في خطابه الاسبوعي الي الشعب الأمريكي خاصم الرئيس أوباما الحقيقة عندما تناول كارثة العراق التي هي من صنع الظلم والعدوانية والحقد الذي مازال يحكم السياسة الامريكية تجاه العرب. هل فكر وهو يكتب ويلقي هذا الخطاب فيما فعلته هذه السياسة في العراق؟. لقد زعم ان الجيش الامريكي سوف ينهي وجوده القتالي في هذا البلد العربي خلال الساعات القليلة القادمة مستكملا بذلك انسحاب 09 ألف جندي وانه لن يبقي هناك سوي 05 ألف جندي تنحصر مهمتهم في تدريب الجيش العراقي وإعداده لمواجهة الاخطار التي تهدد أمن واستقرار العراق!! صحيح ان أوباما قد أوفي بوعده في الحد من التواجد العسكري الأمريكي في العراق ولكن ليس صحيحا ابدا ووفقا للحقائق الماثلة علي الارض ان ذلك يعني انهاء هذا الوجود الذي تضمن استمراره الاتفاقية الأمنية التي وقعها العملاء الذين نصبهم الاحتلال الامريكي لحكم البلاد. الشيء الذي يدعو الي السخرية حقا فيما جاء في هذا الخطاب هو حديثه عن استعادة العراق لسيادته واستقلاله وحريته. أي حرية وأي سيادة وأي استقلال هذا الذي تحدث عنه والعالم كله يعلم ان هذا الانهاء الصوري المزعوم لهذا الوجود العسكري انما يتم بينما العراق ممزق ومتقطعة أوصاله تفترسه الطائفية ويغتال ثروته ومقوماته الفساد والمفسدون من العلماء. ان انسحاب هذه الاعداد من القوات الامريكية المقاتلة انما يستهدف تجنب الخسائر في الارواح التي كانت تتعرض لها نتيجة حالة الانفلات الامني التي يروح ضحيتها الآلاف من المواطنين العراقيين الابرياء. اذن فقد كان واجبا علي أوباما اذا كان صادقا ان يقول انه ينسحب من العراق بعد أن قضي علي أمنه واستقراره وسيادته وقدمه فريسة سهلة لمحافل الدمار الايراني التي تتربص به وبكل منطقة الخليج العربي. وتتويجا لمخطط القضاء علي دولة العراق والذي بدأ بعملية الغزو الاجرامية التي استخدم فيها نظام صدام حسين الفاسد كحصان طروادة فإن ما يجري علي الساحة العراقية حاليا من صراع علي السلطة بين العملاء يعكس المستقبل المظلم الذي ينتظر هذا البلد العربي. ان هؤلاء العملاء وبعد ستة شهور من الخلافات وعدم الاتفاق حول تقسيم التركة واستجابة للضغوط وتوجهات وتدخلات طهرانوواشنطن مازالوا غير قادرين علي تشكيل الحكومة رغم تجاوز المهلة القانونية التي نص عليها الدستور الذي أرسي قواعد الطائفية ورغم ذلك يصفونه بأنه محور بناء العراق الجديد!! ليس أمامنا في مواجهة ما يحدث من كذب وخداع وتدليس سوي ان نهنيء الرئيس أوباما علي نجاحه في الوفاء بوعده لما يسمي بالانسحاب الامريكي من العراق وهو ليس انسحابا وانما وجود أبدي يستهدف السيطرة والهيمنة علي كل منطقة الخليج الغنية بالبترول. انه يحاول بهذا الاعلان التأثير في سير المعركة الانتخابية الخاصة بالتجديد النصفي للكونجرس والتي ستجري بعد اسابيع قليلة. لم يقل ان هذا الانسحاب المزعوم والذي ترك وراءه عشرات القواعد الامريكية يجري بينما يتعمد الاحتلال عدم التدخل في انهاء الصراعات السياسية التي جعلت من استقرار العراق أملا مستحيلا. وكما سبق أن ذكرت في مقال لي الاسبوع الماضي تحت عنوان »ما يجري في العراق علي هوي واشنطن«. فانني اعود لأقول وعلي ضوء الواقع الأليم واصرار كل القيادات السياسية الحالية في العراق علي تفعيل المخطط الأمريكي الصهيوني، ان ما تقوم به واشنطن تجاه هذا البلد لا يتسم أبدا بالبراءة. ان في إمكانها اذا كانت جادة في مزاعمها ان تتيح الفرصة الحقيقية للعراق لاستعادة سيادته وأمنه واستقراره بانهاء هذا الصراع الدائر بين عملائها.