حادثتان عظيمتان شارك فيهما الرسول »صلي الله عليه وسلم« في شبابه وقبل بعثته تنمان عن رجولة مبكرة ونفس عالية ترشحه لحمل الرسالة الخالدة.. الأولي اسهامه في حلف الفضول لقد ساهم عليه الصلاة والسلام وهو في شبابه في حلف الفضول ففي بيت عبدالله بن جدعان أحد رؤساء قريش تحالف أكابرها ورؤساؤها وتعاقدوا علي الا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرها الا قاموا معه علي ظالمه حتي يرد الحق إلي نصابه وان هذا الحلف في المجتمع المتفائل لعجيب لكنه كان بقية من فضيلة لا تزال فيهم وقبسا من الخير يضيء بين أيديهم وليس أحق من الشاب محمد عليه الصلاة والسلام ليساهم في تربية الفضائل والانحياز إلي جانب العدل والمرحمة وهو الذي يقول بعد ذلك: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ولقد تحدث عليه الصلاة والسلام عن هذا الحلف بعد ان شرفه الله برسالته فقال: لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا ما أحب ان لي به حمر النعم -أي أعز أموال العرب- ولو دعيت اليه في الاسلام لاجبت. ثانيا اشتراكه في بناء الكعبة.. فلما فرغت قريش من إعادة بناء الكعبة بعد سيل جارف صدع جدرانها وحان الحين لوضع الحجر الأسود مكانه اختلفت القبائل وتنازع الأشراف وتعاظم تنافسهم في وضع الحجر مكانه ولقد كبر الخلاف حتي كادت ان تتأجج نيران حروب لا يخمد سعيرها ولا يعرف مداها فأدركتهم عندئذ رحمة الله بمحمد »صلي الله عليه وسلم« فتحاكموا اليه ورأي ان يبسط رداءه وان يضع فوقه الحجر وقال لتأخذ كل قبيلة بطرف الثوب وأمرهم برفعه جميعاحتي انتهوا إلي موضعه ووضعوه في مكانه وهكذا انتهت الفتنة بأصالة رأيه ورجاحة عقله القد رضيت قريش بتحكيم محمد »عليه الصلاة والسلام« في الأمر الجلل الخطير وما كان أسنهم ولا أكثرهم ثراء ولكن شمائله قد أعدته لعظائم الأمور وأمانته قد رفعته فوق حرائز الصدور ففي مواقفه هذه دروس لنا جميعا في الفطرة الخيرة التي فطر الله عليها وإلي الثبات علي الحق دون الانحياز لطرف علي حساب الآخر فقد أنار النبي »صلي الله عليه وسلم« للاجيال اللاحقة طريق الهداية من خلال مواقف عظيم تربي فينا الخلق الطيب الحسن فهيا يا شباب الإسلام تزودوا من أطايب سيرة الحبيب والله معكم ولن يتركم أعمالكم.