جلال عارف وسط كل الاحداث الخطيرة التي نمر بها، والتي تتراكم فيها الأزمات وتهددنا احتمالات الفوضي المدمرة، تفاجئنا تصريحات لوكيل مجلس الشوري الاخ طارق السهري نشرتها بالامس الزميلة »المصري اليوم« يتحدث فيها بدون مقدمات عن مشروع قانون جديد لتطهير الصحافة!! وفي التفاصيل القليلة المنشورة ان مشروع القانون يهدف لتطهير الصحافة عن طريق فصل أي صحفي ثبت انه سخر قلمه لمصلحة النظام السابق ولتضليل الرأي العام ومنعه من ممارسة مهنة الصحافة نهائيا (!!) وايضا معاتبة الصحيفة ورئيس تحريرها اذا نشرت خبرا مفبركا تسبب في اضرار مادية ومعنوية لجهة، وشخص معين، وإغلاق أي صحيفة يثبت تمويلها من الخارج لمنع فلول الحزب الوطني المنحل من استغلال أموالهم في اصدار صحف تتسبب في احداث فوضي وصراعات. وبداية.. فإن مشروع القانون الذي تحدث عنه وكيل مجلس الشوري، لم يعرض علي نقابة الصحفيين ولم يسمع به المجلس الاعلي للصحافة!! ولابد هنا من التأكيد علي ان أمور الصحافة لا يمكن ان تعالج بقوانين تصدر بنفس الطريقة المتعجلة التي صدرت بها القوانين الاخيرة الخاصة بالعزل السياسي أو غيره والتي ذكرتنا بطريقة »سلق القوانين« في العهد البائد. وفي حدود ما نشر، لابد من ملاحظات سريعة: إن كل ما يتعلق بالصحفيين هو من اختصاص نقابتهم. هي المسئولة وحدها عن محاسبتهم مهنيا. أما اذا كانت هناك تهم بالفساد السياسي أو المالي لصحفيين أو غير صحفيين، فالقضاء موجود، وعقوباته محددة، وهي لا تشمل المنع من ممارسة المهنة الذي يبقي أمرا في يد النقابة وحدها، ولأسباب يحددها قانون النقابة وليست القوانين الاستثنائية أو التي يتم تفصيلها حسب الطلب! إن القوانين الحالية تعاقب وبكل شدة علي نشر الأخبار الكاذبة وتحاسب علي الاضرار التي تسبب عنها، فما هو الجديد الذي يضيفه المشروع الجديد؟ إنه لا مجال للحديث مرة أخري عن اغلاق صحف بعد أن تخلصنا من ذلك في التعديلات التي تمت في عام 6002، أما تمويل الصحف فأمر يتم باخضاعها جميعا لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات من ناحية، ومراقبة الاداء الاعلامي لها من جانب جهاز مستقل تماما. إن هذا يدفعنا للتأكيد علي أنه لم يعد هناك مفر من الاستقلال الكامل للمؤسسات الصحفية القومية عن كل مؤسسات الدولة، لتدار من جانب هيئة وطنية مستقلة تضمن ان تكون الصحافة القومية منبرا لكل الآراء وساحة للحوار الوطني وللاعلام المحايد والمستنير وليس لاعلام الحاكم أيا كان. تحرير الصحافة وليس تطهيرها هو المطلوب. والصحفيون قادرون علي إنجاز المهمة. هم الذين كشفوا الفساد حتي داخل مؤسساتهم. وهم الذين خاضوا معارك الحرية وانتصروا للثورة. وهم الذين علمتهم الايام ان الحرية لا تتجزأ.. وأن العدل لا يقوم علي تصفية الحسابات!!