بخطي ثابتة ومنظمة قررت مملكة البحرين أن تواجه بشكل مباشر وصريح القوي الخارجة عن القانون، التي ترفض منذ عشر سنوات الانخراط في العملية السياسية ، وتفضل اللجوء إلي العنف والإرهاب لفرض منطق القوة، والسعي في نهاية المطاف لتغيير نظام الحكم بالقوة. ومنذ عشر سنوات تسير خطي الديمقراطية في هذه المملكة الدستورية بخطي سريعة، أقنعت كثيرا من قوي المعارضة علي الانخراط في العملية السياسية ، وخوض الانتخابات البرلمانية والبلدية، وتحقيق مكاسب لم يكن أحدا يحلم بها قبل تولي الملك حمد بن عيسي آل خليفة مقاليد الحكم، وإعلان مشروعه الإصلاحي الكبير والعفو الشامل عن كافة المعارضين في الداخل والخارج. ولكن الفصيل المعارض اللوحيد الذي تتزعمه حركة حق _ غير الشرعية- رفض مرارا وتكرار لغة السياسة ، وفضل لغة الحرائق والإرهاب، ولم يتعلم من أكثر من عفو ملكي عن المتهمين الذين يرتكبون هذه الأعمال، وشجع ومول هذه الأعمال، وبدا واضحا أن دوام الحال _ علي هذه الصورة- درب من المحال. وبعد يوم واحد من الإعلان عن الكشف عن تنظيم إرهابي يسعي لتغيير نظام الحكم بالقوة، قرر العاهل البحريني ، ان يتوجه إلي جموع الشعب البحريني ، ليشرح أبعاد الوقف كاملا، مؤكدا أن القانون هو الذي يحكم هذا البلد، ولاشيئ غيره، ورافضا اللجوء إلي الإرهاب والتعبئة الطائفية من فوق المنابر الدينية، ومطالبا كافة البحرينيين الرافضين لهذه الأساليب غير الشرعية بالوقوف صفا واحدا في وجه كل من يريد السوء بهم. وفي كلمات بليغة موجزة كشف العاهل البحريني حقيقة مايحدث علي الساحة فقال: إن الأحداث الأليمة التي شهدتها مملكتنا الآمنة المطمئنة في الفترة الأخيرة هي نوع من الخروج عن الجماعة والفتنة والعدوان والإرهاب وهي أمور محرمة شرعاً ، وغريبة عن شعب البحرين ، دخيلة عليه ، منافية لأخلاقه النبيلة ، وطباعة الأصيلة ، كما أن الذين حرضوا عليها لم يقرأوا عواقب ما يؤدي إليه التحريض من تلك الأحداث ، ولم يضعوا في حسبانهم أنهم من حيث لا يشعرون أساءوا لأنفسهم بدلاً من أن يُحسنوا إلي وطنهم وأبائهم وأمهاتهم بالعمل والرزق الحلال . وتذكيرا بمواقفه الكريمة في العفو أكثر من مرة عن المتهمين في قضايا التخريب والعنف قال جلالته: كنا نراقب هذه الأعمال ونتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مرتكبيها ، ولم تخلُ مراقبتنا من عفو علي أمل أن يعودوا إلي رشدهم ويتجهوا لصالح الأعمال كغالبية هذا الشعب الكريم ، لكنهم اعتبروا أن العفو عما عملوا من مخالفات وتجاوزات دليل علي أنهم فوق القانون ، فواصلوا حتي التدريب علي كل أنواع التخريب ، وما يحزننا أنهم مخطئون واجتنبوا طريق الصواب . وإننا إذ نحسن الظن بكل من لم يغتر بدعوة هؤلاء ، ولم يتبعهم في طريق الضلال ، لنرجو ونتوقع أن يقف الجميع في وجه كل من يريد سوءا بوطننا العزيز ، ووحدة شعبه ، وسلامته وأمنه واستقراره ، وأن يتجند الجميع لحماية هذا الوطن من الفتنة وشرورها ، ويقف وقفة رجل واحد في وجه العنف والإرهاب بجميع أشكاله والتشبث بما في ديننا الحنيف من مبادئ السماحة ، والمودة ، والإخاء ، والسلم ، والرحمة ، والتعاون ، ووحدة الصف ، واجتماع الكلمة ، وطاعة الله ورسوله وأولي الأمر مصداقاً لقول الله عز وجل ( يَا أيْهَا الَّذِينَ آمَنْوا أطِيعُوا الله وَأطِيعُوا الرَّسُولَ وَأولِي الأمر مَنكُمْ ) .ونحن بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه ، كنا وما زلنا متيقظين منتبهين إلي كل ما يهدد أمن واطمئنان شعبنا ومملكتنا ، وساهرين علي ضمان الاستقرار والازدهار لبلدنا ، قائمين بحق رعاية الأمانة التي تحملناها بعزم لا يلين ، وإرادة لا تستكين . وأننا في نفس الوقت سوف نواصل مسيرة البناء والنماء ، ومخططات الإصلاح ، ودعم أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية ، وحقوق الإنسان والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي . تنقية المنابر وقد حرص الملك حمد بن عيسي علي حرصه علي معالجة جدزية لما