أكد الرئيس حسني مبارك علي ضرورة العمل علي انجاح المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، واستعادة الثقة والشعور بالامان. جاء ذلك في المقال الذي كتبه الرئيس مبارك في صحيفة نيويورك تايمز الامريكية تحت عنوان »خطة سلام في متناول يدنا«. وفيما يلي نص مقال الرئيس : عشر سنوات طوال مضت منذ آخر مرة اقترب فيها الفلسطينيون والاسرائليون من التوصل الي سلام شامل بينهما، وذلك في يناير 1002 بمدنية طابا المصرية. وخلال مشوار خدمتي في القوات الجوية المصرية، كنت شاهدا علي الاثار المأساوية التي خلفتها الحروب بين العرب واسرائيل. وكرئيس لمصر عاصرت مراحل النجاح والفشل لمسيرة السلام الفلسطينية - الاسرائيلية فقرار مصر بأن تكون اول دولة عربية تقيم السلام مع اسرائيل كلفها حياة سلفي الرئيس الراحل انور السادات ومنذ ذلك اليوم في عام 1981 الذي شاهدت فيه اغتياله علي يد متطرفين، سعيت لتحويل حلم السلام الدائم في الشرق الاوسط الي حقيقة. والآن، وبعد انقطاع دام قرابة العامين، نفتح فصلا جديدا في هذا التاريخ الطويل. ويزعم الكثيرون ان هذه الجولة من المفاوضات التي نحن مقبلون عليها - والتي تبدأ باجتماعات بين الرئيس الامريكي باراك أوباما، ورئيس وزرا"ء اسرائيل نتيناهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الاردني الملك عبدالله، وبيني - محكوم عليها سلفا بالفشل مثلها مثل غيرها. الا ان تدخل الرئيس أوباما وتصميمه جددا املنا في السلام، وينبغي عليها اغتنام هذه الفرصة. فالإطار العام لتحقيق التسوية الدائمة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي واضح ويتمثل في اقامة الدولة الفلسطينية علي الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 7691 علي ان تكون القدس عاصمة لكلا الدولتين فلسطين واسرائيل.. كما ان جولات المفاوضات السابقة قد حسمت الكثير من التفاصيل الخاصة بالتسوية النهائية لقضايا اللاجئين والحدود والقدس والامن. وباتت العقبة الأكبر التي تقف الآن في طريق النجاح هي عقبة نفسية، اذ ان الاثر المتراكم لسنوات من العنف، وتوسيع المستوطنات الاسرائيلية افضت الي انهيار الثقة بين الجانبين وانه في سبيل انجاح المفاوضات لابد من استعادة الثقة والشعور بالامان. كيف نحقق ذلك؟ أولا، لابد من صيانة عملية السلام من اندلاع موجات جديدة من العنف، ومن اجل ذلك فإن مصر علي استعداد لاستئناف جهودها لتسوية مجمل القضايا الصعبة المرتبطة بقطاع غزة من خلال التوسط لانجاز اتفاق لتبادل الاسري بين اسرائيل وحركة حماس التي تسيطر علي القطاع، ووضع نهاية للحصار الاسرائيلي، وتحقيق المصالحة بين حماس وفتح التي تسيطر علي الضفة الغربية. وكل ذلك امر يمثل ضرورة ملحة لتحقيق التسوية علي اساس صيغة الدولتين، فالجانب الفلسطيني لا يمكن ان يقيم سلاما في ظل حالة الانقسام الداخلي التي يعيشها، كما ان استبعاد قطاع غزة من اطار السلام يعني بقاءه كبؤرة للصراع سوف تقوض اي اتفاق مستقبلي للتسوية. ويتوقف نجاح اي سلام فلسطيني علي تضمين هذا السلام في اطار سلام اقليمي اشمل بين العرب واسرائيل فالمبادرة العربية للسلام، التي اقرتها جميع الدول العربية، تطرح علي اسرائيل السلام والتطبيع مقابل انسحابها من الاراضي العربية والتوصل الي حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ولكن الي ان يتحقق ذلك ينبغي علي الجانبين التحرك لاظهار ان هذا الحلم اصبح في متناول اليد. فالدول العربية عليها ان تواصل السعي من اجل اثبات جدية مبادرتها للسلام من خلال خطوات تخاطب آمال الشعب الاسرائيلي وهمومه. ومن جانبها علي اسرائيل ان توقن ان السلام والاستيطان امران متعارضان، اذ ان المتسوطنات تعمق الاحتلال الذي يسعي الفلسطينيون لانهائه ومن ثم فإن قيام اسرائيل بوقف توسيع المستوطنات بشكل كامل في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية امر حيوي لنجاح المفاوضات بدءا بتجديد فترة تجميد بناء المستوطنات التي تنتهي هذا الشهر. ولا يمكن ان يتأتي بناء الثقة لدي الطرفين الا علي قاعدة متينة من الامن غير ان دواعي الامن لا يمكن ان تكون مبررا لاستمرار احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية لان ذلك يقوض من المبدأ الحاكم المتمثل في الارض مقابل السلام. ومع اقراري بأن لاسرائيل مطالب امنية مشروعة، فان ذلك يمكن ان يتوافق مع المطلب الفلسطيني العادل بانسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي المحتلة. وتؤمن مصر بأن تواجد قوات دولية في الضفة الغربية لمدة زمنية يتم الاتفاق عليها من الجانبين يمكن ان يوفر الثقة والامن لكليهما. واخيرا تطرح مصر استعدادها لاستضافة الجولات التالية للمفاوضات، فقد تحققت جميع الاتفاقات الرئيسية بين الفلسطينيين والاسرائيليين بمشاركة مصرية فاعلة وذلك بالتعاون الوثيق مع الولاياتالمتحدة وجاءت المفاوضات التي انعقدت في منتجع طابا عام 1002 لتمثل النقطة التي اقترب فيها الطرفان اكثر من اي وقت مضي من التوصل الي اتفاق ينهي الصراع. دعونا نبدأ من حيث انتهينا واملنا ان روح التفاعل الايجابي التي صاحبت هذه المفاوضات سوف تصل بنا الي النجاح. نحن نعيش في عالم يعاني من ويلات التطرف، ومن شأن التوصل الي سلام دائم بين اسرائيل والفلسطينيين ان يجلب شعاع الامل الي الشرق الاوسط وللعالم اجمع. وكشاهد علي اهوال الحرب، وايضا امال السلام، اناشد جميع الاطراف ان يعملوا لكي تكون هذه الجولة الجديدة من المفاوضات هي الجولة التي تحقق النجاح.