لواء أركان حرب عبدالمنعم سعيد يتبقي من الزمن ما بين أسبوعين وستة أسابيع علي الأكثر لتسليم المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد إلي الرئيس المنتخب.. وأجد لزاماً علي شعب مصر العريق والمسئولين أن يستعدوا للاحتفال بتكريم المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي وقف مع الثورة وحماها منذ بدأت وتولي المسئولية بعد 81 يوماً من قيام الثورة.. وكانت المهمة صعبة وشاقة للغاية. ولقد تكبد المجلس الأعلي للقوات المسلحة مشاقاً متعددة في ظروف مليئة بالصعاب المتنوعة وقام بإدارة شئون البلاد بحكمة ونزاهة وصبر وتحمل الكثير من المشاق والصعاب في سبيل العبور بالبلاد إلي بر الأمان بأقل خسائر ممكنة.. وجابه العديد من المشاكل المعقدة بدءاً من هروب المساجين والاستيلاء علي الأسلحة الموجودة بأقسام الشرطة وتوقف عجلة الإنتاج بالمصانع والمؤسسات، بالإضافة إلي مواجهة أعمال النهب والسرقة وانتشار أعمال البلطجة في كل بقاع الجمهورية.. يضاف إلي ذلك الخسائر المادية الضخمة التي تعرض لها احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي.. كذا مواجهة أحداث العنف المتزايدة بالقرب من المنشآت المهمة كمجلسي الشعب والشوري ومبني وزارة الداخلية ومبني المجمع العلمي ومبني ماسبيرو وأخيراً المحاولات اليائسة للتعرض لمبني وزارة الدفاع.. كل ذلك والمجلس الأعلي للقوات المسلحة يتحلي بالصبر والحكمة ليس عن ضعف ولكن حرصاً علي مصلحة الشعب والوطن.. بل يحوّل المصابين إلي المستشفيات العسكرية ويخلي سبيل الطلبة لأداء امتحاناتهم.. فتلك شيم الرجال الأوفياء للوطن وتلك هي الأخلاق الوطنية السامية التي يتحلي بها أعضاء هذه المؤسسة العسكرية.. فالجميع أبناء الوطن.. لقد وقف المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية وأشرف علي إدارة أنزه انتخابات برلمانية في حياتنا المعاصرة ويستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم السلطة إلي رئيس منتخب.. وها هو يستعد لذلك من الآن. قد يري البعض أن فترة إدارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد شابها عدم التوفيق في بعض الموضوعات.. وهو أمر طبيعي خاصة في ظروف غير طبيعية وذلك لا يقلل من النجاح الذي حققه المجلس الأعلي لصالح الشعب.. وعليه فإنني أري أن أقل ما يجب عمله لرد الدّين تجاهه أن نعدّ له احتفالاً يليق بالمناسبة التاريخية والتي تضيف إلي تاريخنا المعاصر صورة حية لتماسك الشعب المصري وحبه وتقديره لقواته المسلحة التي عبرت به إلي بر الأمان، ولبت نداء الوطن بشبابه وشعبه عندما ثار من أجل الحرية والديمقراطية فقد مكنته القوات المسلحة المصرية من أداء هذا الواجب الوطني وحمت الثورة وانضمت إليها منذ الأيام الأولي للثورة.. وعلينا أن نتخيل ما كان قد يحدث لو تخلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن حمل المسئولية؟.. وأترك للقارئ الكريم أن يتخيل ذلك وما النتيجة التي يمكن أن تصل إليها البلاد.. عاشت مصر وعاشت قواتها المسلحة.. فإنه حدث سيظل التاريخ يذكره دلالة علي حضارة الشعب المصري بصرف النظر عن أي مزايدات سياسية قد تواكبه أو تعترضه.