هناك نقاط مشتركة بين ملف المتطرف السفيه تري جونز الذي اراد ان يحرق المصحف الشريف وملف التفاعلات حول ملف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين من المنظور التقني البحت وطبقا لنظريات التفاوض.. وهي بحاجة إلي أن نتأملها وتتمثل فيما يلي: 1 أهمية وجود الطرف الثالث أو ما يعرف بالوسيط المفاوض (MDIATOK) خاصة في مثل هذه النوعية من الصراعات الممتدة والملتهبة ونبدأ بتأمل وتحليل لقطة محددة من ملف التفاعل حول ملف المتطرف جونز.. حيث أعلن المتطرف عن نيته لاعداد مكان لحرق نسخ من المصحف في كنيسة ذات العدد المحدود من الاتباع.. وهنا استقطب أكبر عدد من وسائل الاعلام في الداخل الأمريكي وعبر العالم كله لتستمع لما يسوقه من مبررات الكراهية والغباء المطلق وظني انه يستطيع ان يلعب علي ظاهرة الاستقطاب الحادة التي حدثت في المجتمع الأمريكي بخصوص انشاء مركز قرطبة الاسلامي في نيويورك والذي يرفضه أكثر من 07٪ من الأمريكيين ويوافق عليه 03٪ مما يعني التصاعد الكبير في ظاهرة الاسلاموفوبيا »الخوف من الاسلام/ الكراهية للدين الاسلامي« في الولاياتالمتحدة.. فكان طلبه هو نقل مكان ذلك المركز من مكانه الذي تصادف أن يكون قريبا للغاية من موقع برجي التجارة العالمية أو منطقة الأرض المدمرة ZERO GROUND وما يستحضره ذلك في العقل الأمريكي في هذا الصدد من أحداث سبتمبر 1002 الارهابية.. وهنا كان »موقفه التفاوضي«. في البداية انه يمكنه التراجع عن موقفه إذا تنازل المسلمون وعلي رأسهم الإمام فيصل عبدالرؤوف مدير مؤسسة قرطبة المالكة للأرض الخاصة بالمسجد وقاموا بنقل المركز الاسلامي إلي مكان آخر، وصاحب هذا الموقف ما تردد عن قيام الإمام محمد المصري رئيس الجمعية الاسلامية بوسط فلوريدا بمساعدة لوقف هذه الفتنة بقوله للقس جونز بأنه كذلك لا يوافق علي بناء المسجد في موقع احداث 11 سبتمبر منعا للفتنة ومن هنا اقنعه الامام بوجود صفقة قام جونز بناء عليها بزيارة نيويورك.. إلا أن الإمام فيصل عبدالرؤوف رفض مقابلة.. لأنه وبذلك يكون قد سقط في فخ تفاوضي لا يصح الوقوع فيه، حيث ان منطلق المفاوض الذي يبدأ بالعدوان بالحرق والتهديد في جوهر العقائد لا يمكن الجلوس والتفاوض معه.. ولكن كان الاعتماد هنا علي ضغوط طرف ثالث يري ويحكم عقله، لمحاصرة مثل هذا المتطرف وتمثل ذلك في مكالمة وزير الدفاع روبرت جيتس لذلك القس وتمثل كذلك في بيان الرئيس أوباما يوم الخميس الماضي 9/9/0102 والذي حظر فيه بقوة من خطورة فعلته علي الجنود والمصالح الأمريكية في الخارج.. كذلك تحرك اصحاب العقول والاقلام الموضوعية في الاعلام الامريكي وفي الأوساط الدينية والسياسية يحذرون من ابتلاع طعم »المتطرفين الذين يبغون احداث حروب وفتن دينية داخل أمريكا وعبر العالم، كذلك ساهمت ردود الفعل القوية عبر العالم كله في لجم هذا القس المتطرف حتي تم اعلانه عن تراجعه التام عن محاولة حرق المصحف- الذي لم يقرأ آية واحدة منه- وكان من اسرع البيانات ذلك البيان الذي اصدره الرئيس مبارك محذرا فيه من مغبة هذا العمل.. والنقطة الرئيسية هنا ان ادارة صراعات مثل صراع الاسلاموفوبيا- فهو من الصراعات الممتدة- لابد وأن يدار من خلال وسيط بل من خلال وسطاء يتسمون بالعقلانية والفهم والانطلاق من منطلقات الشرعية الدولية والتسامح الديني والقانون والمنطق الإنساني وفهم عملية التفاوض وما ينبغي القيام به من تحركات وكذلك ما لا ينبغي القيام به.. من هنا ننتقل إلي ملف ماسمي »بالمفاوضات المباشرة« حيث يتم تحت الرعاية الأمريكية والمصرية والرباعية الدولية وأكدت فيه مصر علي أهمية الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان، وان ما حدث من إجراءات غير قانونية علي أرض الواقع في الأرض المحتلة لا يكون ملزما للقبول به.