لم أفاجأ بسرقة لوحة »زهرة الخشخاش« للفنان العالمي فان جوخ من متحف محمد محمود خليل بعدما أصبح التسيب والإهمال في حياتنا هو القاعدة والانضباط هو الاستثناء.. كل ما يحدث حولنا يجعلنا نتوقع أي شئ.. وكل كارثة تقع نكتشف أن وراءها الإهمال ونعلن عن إجراءات وقرارات عنترية لمنع تكرارها ولا نتابع تنفيذها حتي تقع كارثة جديدة.. وكما يقولون أن الحزن يبدأ كبيرا ثم يتضاءل فإن وقع كل كارثة يبدأ أيضا كبيرا بسبب عنصر المفاجأة ثم يتضاءل حتي يتلاشي. ما الفرق بين الإهمال في حادث سرقة لوحة »زهرة الخشخاش« والإهمال في حادث احتراق قطار الصعيد أو قصر ثقافة بني سويف أو غرق العبارة السلام 89...الخ؟ الظروف مختلفة والنتيجة واحدة. ما فاجأني حقا هي تلك الحرب التي اشتعلت فجأة بين القيادات والعاملين بوزارة الثقافة بدءاً من وزيرها الفنان فاروق حسني حتي أصغر موظف أمن علي باب المتحف والتي كشفت عن تردي العلاقات الشخصية بين قيادات الوزارة إلي حد مؤسف جعل كلا منهم يحاول النجاة بنفسه بمنطق »أنا.. ومن بعدي الطوفان«! أحباء الأمس أصبحوا اليوم أعداء.. وأصدقاء ورجال الوزير وجدوا في محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية كبشا مناسبا يفتدون به أنفسهم.. في المقابل قال شعلان »لن أغرق وحدي« فراح يقدم لوسائل الإعلام أدلة براءته من تهمة الإهمال والتقصير وأهمها المستندات الرسمية التي تثبت أنه طلب 04 مليون جنيه لتأمين المتاحف عام 8002 لكنه لم يحصل علي أكثر من نصف مليون جنيه فقط. لكن الوزير رد في تصريحات صحفية وتليفزيونية متعاقبة مؤكدا أن تغيير نظام الأمن بالكامل في متحف محمد محمود خليل لا يتكلف أكثر من 008 ألف جنيه وأن محسن شعلان كان لديه الاعتمادات الكافية لإصلاح كاميرات المراقبة وتطوير نظام تأمين المتحف لكنه لم يفعل ولم يبلغه أن كاميرات المراقبة معطلة ولهذا فهو مسئول عما حدث من إهمال أدي إلي سرقة اللوحة. التحقيقات في الحادث والتي جرت تحت إشراف النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود لم تصل إلي مرتكب الحادث حتي الآن مما يزيد الأمر غموضا.. لكنها ستكشف كل التفاصيل فيما يتعلق بالاهمال الذي أدي إلي سرقة اللوحة وتحدد المسئول عما وصل إليه نظام الأمن في متحف محمد محمود خليل من تدهور. آخر كلام لوحة »زهرة الخشخاش« سرقت عام 77 وعادت عام 87.. فهل تعود مرة أخري ؟