حمدى رزق عكس اتجاه الرياح يأتي ترشيح عمر سليمان، سليمان القادم من الخلف حاملا تركة نظام تنوء من حملها الجبال، تركة لاتحتملها أكتافه التي هدها السقوط المروّع لنظام حكم خدم في بلاطه بإخلاص 17 عاما كاملة في رئاسة جهاز المخابرات العامة، كان محل ثقة الماثل في السجن ينتظر حكما يوم 2 يونيه القادم. ما أدراك ما 2 يونيه، يوم تشخص فيه الأبصار نحو مبارك، وتصوب نحو نائبه عمر سليمان الذي عاد من غيبة مشهدية كاملة طالت عاما ونيف (منذ خطاب التنحي يوم 12 فبراير 2011) . معلوم للقريبين أن عمر سليمان كان رافضا الترشيح حتي تغير الموقف في الثانية الأخيرة علي غلق باب الترشيح لسبب غير معلوم، الرجل نام وصحي رأسه وألف سيف ليترشح رغم تحذيرات المخلصين، ومعلوم اعتلال صحة الرجل، ومعلوم أن الرجل كان يئن من هول ما يري ويسمع ويشاهد من لخبطة ضاربة في أطناب البلاد، صدمة ما جري لنظام الحكم المباركي لم يمكّن الرجل حتي من الحج مترجلا، وصارت حول حجته الأقاويل، لكنه ترشح وله في ذلك حكم، كان يكفيه تحية مواطن بسيط بعد صلاة الجمعة يتمني له دوام الصحة والعافية، أو تلميذ صالح يدعو له بطول العمر . بترشيح سليمان ومن قبله خيرت الشاطر (وكليهما مطعون علي شرعيته الترشيحية والشارعية) صارت مصر بين جبلين، جبل مبارك الذي يمتطيه سليمان وجنوده بتاريخه الماضوي، وجبل الإخوان الذي يعتليه خيرت الشاطر وأنصاره بتاريخه التنظيمي، وبينهما يضيع كثير من الرجاء، جاء سليمان من آخر الزمان ليخلط الأوراق كلها، يعيدنا أسري حرب الفلول الإخوان، مثل حرب البسوس أو أشد قسوة علي المصريين البسطاء القابعين في قعور البيوت الطينية، ينتظرون نور الصبح يصحي الفجر ويقول للوطن قوم إفرح، الوطن حزين حزن تاريخي، مالك يا وطن، تعبان من القفص . من لا يملك (عمر سليمان) أعطي من لا يستحق (خيرت الشاطر) رخصة بالترشيح لرئاسة الجمهورية، وطهره من سقطته السياسية الترشيحية، ووفر للجماعة ما يلزمها من مبررات لتبييض وجهها الذي أسود أمام العاديين الذين صدقوا جماعة ماء السماء الطهور، فغرزوا في طين السياسة، وكذبوا، وكانوا من قبل لمن الصادقين . ما بالكم، إذا كان خيرت الشاطر (نائب المرشد)، فإن عمر سليمان (نائب مبارك)، وكلاهما مرشح خارج السياق الثوري، من زمن سابق، لا يسند ترشيح أي منهما سوي ترشيح الآخر، كان عمر سليمان حصيفا وواقعيا لا تنقصه القراءة السياسية للمشهد الراهن ومخلصا لتاريخه عندما امتنع عن الترشيح طويلا، وسيكون مخلصا أكثر لمصر إذا تراجع عن تلك الخطوة التي جاءت في غير محلها ولا أوانها، ولا يقدر علي حملها صحيا وسنيا، ولا تقدر مصر الجريحة علي دفع ثمنها من اضطرابات توشك أن تغرق البلاد مما تطوع سليمان لإنقاذها مما تترتب فيه، آن لسليمان أن يستريح، ويريح، يريح مصر من ثمن باهظ ستدفعه جراء ترشيحه، من يحب مصر، ويذوب عشقا في نيلها، وسيختلط تراب عظامه بثراها، يتنحي وإنا له لشاكرون، والشاطر بالإشارة يفهم . سليمان صار محللا لترشيح الشاطر، وكان الإخوان عن ترويج الشاطر شعبيا عاجزين، وأمام القضاء مراوغين بسيف رد القضاة، صار الشاطر فارسا إخوانيا ادخرته الدعوة الإخوانية لينافح نظام مبارك ممثلا في سليمان، هكذا صارت الجماعة تعرف أكثر منا، وتعلم ما لا نعلم، وثبت أمام قواعدها والمتعاطفين بُعد نظرها بترشيح الشاطرومن بعده محمد مرسي احتياطيا، يقولون إذا كان المجلس العسكري شاطرا وادخر سليمان ليوم معلوم، قبل غلق باب الترشيح بيوم، فإن الجماعة كانت أشطر ودفعت بالشاطرقبلها بأيام استعدادا لتخارج أبو إسماعيل من السباق، وهو محل شك كبير، الجماعة رشحت الشاطر لأنه الوحيد المؤهل للغزوة الرئاسية، خلط متعمد ولكنه مبرر والبركة في سليمان . سليمان صار محللا - أيضا - لمزاعم "حازمون" (حملة حازم صلاح أبو إسماعيل )، بأن محاولة استبعاد حازم مؤامرة كونية شارك فيها الأمريكان والمجلس العسكري لحرمان مصر من مرشح شرع الله، وأنصار شرع الله حاصروا المحاكم حتي أذنت لحازمهم بالترشيح، في غزوة الجنسية . سليمان صار محللا- ثالثا - لإصدار قانون العزل السياسي الذي تناسته الجماعة الشبقة للسلطة وهي تسابق الزمن نحو الاستيلاء علي تأسيسية الدستور، نست أن هناك فلولا رابضين، نايمين في الدرة، سليمان جني علي أحمد شفيق والذين معه، سينسحب قانون الفلول علي عمرو موسي أيضا - وتلك مفاجأة قاسية إلا علي الحاسبين للمدد التي توزر فيها موسي في حكم مبارك، ترشيح سليمان يخلي الساحة أمام الإخوان، ومن والاهم من السلفيين، بعد حكم الإدارية بتثبيت الجنسية المصرية لوالدة أبو أسماعيل، في انتظار قرار اللجنة الرئاسية . يصرف ترشيح سليمان نظرنا عن حكم بطلان تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور، سيتفرغ الثوار والاشتراكيون والليبراليون - جماعة - لمناهضة سليمان، وسينسقون وللغرابة مع الإخوان، جميعا ضد سليمان، وأنا والإخوان علي عمر سليمان، أو علي الأقل ستخف معارضتهم التي كانت منصبة علي رءوس الإخوان، سيحاربون علي جبهتين، وجبهة سليمان ستكون أولي من غيرها، منع سليمان من سدة الحكم ستكون أولوية أولي، وسيغنم الإخوان ما كانوا يحلمون، وعند الإخوان ترشيح سليمان له منافع أخري.