جلال دويدار ان ما أقدمت عليه جماعة الإخوان المسلمين بترشيح المهندس خيرت الشاطر للتنافس علي منصب رئيس الجمهورية بعد أن سبق لها التأكيد أكثر من مرة أنها لن تدخل هذا السباق يثير الشكوك حول مصداقيتها في كل ما يخرج عنها من وعود وتصريحات وما سوف تضطلع به من مسئوليات . يبدو ان وضع ايديهم علي مجلسي الشعب والشوري كان أمرا غير متوقع بالنسبة لهم وهو ما أدي إلي فتح شهيتهم للاستيلاء علي كل شيء. هذا السلوك الذي يتسم بجشع القفز الي السلطة ونزعة التكويش لابد ان يشيع حالة من الفزع وعدم الاطمئنان لدي جموع الشعب التي ولا جدال صُدمت واصابها القلق. وفقا لهذه التطورات فإنني ومن وجهة نظري -قد أكون مخطئا- أري أن الجماعة وغطاءها الحزبي »الحرية والعدالة« لن يلتزما بما تم الاتفاق عليه في الاجتماعين اللذين دعا إليهما المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة لتسوية أزمة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور. .كل القوي الوطنية والسياسية اتفقوا علي ان هذه اللجنة ليست سوي مسخ اخواني لم تعرفه عمليات اعداد الدساتير في كل دول العالم . بناء علي ذلك فإن ما جري وما هو متوقع لن يقود إلي انتشال الوطن من محنته التي وضعته فيها إجراءات وقرارات المجلس الأعلي المريبة والمعكوسة منذ البداية. ليس جديدا القول بأن خريطة الطريق التي دعت إليها ثورة 52 يناير لتحقيق الديمقراطية التي كان يتطلع إليها الشعب ويأملها .. لايمكن أن تتم بهذه الصورة التي تمثلت في إعداد الإعلان الدستوري وطرحه للاستفتاء من خلال التسلط الاخواني المتعمد . ثم الاستناد الي .. نعم أو .. لا دون التفرقة بين المواقف من المواد المعروضة بنظام »الشروة الواحدة « شملت الخدعة المادة 06 التي تعمدت اللجنة الاخوانية في ان تكون غامضة وقابلة للتفسير الذي يريده الإخوان المسلمين حتي تكتمل تمثيلية السيطرة والهيمنة علي مقدرات مصر. في هذا الاطار الفاضح ليس مقبولا ولا معقولا الاعتقاد بأن يكون الذين قاموا بإعداد الاستفتاء ومعظمهم ذوو ميول اخوانية بالسذاجة التي تجعلنا نعتقد انهم أبرياء من تعمد ان تكون هذه المادة الباب الملكي للسيطرة علي تأسيسية الدستور وفقا للمخطط المعد سلفا وتم التجهيز له. التطورات ووفقا لما كشف عنه هذا المخطط تؤكد ان القوي الوطنية ومعهم علماء القانون الدستوري كانوا علي حق منذ البداية عندما صرحوا وأعلنوا انه لابد من إعداد الدستور أولا وقبل أي خطوة أخري . كان هذا هو المسار السليم الصحيح لبناء المؤسسات اللازمة لقيام دولة ما بعد الثورة باعتبار أنه الأساس الذي يجب ان يقوم عليه هذا البناء. الذي حدث هو انه تم الجنوح الي قلب الهرم وان تكون الأمور بالمعكوس وهو ما يمكن اعتباره أمرا مبيتا وليس جهلا او من قبيل حسن النية!! انكشف ذلك في الاصرار علي ان تكون انتخابات مجلس الشعب أولا وان يأتي الدستور بعد ذلك. هذا كان يعني تحويل من يؤسس الي متأسس .. أي تجريد الدستور من حقه الطبيعي في وضع شكل وسلطات مؤسسات الدولة باعتباره العقد الذي يجب ان يخضع له الجميع بما في ذلك المؤسسات التي يتولي إنشاءها. هذه الجريمة المتعمدة انفضحت معالمها في مرحلتها الأخيرة المتجسدة في ترشيح الشاطر وهو مايجعلنا نقول برافو لقادة الاخوان .. نجاحهم في استنساخ الحزب الوطني الذي الذي سوف يعود للحياة من جديد تحت عباءتهم. لقد كان لهذا الحزب مجلس للشعب مزور لإرادة الشعب ورئاسة الجمهورية والحكومة وهي نفس السلطات التي استولت عليها الجماعة بمساعدة المجلس الاعلي للقوات المسلحة ويزيد عليها حاليا اللجنة التأسيسية لاعداد الدستور. لم يعد باقيا سوي ان يكون المصير هو نفس مصير الحزب الوطني ان شاء الله وهو ما ينطبق عليه المثل القائل »دبور زن علي خراب عشه «!!