخطئ في شئ .. الناس هي التي تظاهرت.. القضية كان يمكن ان تسوي بالاتصالات الدبلوماسية.. كان يكفي ان يسافر رئيس مجلس الشعب بصحبة اثنين وينتهي الموضوع.. طبعا لابد من مراعاة احترام المملكة وفي نفس الوقت احترام الكبرياء المصري.
بمناسبة كلامك عن التحالفات.. كيف قرأت خبر إعلان الاتحاد بين السعودية والبحرين؟
من حيث المبدأ يجب أن يتم الترحيب بمثل هذه الخطوات وإن كنت أفضل أن تأتي برغبة من الشعوب وليس من الحكومات.. والسعودية علي كل حال هي الأخ الأكبر بالنسبة لكل دول الخليج.. وهي في ذات الوقت الراعي الشرعي للبحرين.. أو بمعني أكثر تحديدا فإن البحرين قد أوجدت لها كفيلا، مادامت لاتستطيع أن تحقق لنفسها الاستقرار.. المشاكل فيها تتصاعد.. وكما هو معروف فإن في البحرين أغلبية شيعية تطالب بحقوق ديمقراطية ولكنها تتعرض للقمع.. ترتب علي هذا أن المظاهرات التي تحركت للمطالبة بالمشاركة الديمقراطية انتهت إلي المطالبة بإسقاط الملكية وهو مطلب مبالغ فيه وخطر يهدد منطقة الخليج.
هذا الاتحاد سوف يعطي الشرعية للتواجد العسكري السعودي لتأمين النظام البحريني.. وفي رأيي أن الأمر سيزداد تعقيدا في ظل مثل هذا الاتحاد لأنه إذا تم سوف تتغير التركيبة السكانية ويصبح عدد السنة أكبر من الشيعة في البحرين وتصبح لهم الأغلبية.. وأتصور أنه إذا كانت البحرين في حاجة إلي مثل هذا الاتحاد فإن بقية دول الخليج الأخري لن يضيف لها أي جديد، وعلي العكس من ذلك أنا أتوقع أن يحدث شرخ في بنيان مجلس التعاون الخليجي بعد أن يزداد ثقل السعودية في المجلس أكثر مما كان.
أنت مهتم ومتخصص ومتابع جدا للشئون الإيرانية والشئون التركية.. كيف تري مصر بعد الثورة في ظل تصاعد دور التيار الإسلامي.. هل هي أقرب لإيران أم لتركيا؟
الدوائر متعددة.. ولابد لنا أن ننظر إلي المحيط الاستراتيجي.. وما هي رؤية مصر العربية؟.. وكيف ترتب علاقاتها مع دول الطوق والجيران؟.. أنا أري تحالفا استراتيجيا يضم مصر والسودان وليبيا ينطلق منه إلي تطور إقليمي ،ثم بعد هذا ينطلق إلي الأمة العربية والإسلامية.
وفي رأيي لانحن قريبون من النموذج التركي بعلمانيته ولا نحن مرتبطون بالنموذج الإيراني بالتزامه بولاية الفقيه.. نحن لنا طبيعة مصرية وحسابات مصرية.. مصر دولة كبري في المنطقة تتصرف من منطلق مسئولية الدولة الكبري.
أما عن مسألة الأدوار فإن المساحة تحتمل دورين مصرياً وتركياً، وتحتمل تعاونا وتكاملا مصريا وتركيا.
أنا الآن برفقتك لحضور مؤتمر الإعلام التركي الأفريقي الأول الذي يعقد في أنقرة ويحضره أكثر من 300 إعلامي أفريقي.. ألا تعتبر قيام تركيا بتنظيم مثل هذا المؤتمر تحركا ذكيا نحو زيادة دورها أكثر وأكثر في أفريقيا؟
-في رأيي أن تمدد تركيا في أفريقيا أفضل كثيرا من أن تتمدد إسرائيل.. وأري أن تحرك مصر في أي اتجاه لا ولن يزعج تركيا.. فالكبار لايترددون في التعامل مع الكبارولا يخشون الكبار.
وماذا عن الدور الإيراني في المنطقة؟
أقول لك بكل الصدق إن مصالح الأمة العربية والإسلامية مع إيران.. لذلك فإنه ليس معقولا ألا يكون لمصر سفير معتمد في طهران، في الوقت الذي يكون فيه لإيران سفيران في السعودية .. سفير للدولة في الرياض والثاني لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة.. السعودية التي هي أكثر الدول الخليجية خصومة مع إيران فيها أكثر من سفير وأكثرها في التعامل الاقتصادي مع إيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.