محمد دروىش المشهد الأول: طالب بالجامعة الألمانية يسير بسيارته مع صديق له علي الطريق الدائري في نطاق دائرة قسم الخليفة، صدم شابا كان يسير علي الطريق، لم توضح الصحف التي نشرت الخبر أول أمس من المخطيء قائد السيارة أو عابر الطريق، المهم وقع الحادث. المشهد الثاني : توقف الشاب قائد السيارة ولم يفر من موقع الحادث كما هي عادة معظم قادة السيارات في بلادنا ، مازالت به بقايا من نخوة وشهامة فقرر حمل المصاب والتوجه به إلي اقرب مستشفي وهي تتبع البنك الاهلي اي ان دخولها لابد وان يكون بمقابل. المشهد الثالث : كان طبيعيا ان يستغيث الطالب بوالده ربما من اجل المال المطلوب للمستشفي، وايضا اتصل باقرب اصدقائه وزميله في الجامعة الألمانية واسمه مصطفي محمد محمود.. حضر الأب والصديق إلي المستشفي وبدأوا في متابعة حالة المصاب الذي فشلت محاولات الأطباء لإنقاذه ولبي نداء ربه، تحفظ مسئولو المستشفي علي الشباب الثلاثة ووالدهم الذي حضر لتوه وأبلغوا الشرطة التي لم يحضر مندوبوها إلا بعد وقوع الضحية الثانية. المشهد الرابع : دخل أهل الضحية ووجدوا الاب والابن وصديقه حول سريره.. لم يفكر واحد منهم في الجانب المضيء من الموضوع أولا وهو وجود الجاني إلي جوار ضحيته وحضور ابيه وصديقه لمؤازرته ومحاولة انقاذ المصاب بكل السبل ان لم يكن من اجله فمن اجل الابن قائد السيارة الذي سيقع ما فعله تحت طائلة القانون. المشهد الخامس: خرجت المطاوي والسنج وربما العصي الكهربائية وغيرها من الاسلحة البيضاء ولا ادري لماذا يصفونها بالبيضاء ونتائجها دائما سوداء، انهال افراد عائلة المصاب علي الثلاثة الاب والابن وصديقه مصطفي الذي هرع للوقوف معه في محنته، ولأن مصطفي ليس طرفا في القضية من أصله وكان يظن ان خطاب العقل والدعوة إلي نبذ العنف واتركوا الاب ونجله في حالهما واللي انتم عاوزينه حنعمله واكثر كل هذا جعله يقف حائلا بين المعتدين وصديقه وابيه، حال بينهما وبين السنج والمطاوي حتي تمكنا من الهرب، ووقف صامدا وهو يتصّور ان العقل - عقل حاملي الاسلحة البيضاء - سينتصر في النهاية ويتركونه لحال سبيله فما ذنبه وهو أبعد ما يكون عما تسبب للضحية. المشهد السادس : اختفي العقل وتواري الضمير وجرت الشياطين في العروق وانهالت الاسلحة البيضاء علي مصطفي الذي لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة عاما، لم يهدأ لهم بال ولم يشف لهم غليل حتي سقط الشاب علي الارض غارقا في دمائه .. قتلوه ولم يتركوه إلا مع حشرجة الروح وخروجها إلي بارئها. المشهد الاخير : جلست لأكتب هذه الكلمات وقلبي يتألم علي ما حدث لمصطفي وما دفعه جراء شهامته، إلي هذه الدرجة اصبحت مصر وصرنا نحن المصريين.. ولا اجد خيرا من كلماته [ فيما رواه ابوهريرة »لا تذهب الدنيا حتي يأتي علي الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتل ولا المقتول فيما قُتل«.