كثيرة هي الأجهزة الذكية التي أصبحت في خدمة الإنسان، لكن تظل الهوة قائمة بين البشر والأجهزة، فتلك الأجهزة تقدم خدمات فائقة متميزة بسرعة وكفاءة لا تقارن بما كان سائدا قبل استثمار التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي، لصناعة الأجيال الحديثة من الأجهزة سواء في المنزل أو المكتب، لكن الجديد الذي تسعي العديد من المراكز البحثية وشركات التقنية، وتتنافس لتضعه في متناول يد الإنسان خلال بضع سنوات- أو علي الأكثر عقد من الزمان- نوع مختلف من الأجهزة الذكية، حيث تتواصل مع الإنسان، وتكون أقرب إلي صداقته، وليس فقط خدمته! ثمة دفء في العلاقة بين البشر والأجيال القادمة من الأجهزة الذكية، فلم يعد أكبر هم المصمم، أو المخترع، أن يكون الجهاز صديقا للبيئة عبر توفير استهلاك الطاقة، أو خفض مستوي الكربون، أو تقليص المخلفات، فإلي جانب كل هذه المزايا، وربما قبلها سوف يعمد المنتجون للأجهزة الذكية في المستقبل القريب إلي ان تكون علي شاكلة مستخدمها، حتي تستطيع عقد صداقة معه. »أنسنة الأجهزة« هو الهدف الاسمي للمبتكرين، ومراكز الابحاث، والشركات المعنية بهذا النوع من التقنية. مزيد من التفاعل، الاحساس، المشاعر و..و.. غيرها من العناصر المعنوية التي تحكم العلاقة بين الإنسان والإنسان، ستنتقل من هذه الدائرة إلي طبع العلاقة بين الإنسان والآلة بمسحة من المودة والتواصل الحميم! القائمون علي إنتاج الأجهزة الذكية في طبعاتها الجديدة، يركزون علي أن تكون مبتكراتهم قادرة علي التفاعل، ليس فقط عبر الكلمة أو الحركة، ولكن أيضا بالنظرة، وقراءة أفكار صاحب الجهاز! هل يعني ذلك أن تأتي علي الإنسان لحظة يداخله فيها الندم، حين يكتشف أن الأجهزة الصديقة تتجاوز حدودها، وتمارس أنواعا من التطفل والتدخل غير المرغوب فيه؟! ربما..! علي الجانب الآخر، فإن الأجهزة الذكية صديقة الإنسان قد نستشعر أهميتها، ونقدر فضلها، عندما يتعلق الأمر بدورها مع كبار السن من الآباء والأجداد، ينسحب الأمر كذلك علي ذوي الاحتياجات الخاصة والاطفال، فانها تكون خير معين، ويمكن حينذاك اعتبارها بمثابة الصديق الصدوق لهذه الفئات من البشر. أجيال الأجهزة الذكية صديقة الإنسان- أيضا- سوف تكون خلال السنوات القادمة، قادرة علي تفهم احتياجات ورغبات مالكها دون ان يكلف نفسه عناء الكلام، من ثم فإنها ستكون خير صاحب لمن يعاني من فقدان النطق، أو البصر، أو السمع حين تعتمد في تصميمها علي التفاعل مع صاحبها عبر التفكير، وليس من خلال الحواس. قد تختفي بعض الوظائف التي يعتمد أصحابها علي تقديم خدمات إنسانية كرعاية الأطفال، أو مجالسة المسنين، أو مرافقة من يعانون الوحدة بعد التقاعد أو فقد الاحباء، وصعوبة تلقي الرعاية المستدامة ممن بقي منهم. معني آخر للصداقة بين البشر والأجهزة تتفاعل خمائره في عقول المخترعين ومراكز الابحاث، ولن يمضي وقت طويل حتي نشهد اختبارات عملية لأنماط غير مسبوقة من العلاقة بين الإنسان والآلة!