وكان »نابليون بونابرت« يؤكد لبعض خلصائه انه هو نفسه الإسكندر الأكبر، وقد عاد للتجسد من جديد.. وكان أولئك الخلصاء يحملون أقواله علي محمل الدعابة لا الجد!! السبت: هل سافرت إلي بلد لم تذهب إليه من قبل، وشعرت ان شوارعه وبناياته مألوفة لك، وخيل إليك أنك رأيتها قبل ذلك؟.. وهل خطر لك وأنت تسير في احدي حواري ذلك البلد، أنك ستجد في نهايتها دكانا لبيع السجائر، وأن صاحب الدكان قصير، بدين، أصلع، ضيق العينين، وعندما وصلت إلي آخر الحارة اكتشفت ان كل ما خطر لك عن الدكان وصاحبه كان صحيحا؟!. هل جمعتك الصدفة بشخص لم تره طوال حياتك، وانتابك احساس قوي بأنك رأيته منذ فترة طويلة، ثم تطور هذا الاحساس إلي رغبة ملحة في التحدث إليه والاستماع له؟!.. إذا قال لك أحد أنك فعلا زرت ذلك البلد، أو عشت فيه، وأنك فعلا رأيت ذلك الشخص قبل ان تجمعك به الصدفة بفترة طويلة، وان ذلك كله تم في حياة سابقة علي الحياة التي تحياها الآن.. فماذا سيكون رد فعلك؟.. هل ستصدفه؟. هل ستحاول التفكير فيما قاله؟!.. لا تتسرع في الاجابة.. انتظر قليلا وحاول ان تستوعب ما أنقله في السطور التالية من كتاب »في العودة للتجسد.. بين الاعتقاد والفلسفة والعلم«، للأستاذ الدكتور رءوف عبيد، الوكيل الأسبق لكلية حقوق جامعة عين شمس.. فهو يقول: »ان العودة للتجسد، بعد الموت، عقيدة ذاعت في العالم منذ أقدم العصور، وان بعض الباحثين يرجعها الي حضارة قارة اطلانتس التي ابتلعها المحيط الأطلسي منذ أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد.. ويشير الباحث »بيكون شيودو«، نقلا عن كتاب لعالم المصريات الفرنسي »فونتان«، أنه تم العثور علي بردية اسمها »أنانا«، ترجع إلي سنة 0231 قبل الميلاد تحمل العبارة الآتية: »الإنسان يعود ثانية إلي الحياة عدة مرات، لكنه لا يتذكر حيواته السابقة إلا في الحلم أحيانا، أو كفكرة مرتبطة بحادثة، أو مكان، ولا يمكنه تحديد زمان ذلك.. لكنه يعلم فحسب انها حادثة مألوفة، أو مكان، مألوف، عنده«. ومثلما كان الفراعنة يؤمنون بالعودة إلي التجسد، كذلك كان الاغريق والرومان، وقبائل وشعوب أوروبية أخري.. وعندما نزلت الأديان السماوية أكدت هذه العودة.. وفي القرآن الكريم توجد ايات عديدة تشير إلي ذلك.. ففي الآية الثامنة والعشرين من سورة البقرة، يقول جل شأنه: »كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون«.. (لاحظ ان الموت ورد في هذه الآية مرتين.. والموت تسبقه حياة بطبيعة الحال..).. وفي سورة غافر يقول المولي: »قالوا ربنا أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل«.. وفي سورة طه يقول سبحانه وتعالي في الأية الخامسة والخمسين: »منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخري«.. وأنا لا أريد ان اجتهد في تفسير هذه الآيات البينات.. ولكني أوردتها لانها تفيد بأن الإنسان يموت ويحيا ويموت ويحيا مرة أخري.. وأود الاشارة إلي معلومة تقول ان الكون عبارة عن بناء هائل من »الأثير«.. وان النجوم والكواكب، التي عرفناها والتي لم نعرفها حتي الان، تسبح في نسيجه علي مدارات محددة بدقة متناهية.. وانه لو لم يكن الكون كذلك لطاش كل ما فيه وتبعثر.. وقد لخص الله سبحانه وتعالي هذه الحقيقة العلمية المذهلة في ثلاث كلمات قبل ان يتوصل العلم الحديث إلي اكتشافها بعشرات