يحدث، حيث إن الدعوة للعنف كثيرا ماكانت تنطلق من بعض المنابر الدينية فقال: لذلك صح عزمنا علي توجيه السلطة الحكومية المسؤولة عن الشؤون الدينية إلي إيلاء مزيد من العناية لمنابرنا الدينية ، والحرص علي أن لا يعتليها إلا من تتوفر فيه الكفاءة العلمية اللازمة ،والمواطنة الصالحة ، والخلق الحسن ، ولزوم الجماعة ، والتشبع بالوسطية والاعتدال ، ونبذ العنف وذلك ضمن برنامج شامل لإصلاح الحقل الديني ، ويجعلها منارات تشع بالإيمان والتقوي وتقود الإصلاح وتدفع عجلة التنمية وترص الصفوف وتنشر المحبة والمودة بين الناس ، وتبني صروح المستقبل . وأضاف: من الواجب علي رجال الفكر والعلم والثقافة ، ورجال الفنون ، والآداب ، ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا أن يتناولوا قضايا المجتمع ذات الأبعاد الدينية ، بما يفتح لشبابنا آفاق الفهم السليم ، ويقرب الشقة بين المذاهب الإسلامية ، ويمد الجسور بين الحضارة الإسلامية ، والحضارات الأخري في بوتقة الحضارة الإنسانية الجامعة . وإن علي رجال الفكر والثقافة أن يعملوا علي التنظيم لمنظومة تربوية جديدة قائمة علي تفاعل المذاهب ، وتعاونها وتقاربها ، وعلي مبادئ في السلم ، والمحبة ، والاعتراف بالآخر . وهذه المعالجة الشمولية للموضوع من شأنها أن تحقق نتائج محمودة إذا شارك فيها الجميع بإخلاص ، وحسن نية ، وسوف تكون تجربتنا إن شاء الله تجربة رائدة ، ونكون قد استفدنا من الأحداث وتفادينا أضرارها . وفي أول رد فعل علي كلمة العاهل البحريني إلي الشعب، قال الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ، في برقية أرسلها إلي الملك: صاحب الجلالة الملك المفدي،، انه وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية والتطلعات والرؤي الحكيمة لجلالتكم ستقوم الحكومة ممثلة في الاجهزة المعنية بالشؤون الدينية علي جعل المنبر الديني البحريني مكانا يعتليه فقط من هو قادر علي تكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال ومنبذا لكل من يستغله ويطوعه لتحقيق مآرب فئوية ضيقة لاتخدم المصلحة الوطنية او وحدة الصف او المقاصد الأخري المرفوضة دينيا والمنبوذة وطنيا وشعبيا. قوة القانون من جانبه حرص وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة التأكيد علي أن الأجهزة الأمنية البحريني حرصت ، تنفيذا للتوجيهات الملكية السّامية لضبط الأمن ، قامت بواجبها في التصدي لمرتكبي هذه الأفعال الإرهابية المشينة بحق الوطن , سواء من قاموا بتنفيذها , أو من دفعهم الي ذلك ، أو من يحاولون تبريرها تحت ذرائع واهية وحججٍ باطلة , وأكد أن الأجهزة الأمنية قد سعت الي فرض النظام وتطبيق القانون , وحاولت جاهدة تفادي أية مواجهات أو اصطدامات مع هذه الفئات ؛ التي ظلت تعتقد أنها فوق القانون ، وخارج دائرة المساءلة والعقاب . وهنا أؤكد بأن الالتزام بالقوانين وتطبيقها ليس نهجاً طارئاً ومؤقتاً، بل هو نهجنا الدائم بعون الله في الحاضر والمستقبل ، وهو سبيلنا لحفظ النظام علي أكمل وجه ، واتمِّ صورة . وقال وزير الداخلية إننا نتحدث بلغة الأمم المتحضرة التي تلتزم بتطبيق القانون وتحقيق العدالة و المساواة لشعوبها. لأن الالتزام في تطبيق القانون يشعر المرء بالطمأنينة والراحة، ومن يتجاوزه يشعر بالضعف والخيبة وفقدان احترام نفسه واحترام الآخرين له ، فاحترامنا للقانون والالتزام بتطبيقة يزيدنا قوة وصلابة , وعلي كل من يفكر بالخروج عن القانون عليه أن يتساءل أولاً عن حقوقه وواجباته وماهي حدوده . حتي لايقع في دائرة الوهم والتجاوز ، فرحم الله امرءاً عرف حدّه فوقف عنده . وأضاف, بأن أول من يُحاسب ذلك الذي يجاهر بالخطأ ، ويفاخر به . وإن من اختار أن يعمل ضد الوطن في الخفاء وتحت الأرض فإننا بإذن الله واصلون إليه في مكمنه ، ولن يفلت من العقوبة التي يفرضها القانون . والمسألة مسالة وقت ليس إلا. لأن من يعاقب الناس بترويعهم ، وتعريض سلامتهم للخطر وتعكير صفو حياتهم وتعطيل مصالحهم عليه أن يتحمل عاقبة ذلك .