ببركة دعاء الوالدين.. يستطيع الإنسان أن يحقق قصة نجاحه.. ويري ثمرات هذه البركة بقوة في اصعب مواقف من حياته وهو ما حدث مع الشابة د. هالة عبدالحكيم عبدالهادي حسن الحاصلة علي عدة جوائز علمية من داخل وخارج البلاد آخرها جائزة الدولة في العلوم العام الماضي، حيث كانت تؤمن بهذه المقولة وحققت رغبة والديها في الالتحاق بكلية الهندسة.. ومن هنا بدأت مشوارها مع النجاح والتألق منذ إلتحاقها بكلية الهندسة جامعة القاهرة عام 29 وحصولها علي الماجستير والدكتوراه، حتي جاءتها فرصه السفر والالتحاق بجامعة»كيس ويسترن ريزرف« بكليفيلاند بالولايات المتحدةالأمريكية في مهمة علمية تابعة لهيئة فولبرايت الأمريكية لمدة 9 أشهر.. ومهمة علمية أخري تابعة للتعاون العلمي بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية »شباب الباحثين«، وكان توقيت السفر في المرة الأولي توقيتا عصيبا بالنسبة للعالم كله حيث عاصرت فترة تفجيرات 11 سبتمبر في نيويورك التي غيرت المزاج العام الأمريكي ضد المسلمين والعرب. وعن البداية.. تقول د. هالة: سافرت إلي أمريكا قبل هذه الأحداث وتوقعت مواجهة مشاكل ومصاعب هناك.. لكن بركة دعاء الوالدين ظهرت ثمارها في هذا التوقيت الحرج حيث ان استاذي بالجامعة وزملائي وجيراني رغم اختلاف جنسياتهم ودياناتهم إلا أن مشاعرهم كانت مختلفة فكانوا دائما حريصين عليَّ ان يقدمون لي النصيحة والتحذير من الأماكن التي يجب إلا أسير فيها عند ذهابي للجامعة حتي لا أتعرض لأي اضطهاد من العناصر المتطرفة.. وامتدت ثمار دعائهما إلي اهتمام البروفسير المشرف علي مشروعاتي البحثية برعايتي والوقوف بجانبي والموافقة علي نزولي القاهرة لأخذ العزاء في والدي وحضور جنازته رغم ان ذلك سوف يعطل مشروعي البحثي ولكن كانت مودته وإنسانيته عالية جدا، لكن أمي رفضت ذلك حتي لا تتأخر مسيرتي التعليمية.. وهناك وجدت الأساتذة والزملاء يقومون بتقديم التعازي مع باقات الورد.. ولأنني كنت أول سيدة مسلمة مصرية تذهب إلي تلك الجامعة.. فكانوا حريصين علي الاستماع إلي مناقشاتي وكثيرا ما يسألونني عن الدين الإسلامي وملابس السيدة المسلمة التي كنت ارتديها.. ولماذا لا تشربين الخمر مثلنا وأشياء أخري كثيرة.. ووجدت أن هناك نوعين من البشر نوعية قارئة وفاهمة ما يدور حولها من احداث ونوعية أخري لا تقرأ ولا تفهم.. تسمع فقط دون أي استنتاج. الغريب ان معظم الجنسيات الموجودة هناك في أغلبها ورغم اختلاف دياناتها من عائلات محافظة يقتربون في سلوكياتهم من الدين الإسلامي لكنهم لا يعرفون عن ديننا إلا معلومات مغلوطة وأفكارا مشوشة، ولذلك انتهزت فرصة وجودي هناك لتوضيح وتوصيل المعلومات الصحيحة عن ديننا والحمد لله نجحت في مهمتي. وتقول د. هالة إن ابحاثها لقيت قبولا وتقديرا من الأمريكيين والعلماء هناك لأنها تتعلق بانتاج سبائك جديدة من الالومنيوم يضاف إليها حبيبات في حجم النانو »أجزاء متناهية الصغر« تتميز بقوة تحمل عالية لدرجات الحرارة المرتفعة .. وهو يفيد في انتاج محركات متطورة لسفن الفضاء.. وفي الصناعات الحربية حيث تتم دراسة تأثير ارتفاع درجة الحرارة العالية اثناء السرعات الفائقة علي رقائق الالومنيوم التي تدخل في الصناعات المختلفة.. ومن هنا جاءت أهمية التوصل لمركبات تحتوي علي حبيبات النانو المصنوعة من مواد ذات صلابة عالية تساهم في زيادة الصلابة والتحمل ومقاومة شدة الاجهاد.. وذلك بالإضافة إلي دراسات وابحاث آخري حول مادة »الزركنيوم« التي يطلق عليها الزجاج رغم ان أساسها عناصر معدنية إلا أنها تسلك سلوك الزجاج عند الكسر وتركيبها غير بلوري كالزجاج.. ولكنها تدخل في صناعات عديدة كإطار مضرب التنس ومضرب الجولف وأجزاء من التليفون المحمول والمرايا الضوئية وايضا في الأدوات الطبية وغيرها من التطبيقات ذات الأهمية المستقبلية في خدمة الاقتصاد القومي المصري. وتستطرد د. هالة انها تدين بالعرفان لأساتذتها د. حازم عبداللطيف الذي أشرف علي رسالة الماجستير وساعدها في السفر والالتحاق بجامعة »كيس« وكذلك البروفسور لوانديسكي.. وترجع سر نجاحها إلي دعاء والديها وتمسكها بتعاليم ديننا الحنيف وهي تحفظ عن ظهر قلب وتؤمن بالحديث النبوي الشريف »خيركم من تعلم وعلم الناس«.