كان »علي« اشجع فرسان الإسلام وأسمحهم.. كان المتدرع بالورع.. المتعمم بالعفة.. كان جسورا وتقيا. تحميه التقوي من وسوسة النفس الامارة بالزهو.. وزهو النفس يخب علي اثر خطاه الزلل. كان سليم القلب من الضغن.. وقلب المرء اذا ما ضغن تخلله الخلل. وقف علي »طلحة« يبكيه بكاء حارا في موقعة الجمل.. وقد كان يؤلب ضد »عليّ« افئدة من افئدة الامة.. و»عليّ« يذكر عهدهما.. ويحث »زبير بن العوام« علي ان يتذكر.. فيغمغم بينهما الجمل. ويرد الصديقة بنت الصديق معززة الركب مكرمة.. تحرسها عشرون مسلحة من نسوة »قيس« لكي لا تخدش حرمتها.. ويسير يودعها خاضعا النظرة بعد تيقنه ان الراحلة ذلول.. ودروب الرحلة ذلل. كان سليم القلب من الضغن.. ففي »صفين« وقد حجز جنود »معاوية« الماء طويلا .. رد الحشد إلي ان حاز الماء. فهل فعل كما فعلوا.. ابدا سوغ لهم السقيا.. شرب الخصم الماء كما شربوا.. هل للذهب سوي ان يصبح ذهبا بنبالته يغلو. نصح »الحسن« فقال له: إياك وان تدعو لمناجزة.. فالداعي للحرب هو الباغي.. والباغي مصروع.. كنت شجاع القلب »ابا الحسن« تقي المهجة.. والدنيا لا تطلب إلا جبناء النفس.. ومن بزخارفها عن تقوي الله انشغلوا. سأل امام الامة احد رعيته: لم ترقع مهتريء قميصك.. فاجاب »عليّ«: اذ ارقع ثوبي يخشع قلبي ويذل. جاؤوه بفالوذج يوما. فابي ان يطعمه حتي لا تعتاد النفس علي مالم تعتده. وفي امته من طاب له الملبس والمشرب والاكل. ذهب إلي خياط يسأله: هل تعرفني؟ فأجاب: نعم، فالتجأ إلي آخر لا يعرفه حتي يصرف عن الشبهات. وقال له: هات قميصين.. وكان غلام »عليّ« معه.. »اختر ايهما شئت« يقول »عليّ« لفتاه.. ويأخذ ما يتركه اخذ الشاكر لله علي كسوته بدنا يرعد في البرد ويعروه الطل. خرج »عليّ« يوما حتي يشتري التمر بسيف.. وتأسف لو كان لديه دثار ما باع السيف.. ربيب رسول الله وزوج ابنته وأبو سبطيه يعاني الفاقة والدنيا بين يديه اذا ما شاء يفيض له منها الكيل. كان »عليّ« غصنا في دوح رسول الله.. وغرفة ماء من نهر رسول الله.. وقبسا من نور رسول الله.. وكان رسول الله الدوح المتكاثف والنهر الجاري والنور الساطع. وكذلك ابدا سيظل. كان علي مقربة من سيد خلق الله.. فأثر فيه وأثره بخصائصه.. كان »محمد« المثل الاعلي في متناول عينيه.. يتابعه فيتابع قرص الشمس علي الارض الظل. كان المستهدي بابن العم الهادي المشاء علي سنته.. الطاعم من صحن رسول الله.. الشارب من قدح رسول الله.. المتنفس انساما زاكية راحت من صدر رسول الله الازكي تنسل.. حتي استغني عما في ايدي الناس جميعا.. كان الزاهد زهد الممتليء بفيض رسول الله.. وفيض رسول الله من الله تعالي ينهل. كان الزاهد والمتواضع.. حاول احدهم ان يحمل عنه محفة تمر.. وهو إمام الامة فامتنع وقال: ابوالاطفال يحق عليه الحمل. قال رسول الله: »عليّ« جيش في ذات الله.. وقال: »عليّ« مني وانا منه.. فمن سالمه سالمت. ومن حاربه كنت الحرب عليه. كذلك حق الحب لمن والاه.. وحل علي من عاداه الويل. كان يسميه رسول الله »اليعسوب«.. وما اليعسوب سوي ملك النحل. وبإذن الله لنا في ذكر »عليّ« متصل. وبنهج بلاغته نحتفل.