المئات من السنين، عندما قال جل شأنه: »وجعلنا السماء بناء«. والعلم يقول ان النفس الإنسانية من أثير، غير القابل للفناء وسرعة ذبذبة الاشعاعات المتدفقة منها بالغة الشدة.. وهذه الذبذبة تخلق حول النفس مجالا يمكن تشبيهه بالمجال المغناطيسي.. يكون تأثيره قويا بالقرب منها، ويضعف بالابتعاد عنها.. وكما ان هناك مغاطيسا قوي الشحنة، ومغناطيسا أقل قوة، فان هناك نفسا عالية الشحنة، ونفسا منخفضة الشحنة.. ولعل هذا يفسر لنا ما لبعض الناس من هيبة، وحضور، وقوة شخصية.. وافتقاد البعض الآخر لذلك. والنفس الإنسانية تجيء إلي الحياة الدنيا وتذهب عنها إلي حيث لا نعلم.. أما الجسد المادي فليس سوي وعاء تحل فيه النفس، أو رداء ترتديه، ليصبح لها ذلك المظهر الملموس، أو المحسوس، فإذا خرجت منه أصبح شيئا فارغا.. والقرآن الكريم أكد في أكثر من موضع حقيقة ان الإنسان نفس وجسد، وعندما نتأمل قوله تعالي في الآيات 72 و82 و92 و03 من سورة الفجر: »يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلي ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي«.. ندرك علي الفور ان النفس حين تغادر الجسد المادي بالوفاة، تعود إلي خالقها بكامل ادراكها وحسها وذاكرتها، اذ من غير المنطقي أو المعقول ان تحاسب النفس لكي تثاب أو تعاقب، وهي بغير ذاكرة، أو حس، أو ادراك.. وبعبارة اخري يمكن القول بأن النفس كيان كامل عاقل خالد إلي الأبد.. وهي حين تجيء إلي الحياة الدنيا بالولادة، وتذهب عنها بالوفاة، فان المجيء ليس عشوائيا، وكذلك الذهاب.. وبين المولد والوفاة فترة زمنية لابد ان تحقق النفس خلالها درجة من السمو، والتطهر، والارتقاء، تتيح لها الوصول إلي هدفها النهائي في الاستقرار بالقرب من الذات الالهية، التي هي في الأصل نفخة منها.. وهذا الارتقاء لا يتحقق إلا بالعلم، لان الذي يعلم هو الذي يدرك، والذي يدرك هو الذي يؤمن، والذي يؤمن هو الذي يطمئن. وعلماء »البارا سيكولوجي« يقولون ان الحياة علي الأرض، أشبه بمدرسة تجيء اليها النفس لتتزود بالعلم الذي يؤهلها للارتقاء لمرتبة أعلي.. فإذا فشلت أو رسبت تعود إلي المدرسة مرة أخري للاعادة..!! العودة إلي الحياة هناك حالات نادرة سجلها الباحثون.. عن أشخاص يتحدثون عن وقائع رأوها بأعينهم، أو سمعوها باذانهم، لا تمت بأية صلة إلي حياتهم الحاضرة، ثم بعد ذلك اتضح ان ما كان يتحدث عنه أولئك الأشخاص قد حدث بالفعل ولكن في عصور سابقة وهذه الظاهرة هي ما أطلق عليها الباحثون »رؤي من قبل« »SEEN BEFORE« و»سمع من قبل« »HEARD BEFORE«.. وهذه الظاهرة ليست حديثة، بل هي قديمة قدم الانسان ذاته، ولكن كان علماء النفس لا يعطونها ما تستحقه من اهتمام، بل كان بعضهم ينكر حدوثها.. إلا ان علماء »الباراسيكولوجي« الذين يهتمون بما وراء النفس، يعطونها الآن اهتماما بالغا.. وقد قاموا بتجارب عديدة، كان الهدف منها استكشاف اغوار الذات الانسانية بما في ذلك أغوار العقليين الواعي والباطن.. والأمر المهم في هذه التجارب هو تسجيل هذه الظواهر بدقة، وعناية، ومثابرة، ثم تحليلها تحليلا علميا صحيحا، للخروج منها بمعرفة حقيقة النفس التي كانت ولا تزال لغزا شديد الغموض!! وأعود إلي كتاب »في العودة إلي التجسد« للاستاذ الدكتور رءوف عبيد لأنقل عنه طائفة من »ذكريات« بعض الاحلام. »في جريدة اسمها »لابريس« نشر احد الكتاب الفرنسيين بتاريخ 02 سبتمبر 8691، ويدعي »بونصون دي تيراي« مقالا قال فيه انه يتذكر انه عاش في إنجلترا تحت حكم »هنري الثالث« و»هنري الرابع«.. وان الملك العظيم -بحسب ذاكرته- لم يكن يشبه في شيء ذلك الملك الذي كان يتحدث عنه والده.. ويقول ان »تيوفيل جوته« و»الكسندر ديماس« أكدا في مناسبات عديدة اعتقادهما بأنهما قد مرا بحيوات سابقة استنادا إلي ذكريات شخصية باقية لديهما عنها..«. »ويقول كاتب آخر في جريدة »جورنال ليتيريه« الأدبية، الصادرة بتاريخ 52 سبتمبر سنة 4691، في مقال عن تاريخ حياة الكاتب »ميري« انه كان يعتقد اعتقادا جازما انه سبق له ان عاش عدة مرات، وانه يذكر بعض التفاصيل الصغيرة المتعلقة بتلك الحيوات، ومنها انه اشترك في حرب أهل الغال »فرنسا« وحارب في ألمانيا تحت امرة »جرمانيكوس«.. وانه تعرف علي عدة مواقع سبق ان عسكر فيها، وعلي بعض وديان حارب فيها، وكان اسمه حينذاك »مينيوس«. »ويري الجنرال الأمريكي »جورج باتون« »توفي عام 5491« عن نفسه انه واجه موقفا حرجا في الحرب العالمية الأولي، عندما كان يقود جيشه في فرنسا.. فقد شاهد في الحلم بعض أقاربه الذين ماتوا منذ فترة طويلة.. وطلبوا منه المبادرة إلي الهجوم الفوري، فنهض وقام بهجمة مباغتة حققت النصر لجيشه، وأصيب فيها بجراح بليغة شفي منها فيما بعد. ويقول انه شاهد في الحلم والده المتوفي مرات عديدة، وقال انه شاهده بعد وفاته مباشرة في سنة 6291، وأخبره انه سيشترك في حرب لم يحدث في التاريخ مثلها.. وقد تحققت هذه الرؤية باشتراكه في الحرب العالمية الثانية«. »وكان الجنرال »باتون« يعتقد ايضا في صحة ظاهرة العودة للتجسد، ويقول انه في تجسد سابق له اشترك في حرب طروادة، ثم في فرقة القائد الروماني »قيصر« العاشرة، وشارك أيضا في الحرب الصليبية«!! ويعتبر الجنرال »باتون« في ذلك يشبه »نابليون بونابرت« الذي كان يعتقد انه هو نفسه الاسكندر الأكبر، وقد عاد للتجسد من جديد.. وكان »نابليون« يؤكد ذلك لبعض خلصائه الذين كانوا يحملون أقواله علي محمل الدعابة لا الجد«. ويقول الدكتور رءوف عبيد: »أن هناك وقائع عديدة تأيدت بتحقيقات جادة في بيئات وظروف متنوعة، عن ظاهرتي »رؤي من قبل« و»سمع من قبل«.. ومن هذه الوقائع ما رواه »فيلدنج هول« مؤلف كتاب »روح شعب« عن قصة فتاة صغيرة في السابعة من عمرها.. قالت ذات يوم انها كانت رجلا في حياة سابقة يعمل في معرض للعرائس المتحركة.. وقد اراد والدها التأكد من صدق ما تقوله فاشتري لها عروسة، فما كان منها إلا ان امسكت علي الفور خيوطها بيديها بطريقة صحيحة، مع انها لم تكن قد رأت عروسة متحركة طول حياتها.. وقالت »لقد تزوجت من أربع نسوة ماتت منهن اثنتان وطلقت الثالثة، وظلت الرابعة علي قيد الحياة بعد وفاتي.. ولا تزال حية ترزق.. اما التي طلقتها فكانت فظيعة.. وقد ضربتني ذات يوم بالساطور في كتفي..« ويقول الدكتور رءوف عبيد: »لقد اجري »فيلدنج هول« بعض التحريات وتمكن من الوصول إلي الزوجة المطلقة التي كانت لا تزال علي قيد الحياة، واعترفت له بانها ضربت زوجها الذي كان يعمل في معرض للعرائس، بالساطور في كتفه قبل ان يموت بحوالي سنة!!« ان الوقائع التي تؤكد ان أشخاصا ماتوا وعادوا إلي الحياة عدة مرات، كثيرة وموثقة.. وربما أعود للحديث عن بعضها فيما بعد!!